(
الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا ) . لما أمر تعالى المؤمنين أولا بالنفر إلى الجهاد ثم ثانيا بقوله : (
فليقاتل في سبيل الله ) ثم ثالثا على طريق الحث والحض بقوله : (
وما لكم لا تقاتلون ) أخبر في هذه الآية بالتقسيم أن المؤمن هو الذي يقاتل في سبيل الله ، وأن الكافر هو الذي يقاتل في سبيل الطاغوت ، ليبين للمؤمنين فرق ما بينهم وبين الكفار ، ويقويهم بذلك ويشجعهم ويحرضهم . وإن من قاتل في سبيل الله هو الذي يغلب ; لأن الله هو وليه وناصره . ومن قاتل في سبيل الله الطاغوت فهو المخذول المغلوب . والطاغوت هنا الشيطان ؛ لقوله : فقاتلوا أولياء الشيطان . وهنا محذوف ، التقدير : فقاتلوا أولياء الشيطان فإنكم لقوتكم بالله ، ثم علل هذا المحذوف ، وهو غلبتكم إياهم بأن كيد الشيطان ضعيف ؛ فلا يقاوم نصر الله وتأييده ؛ وشتان بين عزم يرجع إلى إيمان بالله وبما وعد على الجهاد ، وعزم يرجع إلى غرور وأمان كاذبة . ودخلت كان في قوله :
كان ضعيفا إشعارا بأن هذا الوصف سابق لكيد الشيطان ، وأنه لم يزل ضعيفا . وقيل هي بمعنى أي صار ضعيفا بالإسلام . وقول من زعم : أنها زائدة ؛ ليس بشيء . وقال
الحسن : أخبرهم أنهم سيظهرون عليهم ؛ فلذلك كان ضعيفا .