(
قل إني على بينة من ربي ) أي على شريعة واضحة وملة صحيحة . وقيل : البينة هي المعجزة التي تبين صدقي وهي القرآن ، قالوا : ويجوز أن تكون التاء في ( بينة ) للمبالغة ، والمعنى على أمر بين . لما نفى أن يكون متبعا للهوى نبه على ما يجب اتباعه وهو الأمر الواضح من الله تعالى .
(
وكذبتم به ) إخبار منه عنهم أنهم كذبوا به والظاهر عود الضمير على الله أي وكذبتم بالله . وقيل : عائد على ( بينة ) لأن معناه على أمر بين . وقيل : على البيان الدال عليه ( بينة ) وقيل : على القرآن .
(
ما عندي ما تستعجلون به ) الذي استعجلوا به قيل الآيات المقترحة . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . وقيل : العذاب ، ورجح بأن الاستعجال لم يأت في القرآن إلا للعذاب لأنهم لم يستعجلوا بالآيات المقترحة وبأن لفظ (
وكذبتم به ) يتضمن أنكم واقعتم ما أنتم تستحقون به العذاب إلا أن ذلك ليس لي . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : يعني العذاب الذي استعجلوه في قولهم : (
فأمطر علينا حجارة من السماء ) .
(
إن الحكم إلا لله ) أي الحكم لله على الإطلاق وهو الفصل بين الخصمين
[ ص: 143 ] المختلفين بإيجاب الثواب والعقاب . وقيل : القضاء بإنزال العذاب وفيه التفويض العام لله تعالى .
" يقضي الحق " هي قراءة العربيين والأخوين أي يقضي القضاء الحق في كل ما يقضي فيه من تأخير أو تعجيل ، وضمن بعضهم ( يقضي ) معنى : ينفذ ، فعداه إلى مفعول به . وقيل : ( يقضي ) بمعنى : يصنع . أي كل ما يصنعه فهو حق ، قال
الهذلي :
وعليهما مسدودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع .
أي صنعهما وقيل حذف الباء والأصل بالحق ، ويؤيده قراءة
عبد الله وأبي وابن وثاب والنخعي وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ( يقضي بالحق ) بباء الجر وسقطت الياء خطا لسقوطها لفظا لالتقاء الساكنين . وقرأ
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=13033وابن جبير يقضي بالحق .
( وهو خير الفاصلين ) وفي مصحف
عبد الله وهو أسرع الفاصلين .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحرميان
وعاصم ( يقص الحق ) من قص الحديث كقوله (
نحن نقص عليك أحسن القصص ) أو من قص الأثر أي اتبعه . وحكي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبا عمرو بن العلاء سئل أهو يقص الحق أو يقضي الحق ؟ فقال : لو كان يقص لقال وهو خير القاصين أقرأ أحد بهذا ؟ وحيث قال ( وهو خير الفاصلين ) فإنما يكون الفصل في القضاء . انتهى . ولم يبلغ
أبا عمرو أنه قرئ بها ويدل على ذلك قوله : أقرأ بها أحد ، ولا يلزم ما قال ، فقد جاء الفصل في القول ، قال تعالى : (
إنه لقول فصل ) وقال : ( أحكمت آياته ثم فصلت ) وقال : (
نفصل الآيات ) فلا يلزم من ذكر الفاصلين أن يكون معينا لـ ( يقضي ) .
و ( خير ) هنا أفعل التفضيل على بابها . وقيل : ليست على بابها لأن قضاءه تعالى لا يشبه قضاء ولا يفصل كفصله أحد ، وهذا الاستدلال يدل على أنها على بابها .