(
قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم ) قرأ
حفص (
آمنتم ) على الخبر في كل القرآن ، أي : فعلتم هذا الفعل الشنيع ، وبخهم بذلك وقرعهم ، وقرأ العربيان
ونافع nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي بهمزة استفهام ومدة بعدها مطولة في تقدير ألفين إلا ورشا ، فإنه يسهل الثانية ، ولم يدخل أحد ألفا بين المحققة والملينة ، وكذلك في طه والشعراء ، وقرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وأبو بكر فيهن بالاستفهام وحققا الهمزة وبعدها ألف ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل هنا بإبدال همزة الاستفهام واوا ، لضمة نون فرعون وتحقيق الهمزة بعدها ، أو تسهيلها ، أو إبدالها أو إسكانها ، أربعة أوجه ، وقرأ في طه مثل
حفص وفي الشعراء مثل
البزي ، هذا الاستفهام معناه الإنكار والاستبعاد ، والضمير في ( به ) عائد على الله تعالى لقولهم (
قالوا آمنا برب العالمين ) ، وقيل : يحتمل أن يعود على
موسى ، وفي طه والشعراء يعود في قوله له على
موسى لقوله : (
إنه لكبيركم ) ، وقيل : آمنت به وآمنت له واحد في قوله : (
قبل أن آذن لكم ) دليل على وهن أمره ؛ لأنه إنما جعل ذنبهم بمفارقة الإذن ولم يجعله نفس الإيمان إلا بشرط .
(
إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها ) ، أي : صنيعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم
وموسى في
مصر قبل أن تخرجوا منها إلى هذه الصحراء ، وتواطأتم على ذلك لغرض لكم وهو أن تخرجوا منها القبط وتسكنوا
بني إسرائيل ، قال هذا تمويها على الناس لئلا يتبعوا السحرة في الإيمان ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس أن
موسى - عليه السلام - اجتمع مع رئيس السحرة
شمعون فقال له
موسى : أرأيت إن غلبتكم أتؤمنون بي ، فقال له نعم فعلم بذلك فرعون فقال ما قال . انتهى . ولما خاف فرعون أن يكون إيمان السحرة حجة قومه ألقى في الحال نوعين من الشبه أحدهما : إن هذا تواطؤ منهم لا أن ما جاء به حق ، والثاني : إن ذلك طلب منهم للملك .
(
فسوف تعلمون ) تهديد ووعيد ، ومفعول (
تعلمون ) محذوف ، أي : ما يحل بكم أبهم في متعلق (
تعلمون ) ، ثم عين ما يفعل بهم فقال مقسما : (
لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ثم لأصلبنكم أجمعين ) لما ظهرت الحجة عاد إلى عادة ملوك السوء إذا غلبوا من تعذيب من ناوأهم وإن كان محقا ، ومعنى (
من خلاف ) ، أي : يد يمنى ورجل يسرى والعكس ، قيل : هو أول من فعل هذا ، وقيل : المعنى من أجل الخلاف الذي ظهر منكم ، والصلب التعليق على الخشب ، وهذا التوعد الذي توعده فرعون السحرة ليس في القرآن نص على أنه أنفذه وأوقعه بهم ، ولكن روي في القصص أنه قطع بعضا وصلب بعضا وتقدم قول
قتادة ، وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهم أصبحوا سحرة وأمسوا شهداء ، وقرأ
[ ص: 366 ] مجاهد ،
وحميد المكي ،
وابن محيصن ( لأقطعن ) مضارع قطع الثلاثي ( لأصلبنكم ) مضارع صلب الثلاثي بضم لام ( لأصلبنكم ) وروي بكسرها ، وجاء هنا ( ثم ) وفي السورتين (
ولأصلبنكم ) بالواو فدل على أن الواو أريد بها معنى ثم من كون الصلب بعد القطع ، والتعدية قد يكون معها مهلة ، وقد لا يكون .