صفحة جزء
( واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ) مناسبة هذه الآية لما قبلها : أنه تعالى لما ذكر أن الرجال قوامون على النساء بتفضيل الله إياهم عليهن ، وبإنفاق أموالهم ، ودل بمفهوم اللقب أنه لا يكون قواما على غيرهن ، أوضح أنه مع كونه قواما على النساء هو أيضا مأمور بالإحسان إلى الوالدين ، وإلى من عطفه على الوالدين . فجاءت حثا على الإحسان ، واستطرادا لمكارم الأخلاق . وأن المؤمن لا يكتفي من التكاليف الإحسانية بما يتعلق بزوجته فقط ، بل عليه غيرها من بر الوالدين وغيرهم . وافتتح التوصل إلى ذلك بالأمر بإفراد الله تعالى بالعبادة ، إذ هي مبدأ الخير الذي تترتب الأعمال الصالحة عليه . ونظير : ( وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا ) وتقدم شرح قوله : ( وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين ) إلا أن هنا وبذي ، وهناك وذي ، وإعادة الباء تدل على التوكيد والمبالغة ، فبولغ في هذه الآية لأنها في حق هذه الأمة ، ولم يبالغ في حق تلك ، لأنها في حق بني إسرائيل . والاعتناء بهذه الأمة أكثر من الاعتناء بغيرها ، إذ هي خير أمة أخرجت للناس . وقرأ ابن أبي عبلة : وبالوالدين إحسان بالرفع ، وهو مبتدأ أو خبر فيه ما في المنصوب من معنى الأمر ، وإن كان جملة خبرية نحو قوله :


فصبر جميل فكلانا مبتلى

( والجار ذي القربى ) قال ابن عباس : و مجاهد ، و عكرمة ، والضحاك ، والسدي ، وابن زيد ، ومقاتل في آخرين : هو الجار القريب النسب ، والجار الجنب هو الجار الأجنبي ، الذي لا قرابة بينك وبينه . وقال بلعاء بن قيس :


لا يجتوينا مجاور أبدا     ذو رحم أو مجاور جنب



وقال نوف الشامي : هو الجار المسلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية