(
فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ) أي : فإن جاؤك للحكم بينهم فأنت مخير بين أن تحكم ، أو تعرض . والظاهر بقاء هذا الحكم من التخيير لحكام المسلمين . وعن
عطاء ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وقتادة ،
والأصم ،
وأبي مسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور : أنهم إذا ارتفعوا إلى حكام المسلمين ، فإن شاءوا حكموا وإن شاءوا أعرضوا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
وعكرمة ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16566وعطاء الخراساني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16673وعمر بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري : التخيير منسوخ بقوله : (
وأن احكم بينهم بما أنزل الله ) فإذا جاءوا فليس للإمام أن يردهم إلى أحكامهم . والمعنى عند غيرهم : وأن احكم بينهم بما أنزل الله إذا اخترت الحكم بينهم دون الإعراض عنهم . وعن
أبي حنيفة : إن احتكموا إلينا حملوا على حكم الإسلام ، وأقيم الحد على الزاني بمسلمة ، والسارق من مسلم . وأما أهل
الحجاز فلا يرون إقامة الحدود عليهم ، يذهبون إلى أنهم قد صولحوا على شركهم وهو أعظم من الحدود ، ويقولون : إن رجم اليهوديين كان قبل نزول الجزية . وقال
ابن عطية : الأمة مجمعة على أن حاكم المسلمين يحكم بين أهل الذمة في التظالم ، ويتسلط عليهم في تغيير ، ومن ذلك حبس السلع المبيعة وغصب المال . فأما نوازل الأحكام التي لا تظالم فيها ، وإنما هي دعاء ومحتملة ، فهي التي يخير فيها الحاكم . انتهى . وفيه بعض تلخيص . وظاهر الآية يدل على مجيء المتداعيين إلى الحاكم ، ورضاهما بحكمه كاف في الإقدام على الحكم بينهما . وقال
ابن القاسم : لا بد مع ذلك من رضا الأساقفة والرهبان ، فإن رضي الأساقفة دون الخصمين ، أو الخصمان دون الأساقفة ، فليس له أن يحكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ، وغيرهم : فإن جاءوك يعني أهل نازلة الزانيين ، ثم الآية تتناول سائر النوازل . وقال قوم : في قتيل
اليهود من
قريظة والنضير . وقال قوم : التخيير مختص بالمعاهدين لازمة لهم . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه يجب على حاكم المسلمين أن يحكم بين أهل الذمة إذا
[ ص: 490 ] تحاكموا إليه ، لأن في إمضاء حكم الإسلام عليهم صغارا لهم ، فأما المعاهدون الذين لهم مع المسلمين عهد إلى مدة فليس بواجب عليه أن يحكم بينهم ، بل يتخير في ذلك ، وهو التخيير الذي في الآية وهو مخصوص بالمعاهدين . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي مثل قول
عطاء والنخعي .
(
وإن تعرض عنهم فلن يضروك شيئا ) أي : أنت آمن من ضررهم ، منصور عليهم على كل حال ; وكانوا يتحاكمون إليه لطلب الأيسر والأهون عليهم ، فالجلد مكان الرجم ، فإذا أعرض عنهم وأبى الحكومة بينهم شق عليهم وتكرهوا إعراضه عنهم ، وكانوا خلقاء بأن يعادوه ويضروه ، فأمنه الله منهم ، وأخبره أنهم ليسوا قادرين على شيء من ضرره .