(
يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة وجاهدوا في سبيله لعلكم تفلحون ) مناسبة هذه
[ ص: 472 ] الآية لما قبلها ، أنه تعالى لما ذكر جزاء من حارب الله ورسوله وسعى في الأرض فسادا من العقوبات الأربع ، والعذاب العظيم المعد لهم في الآخرة ، أمر المؤمنين بتقوى الله ، وابتغاء القربات إليه ، فإن ذلك هو المنجي من المحاربة والعقاب المعد للمحاربين . ولما كانت الآية نزلت في
العرنيين والكلبيين ، أو في أهل الكتاب
اليهود ، أو في المشركين على الخلاف في سبب النزول ، وكل هؤلاء سعى في الأرض فسادا - نص على الجهاد ، وإن كان مندرجا تحت ابتغاء الوسيلة لأن به صلاح الأرض ، وبه قوام الدين ، وحفظ الشريعة ، فهو مغاير لأمر المحاربة ، إذ الجهاد محاربة مأذون فيها ، وبالجهاد يدفع المحاربون . وأيضا ففيه تنبيه على أنه يجب أن تكون القوة والبأس الذي للمحارب مقصورا على الجهاد في سبيل الله تعالى ، وأن لا يضع تلك النجدة التي وهبها الله له للمحاربة في معصية الله تعالى ، وهل الوسيلة القربة التي ينبغي أن يطلب بها ، أو الحاجة ، أو الطاعة ، أو الجنة ، أو أفضل درجاتها ; أقوال للمفسرين . وذكر رجاء الفلاح على تقدير حصول ما أمر به قبل من التقوى وابتغاء الوسيلة والجهاد في سبيله . والفلاح : اسم جامع للخلاص عن المكروه ، والفوز بالمرجو .