(
فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا ) هذا نهي للحكام عن خشيتهم غير الله في حكوماتهم ، وإذهابهم فيها وإمضائها على خلاف ما أمروا به من العدل بخشية سلطان ظالم ، أو خيفة أذية أحد من الغرماء والأصدقاء . ولا تستعطوا بآيات الله ثمنا قليلا ; وهو الرشوة وابتغاء الجاه ورضا الناس ، كما حرف أحبار
اليهود كتاب الله وغيروا أحكامه رغبة في الدنيا وطلبا للرياسة فهلكوا . وهذا نهي عن جميع المكاسب الخبيثة بالعلم والتحيل للدنيا بالدين . وروى
أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن معناه : لا تخشوا الناس في إظهار صفة
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، والعمل بالرجم ، واخشون في كتمان ذلك . ولما كان الإقدام على تغيير أحكام الله سببه شيئان : الخوف ، والرغبة ، وكان الخوف أقوى تأثيرا من الرغبة ، قدم النهي عن الخوف على النهي عن الرغبة والطمع . والظاهر أن هذا الخطاب لليهود على سبيل الحكاية والقول لعلماء بني إسرائيل . وقال
مقاتل : الخطاب ليهود المدينة قيل لهم : لا تخشوا يهود
خيبر أن تخبروهم بالرجم ، واخشوني في كتمانه . انتهى . وهذا وإن كان خطابا لعلماء
بني إسرائيل ، فإنه يتناول علماء هذه الأمة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : هو خطاب لهذه الأمة ; أي : لا تخشوا الناس كما خشيت اليهود الناس ، فلم يقولوا الحق .
(
ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ظاهر هذا العموم ، فيشمل هذه الأمة وغيرهم ممن كان قبلهم ، وإن كان الظاهر أنه في سياق خطاب اليهود ، وإلى أنها عامة في اليهود وغيرهم ; ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وإبراهيم ،
وعطاء ، وجماعة ولكن كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق ; يعني أن كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر ، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملة ، قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس . وقال
أبو مجلز : هي مخصوصة باليهود والنصارى وأهل الشرك وفيهم نزلت . وبه قال :
أبو صالح قال : ليس في الإسلام منها شيء . وروي في هذا حديث عن
البراء عن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم : (
إنها الثلاثة في الكافرين ) قال
عكرمة ،
والضحاك : هي في أهل الكتاب ، وقاله :
عبد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، وذكر
أبو عبيدة هذه الأقوال فقال : إن بشرا من الناس يتأولون الآيات على ما لم تنزل عليه ، وما أنزلت هذه الآيات إلا في حيين من
يهود قريظة والنضير ، وذكر حكاية القتل بينهم . وقال
الحسن : نزلت في
اليهود [ ص: 493 ] وهي علينا واجبة . وقيل
لحذيفة : أنزلت هذه الآية في
بني إسرائيل ؟ فقال : نعم الإخوة لكم
بنو إسرائيل إن كانت لكم كل حلوة ولهم كل مرة ، لتسلكن طريقهم قد الشراك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير : إن الكافرين والظالمين والفاسقين أهل الكتاب ، وعنه : نعم القوم أنتم ما كان من حلو فلكم ، وما كان من مر فهو لأهل الكتاب . من جحد حكم الله كفر ، ومن لم يحكم به وهو مقر به ظالم فاسق . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : الكافرون في أهل الإسلام ، والظالمون في
اليهود ، والفاسقون في
النصارى . وكأنه خصص كل عام منها بما تلاه ، إذ قبل الأولى : (
فإن جاءوك فاحكم بينهم ) و (
وإن حكمت فاحكم ) و (
وكيف يحكمونك ) و (
يحكم بها النبيون ) وقبل الثانية : (
وكتبنا عليهم فيها ) وقبل الثالثة : (
وقفينا على آثارهم بعيسى ابن مريم مصدقا لما بين يديه ) الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ومن لم يحكم بما أنزل الله مستهينا به ، فأولئك هم الكافرون والظالمون والفاسقون ، وصف لهم بالعتو في كفرهم حين ظلموا آيات الله بالاستهزاء والاستهانة وتمردوا بأن حكموا بغيرها . انتهى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : من خالف حكم الله وتركه عامدا وتجاوزه وهو يعلم ، فهو من الكافرين حقا ، ويحمل هذا على الجحود ، فهو الكفر ضد الإيمان كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . واحتجت
الخوارج بهذه الآية على أن كل من عصى الله تعالى فهو كافر ، وقالوا : هي نص في كل من حكم بغير ما أنزل الله فهو كافر ، وكل من أذنب فقد حكم بغير ما أنزل الله فوجب أن يكون كافرا . وأجيبوا : بأنها نزلت في
اليهود ، فتكون مختصة بهم . وضعف بأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . ومنهم من قال : تقديره ومن لم يحكم بما أنزل الله من هؤلاء الذين سبق ذكرهم قبل ، وهذا ضعيف ، لأن من شرط وهي عام ، وزيادة ما قدر زيادة في النقص ، وهو غير جائز . وقيل : المراد كفر النعمة ، وضعف بأن الكفر إذا أطلق انصرف إلى الكفر في الدين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : فعل فعلا يضاهي أفعال الكفار ، وضعف بأنه عدول عن الظاهر . وقال
عبد العزيز بن يحيـى الكناني : ما أنزل صيغة عموم ، فالمعنى : من أتى بضد حكم الله في كل ما أنزل الله ، والفاسق لم يأت بضد حكم الله إلا في القليل وهو العمل ، أما في الاعتقاد والإقرار فهو موافق . وضعف بأنه لو كان كذلك لم يتناول هذا الوعيد
اليهود بسبب مخالفاتهم حكم الله في الرجم . وأجمع المفسرون على أن هذا الوعيد يتناول
اليهود بسبب مخالفتهم حكم الله في واقعة الرجم ، فدل على سقوطه هذا . وقال
عكرمة : إنما يتناول من أنكر بقلبه وجحد بلسانه ، أما من عرف أنه حكم الله وأقر بلسانه أنه حكم الله ، إلا أنه أتى بما يضاد ، فهو حاكم بما أنزل الله ، لكنه تارك له ، فلا يلزم دخوله تحت هذه الآية .
(
وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) مناسبة هذه الآية لما قبلها أنه تعالى بين في التوراة أن حكم الزاني المحصن : الرجم وغيره
اليهود ، وبين هنا أن في التوراة : إن النفس بالنفس وغيره
اليهود أيضا ، ففضلوا
بني النضير على
بني قريظة ، وخصوا إيجاب القود على
بني قريظة دون
بني النضير . ومعنى وكتبنا : فرضنا . وقيل : قلنا والكتابة بمعنى القول
[ ص: 494 ] ويجوز أن يراد الكتابة حقيقة ، وهي الكتابة في الألواح ، لأن التوراة مكتوبة في الألواح ، والضمير في فيها عائد على التوراة ، وفي : عليهم ، على الذين هادوا . وقرأ
نافع ،
وحمزة ،
وعاصم : بنصب والعين وما بعدها من المعاطيف على التشريك في عمل أن النصب ، وخبر أن هو المجرور ، وخبر والجروح قصاص ، وقدر
أبو علي العامل في المجرور مأخوذ بالنفس إلى آخر المجرورات ، وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أولا : مأخوذة بالنفس مقتولة بها إذا قتلها بغير حق ، وكذلك العين مفقوءة بالعين ، والأنف مجدوع بالأنف ، والأذن مأخوذة مقطوعة بالأذن ، والسن مقلوعة بالسن . وينبغي أن يحمل قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : مقتولة ومفقوأة ومجدوع ومقطوعة على أنه تفسير المعنى لا تفسير الإعراب ، لأن المجرور إذا وقع خبرا لا بد أن يكون العامل فيه كونا مطلقا ، لا كونا مقيدا . والباء هنا باء المقابلة والمعاوضة ، فقدر ما يقرب من الكون المطلق وهو مأخوذ . فإذا قلت : بعت الشاء شاة بدرهم ، فالمعنى مأخوذ بدرهم ، وكذلك الحر بالحر ، والعبد بالعبد ; التقدير : الحر مأخوذ بالحر ، والعبد مأخوذ بالعبد ; وكذلك هذا الثوب بهذا الدرهم معناه مأخوذ بهذا الدرهم . وقال
الحوفي : بالنفس يتعلق بفعل محذوف تقديره : يجب ، أو يستقر . وكذا العين بالعين وما بعدها مقدر الكون المطلق ; والمعنى : يستقر قتلها بقتل النفس . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي : برفع " والعين " وما بعدها . وأجاز
أبو علي في توجيه الرفع وجوها . الأول : أن الواو عاطفة جملة على جملة ، كما تعطف مفردا على مفرد ، فيكون والعين بالعين جملة اسمية معطوفة على جملة فعلية وهي : وكتبنا ، فلا تكون تلك الجمل مندرجة تحت كتبنا من حيث اللفظ ، ولا من حيث التشريك في معنى الكتب ، بل ذلك استئناف إيجاب ، وابتداء تشريع . الثاني : أن الواو عاطفة جملة على المعنى في قوله : إن النفس بالنفس ; أي : قل لهم النفس بالنفس ، وهذا العطف هو من العطف على التوهم ، إذ يوهم في قوله : إن النفس بالنفس ، إنه النفس بالنفس ، والجمل مندرجة تحت الكتب من حيث المعنى ، لا من حيث اللفظ . الثالث : أن تكون الواو عاطفة مفردا على مفرد ، وهو أن يكون : والعين معطوفا على الضمير المستكن في الجار والمجرور ; أي : بالنفس هي والعين ، وكذلك ما بعدها . وتكون المجرورات على هذا أحوالا مبينة للمعنى ، لأن المرفوع على هذا فاعل ، إذ عطف على فاعل .
وهذان الوجهان الأخيران ضعيفان : لأن الأول منهما هو المعطوف على التوهم ، وهو لا ينقاس ، إنما يقال منه ما سمع . والثاني منهما فيه العطف على الضمير المتصل المرفوع من غير فصل بينه وبين حرف العطف ، ولا بين حرف العطف والمعطوف بلا ، وذلك لا يجوز عند البصريين
[ ص: 495 ] إلا في الضرورة ، وفيه لزوم هذه الأحوال . والأصل في الحال أن لا تكون لازمة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الرفع للعطف على محل : أن النفس ، لأن المعنى : وكتبنا عليهم النفس بالنفس ، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا ، وإما أن معنى الجملة التي هي قولك : النفس بالنفس ، مما يقع عليه الكتب كما تقع عليه القراءة ، يقول : كتبت الحمد لله ، وقرأت سورة أنزلناها . وكذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : لو قرئ أن النفس لكان صحيحا . انتهى . وهذا الذي قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري هو الوجه الثاني من توجيه
أبي علي ، إلا أنه خرج عن المصطلح فيه ، وهو أن مثل هذا لا يسمى عطفا على المحل ، لأن العطف على المحل هو العطف على الموضع ، وهذا ليس من العطف على الموضع ، لأن العطف على الموضع هو محصور وليس هذا منه ، وإنما هو عطف على التوهم . ألا ترى أنا لا نقول إن قوله : إن النفس بالنفس في موضع رفع ، لأن طالب الرفع مفقود ، بل نقول : إن المصدر المنسبك من أن واسمها وخبرها لفظه وموضعه واحد وهو النصب ، والتقدير : وكتبنا عليهم فيها النفس بالنفس ، إما لإجراء كتبنا مجرى قلنا ، فحكيت بها الجملة : وإما لأنهما مما يصلح أن يتسلط الكتب فيها نفسه على الجملة لأن الجمل مما تكتب كما تكتب المفردات ، ولا نقول : إن موضع أن النفس بالنفس وقع بهذا الاعتبار .
وقرأ العربيان
وابن كثير : بنصب والعين ، والأنف ، والأذن ، والسن ، ورفع والجروح . وروي ذلك عن :
نافع . ووجه
أبو علي : رفع والجروح على الوجوه الثلاثة التي ذكرها في رفع والعين وما بعدها .
وروى أنس أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قرأ ( أن النفس ) بتخفيف " أن " ، ورفع العين وما بعدها فيحتمل أن وجهين : أحدهما : أن تكون مصدرية مخففة من أن ، واسمها ضمير الشأن وهو محذوف ، والجملة في موضع رفع خبر أن ; فمعناها معنى المشددة العاملة في كونها مصدرية . والوجه الثاني : أن تكون أن تفسيرية التقدير ; أي : النفس بالنفس ، لأن كتبنا جملة في معنى القول . وقرأ
أبي بنصب النفس والأربعة بعدها . وقرأ : وأن الجروح قصاص ; بزيادة أن الخفيفة ، ورفع الجروح . ويتعين في هذه القراءة أن تكون المخففة من الثقيلة ، ولا يجوز أن تكون التفسيرية من حيث العطف ، لأن كتبنا تكون عاملة من حيث المشددة غير عاملة من حيث التفسيرية ، فلا يجوز لأن العطف يقتضي التشريك ، فإذا لم يكن عمل فلا تشريك . وقرأ
نافع : والأذن بالأذن ; بإسكان الذال معرفا ومنكرا ومثنى حيث وقع . وقرأ الباقون : بالضم . فقيل : هما لغتان ، كالنكر والنكر . وقيل : الإسكان هو الأصل ، وإنما ضم إتباعا . وقيل : التحريك هو الأصل ، وإنما سكن تخفيفا .
ومعنى هذه الآية : أن الله فرض على بني إسرائيل أن من قتل نفسا بحد أخذ نفسه ، ثم هذه الأعضاء كذلك ، وهذا الحكم معمول به في ملتنا إجماعا . والجمهور على أن قوله "
أن النفس بالنفس " عموم يراد به الخصوص في المتماثلين . وقال قوم : يقتل الحر بالعبد والمسلم بالذمي ، وبه قال
أبو حنيفة : وأجمعوا على أن المسلم لا يقتل بالمستأمن ولا بالحربي ، ولا يقتل والد بولده ، ولا سيد بعبده . وتقتل جماعة بواحد خلافا
لعلي ، وواحد بجماعة قصاصا ، ولا يجب مع القود شيء من المال . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : يقتل بالأول منهم وتجب دية الباقين ، قد مضى الكلام في ذلك في البقرة في قوله : (
كتب عليكم القصاص في القتلى ) الآية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة فنزلت . وقال أيضا : رخص الله تعالى لهذه الأمة ووسع عليها بالدية ، ولم يجعل
لبني إسرائيل دية فيما نزل على
موسى وكتب عليهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : بلغني عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه نسخ (
الحر بالحر والعبد بالعبد ) قوله : أن النفس بالنفس ، والظاهر في قوله : النفس بالنفس العموم ، ويخرج منه ما يخرج بالدليل ، ويبقى الباقي على عمومه ; والظاهر في قوله : العين بالعين فتفقأ عين الأعور بعين من كان ذا عينين ، وبه قال
[ ص: 496 ] أبو حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ، وروي عن
عثمان وعمر في آخرين أن عليه الدية . وقال
مالك : إن شاء فقأ وإن شاء أخذ الدية كاملة . وبه قال :
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
والليث ،
ومالك ،
وأحمد ،
والنخعي . وروي نصف الدية عن
nindex.php?page=showalam&ids=5078عبد الله بن المغفل ،
ومسروق ،
والنخعي ، وبه قال
أبو حنيفة وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . قال
ابن المنذر : وبه نقول . وتفقأ اليمنى باليسرى ، وتقلع الثنية بالضرس ، وعكسهما ، لعموم اللفظ ، وبه قال
ابن شبرمة . وقال الجمهور : هذا خاص بالمساواة ، فلا تؤخذ يمنى بيسرى مع وجودها إلا مع الرضا . ولو فقأ عينا لا يبصر بها فعن
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : فيها مائة دينار ، وعن
عمر : ثلث ديتها . وقال
مسروق ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
وأبو حنيفة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وابن المنذر : فيها حكومة . ولو أذهب بعض نور العين وبقي بعض ، فمذهب
أبي حنيفة : فيها الأرش . وعن علي اختبار بصره ، ويعطى قدر ما نقص من مال الجاني . وفي الأجفان كلها الدية ، وفي كل جفن ربع الدية ; قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وقتادة ،
وإبراهيم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وأبو حنيفة ، وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : في الجفن الأعلى ثلث الدية ، وفي الأسفل ثلثاها .
واختلف فيمن قطع أنفا هل يجري فيها القصاص أم لا ؟ فقال
أبو حنيفة : إذا قطعه من أصله فلا قصاص فيه ، وإنما فيه الدية . وروي عن
أبي يوسف أن في ذلك القصاص إذا استوعب . واختلف في كسر الأنف :
فمالك يرى القود في العمد منه ، والاجتهاد في الخطأ . وروي عن
نافع : لا دية فيه حتى يستأصله . وروي عن
علي : أنه أوجب القصاص في كسره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إن جبر كسره ففيه حكومة ، وما قطع من المارن بحسابه ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ; وفي المارن إذا قطع ولم يستأصل الأنف : الدية كاملة ، قاله :
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأبو حنيفة ، وأصحابه . والمارن ما لان من الأنف ، والأرنبة والروثة طرف المارن . ولو أفقده الشم أو نقصه : فالجمهور على أن فيه حكومة عدل .
والأذن بالأذن ; يقتضي وجوب القصاص إذا استوعب ، فإن قطع بعضها ففيه القصاص إذا عرف قدره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : في الأذنين الدية ، وفي إحداهما نصفها . وقال
مالك : في الأذنين حكومة ، وإنما الدية في السمع ، ويقاس نقصانه كما يقاس في البصر . وفي إبطاله من إحداهما نصف الدية ولو لم يكن يسمع إلا بها . والسن بالسن ; يقتضي أن القلع قصاص ، وهذا لا خلاف فيه ، ولو كسر بعضها . والأسنان كلها سواء : ثناياها ، وأنيابها ، وأضراسها ، ورباعياتها ، في كل واحدة خمس من الإبل من غير فضل ; وبه قال :
عروة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16542وعثمان البتي ،
ومالك ،
وأبو حنيفة ، وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ،
وإسحاق . وروي عن
علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
ومعاوية . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب عن
عمر : أنه قضى فيما أقبل من الفم بخمس فرائض ، وذلك : خمسون دينارا ، كل فريضة عشر دنانير ، وفي الأضراس بعير بعير . قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : فلو أصيب الفم كله في قضاء
عمر نقصت الدية ، أو في قضاء
معاوية زادت ، ولو كنت أنا لجعلتها في الأضراس بعيرين بعيرين . قال
عمر : الأضراس عشرون ، والأسنان اثنا عشر : أربع ثنايا ، وأربع رباعيات ، وأربع أنياب . والخلاف إنما هو في الأضراس لا في الأسنان ، ففي قضاء
عمر : الدية ثمانون ، وفي قضاء
معاوية : مائة وستون . وعلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب : مائة ، وهي الدية كاملة من الإبل . وقال
عطاء في الثنيتين والرباعيتين والنابين : خمس خمس ، وفيما بقي بعيران بعيران ، أعلى الفم وأسفله سواء ; ولو قلعت سن صبي لم يثغر فنبتت فقال
أبو حنيفة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي : لا شيء على القالع . إلا أن
مالكا nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي قالا : إذا نبتت ناقصة الطول عن التي تقاربها أخذ له من أرشها بقدر نقصها . وقالت طائفة : فيها حكومة ، وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، وبه قال
أبو حنيفة وأصحابه ; ولو قلعت سن كبير فأخذ ديتها ثم نبتت فقال
مالك : لا يرد ما أخذ . وقال
[ ص: 497 ] أبو حنيفة وأصحابه : يرد ، والقولان عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ولو قلعت سن قودا فردها صاحبها فالتحمت فلا يجب قلعها عند
أبي حنيفة ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء بن أبي رباح . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وأحمد وإسحاق : يجبر على القلع ، به قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، ويعيد كل صلاة صلاها بها . وكذا لو قطعت أذنه فردها في حرارة الدم فالتزقت ، وروي هذا القول عن
عطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=12815وأبو بكر بن العربي قال : وهو غلط . ولو قلع سنا زائدة فقال الجمهور : فيها حكومة ، فإن كسر بعضها أعطى بحساب ما نقص منها ، وبه قال :
مالك ،
وأبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد . قال
الأدفوي : وما علمت فيه خلافا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت : في السن الزائدة ثلث السن ، ولو جنى على سن فاسودت ثم عقلها ، روي ذلك عن
زيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15990وابن المسيب ، وبه قال :
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
وشريح ،
والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16491وعبد الملك بن مروان ،
وأبو حنيفة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري . وروي عن
عمران : فيها ثلث ديتها ، وبه قال :
أحمد وإسحاق . وقال
النخعي nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور : فيها حكومة ، فإن طرحت بعد ذلك ففيها عقلها ، وبه قال
الليث nindex.php?page=showalam&ids=15136وعبد العزيز بن أبي سلمة ، وإن اسود بعضها كان بالحساب ; قاله :
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري .
والجروح قصاص ; أي : ذات قصاص . ولفظ الجروح عام ، والمراد به الخصوص ، وهو ما يمكن فيه القصاص . وتعرف المماثلة ولا يخاف فيها على النقص ، فإن خيف كالمأمومة وكسر الفخذ ونحو ذلك فلا قصاص فيها . ومدلول والجروح قصاص ; يقتضي أن يكون الجرح بمثله ، فإن لم يكن بمثله فليس بقصاص . واختلفوا في القصاص بين الرجال والنساء ، وبين العبد والحر . وجميع ما عدا النفس هو من الجراحات التي أشار إليها بقوله : والجروح قصاص ، لكنه فصل أول الآية وأجمل آخرها ليتناول ما نص عليه وما لم ينص ، فيحصل العموم . معنى وإن لم يحصل لفظا . ومن جملة الجروح الشجاج فيما يمكن فيه القصاص ، فلا خلاف في وجوبها فيه ، وما لا فلا قصاص فيه كالمأمومة ; وقال
أبو عبيد : فليس في شيء من الشجاج قصاص إلا في الموضحة خاصة ، لأنه ليس شيء منها له حد ينتهى إليه سواها ، وأما غيرها من الشجاج ففيه ديته . انتهى . وقال غيره : في الخارصة القصاص بمقدارها إذا لم يخش منها سراية ، وأقاد
ابن الزبير من المأمومة ، وأنكر الناس عليه . قال
عطاء : ما علمنا أحدا أقاد منها قبله . وأما الجروح في اللحم فقال : فقد ذكر بعض أهل العلم أن القصاص فيها ممكن بأن يقاس بمثل ، ويوضع بمقدار ذلك الجرح .