(
قال سنقتل أبناءهم ونستحيي نساءهم وإنا فوقهم قاهرون ) وإنما لم يعاجل
موسى وقومه بالقتال ؛ لأنه كان مليء من
موسى رعبا ، والمعنى : أنه قال سنعيد عليهم ما كنا فعلنا بهم قبل من قتل أبنائهم ليقل رهطه الذين يقع الإفساد بواسطتهم ، والفوقية هنا بالمنزلة والتمكن في الدنيا و ( قاهرون ) يقتضي تحقيرهم ، أي : قاهرون لهم قهرا أقل من أن نهتم به فنحن على ما كنا عليه من الغلبة ، أو أن غلبة
موسى لا أثر لها في ملكنا واستيلائنا ، ولئلا يتوهم العامة أنه المولود الذي تحدث المنجمون عنه ، والكهنة بذهاب ملكنا على يده فيثبطهم ذلك عن طاعتنا ويدعوهم إلى اتباعه وإنه منتظر بعد وشدد ( سنقتل ) ، ( ويقتلون ) الكوفيون
[ ص: 368 ] والعربيان ، وخففهما نافع وخفف ابن كثير ( سنقتل ) وشدد ( ويقتلون ) .
(
قال موسى لقومه استعينوا بالله واصبروا ) لما توعدهم فرعون جزعوا وتضجروا فسكنهم
موسى - عليه السلام - وأمرهم بالاستعانة بالله وبالصبر وسلاهم ووعدهم النصر ، وذكرهم ما وعد الله
بني إسرائيل من إهلاك القبط وتوريثهم أرضهم وديارهم .
(
إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده ) . أي : أرض
مصر وأل فيه للعهد ، وهي الأرض التي كانوا فيها ، وقيل : الأرض أرض الدنيا ، فهي على العموم ، وقيل : المراد أرض الجنة لقوله : (
وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء ) وتعدى (
استعينوا ) هنا بالباء ، وفي (
وإياك نستعين ) بنفسه ، وجاء : اللهم إنا نستعينك .
(
والعاقبة للمتقين ) قيل : النصر والظفر ، وقيل : الدار الآخرة ، وقيل : السعادة والشهادة ، وقيل : الجنة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : الخاتمة المحمودة (
للمتقين ) منهم ومن
القبط وإن المشيئة متناولة لهم . انتهى . وقرأت فرقة (
يورثها ) بفتح الراء ، وقرأ
الحسن (
يورثها ) بتشديد الراء على المبالغة ورويت عن
حفص ، وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وأبي ( والعاقبة ) بالنصب عطفا على ( أن الأرض ) وفي وعد
موسى تبشير لقومه بالنصر وحسن الخاتمة ، ونتيجة طلب الإعانة توريث الأرض لهم ، ونتيجة الصبر العاقبة المحمودة والنصر على من عاداهم ، فلذلك كان الأمر بشيئين ينتج عنهما شيئان . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : فإن قلت : لم أخليت هذه الجملة عن الواو وأدخلت على الذي قبلها ؟ قلت : هي جملة مبتدأة مستأنفة ، وأما (
وقال الملأ ) فمعطوفة على ما سبقها من قوله : (
قال الملأ من قوم فرعون ) . انتهى .