(
فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين ) ،
[ ص: 270 ] أي : نسأل الأمم المرسل إليهم عن أعمالهم وعن ما بلغه إليهم الرسل لقوله (
ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين ) ، ويسأل الرسل عما أجاب به من أرسلوا إليهم كقوله : (
يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم ) وسؤال الأمم تقرير وتوبيخ يعقب الكفار والعصاة عذابا ، وسؤال الرسل تأنيس يعقب الأنبياء ثوابا وكرامة . وقد جاء السؤال منفيا ومثبتا بحسب المواطن ، أو بحسب الكيفيات كسؤال التوبيخ والتأنيس ، وسؤال الاستعلام البحت منفي عن الله تعالى إذ أحاط بكل شيء علما . وقيل المرسل إليهم الأنبياء والمرسلون الملائكة ، وهذا بعيد .
(
فلنقصن عليهم بعلم وما كنا غائبين ) ، أي : نسرد عليهم أعمالهم قصة قصة (
بعلم ) منا لذلك واطلاع عليه (
وما كنا غائبين ) عن شيء منه ، بل علمنا محيط بجميع أعمالهم ، ظاهرها وباطنها ، وهذا من أعظم التوبيخ والتقريع حيث يقرون بالظلم وتشهد عليهم أنبياؤهم ويقص الله عليهم أعمالهم . قال وهب : يقال للرجل منهم أتذكر يوم فعلت كذا أتذكر حين قلت كذا حتى يأتي على آخر ما فعله وقاله في دنياه ، وفي قوله : (
بعلم ) دليل على إثبات هذه الصفة لله تعالى وإبطال لقول من قال لا علم لله .