صفحة جزء
( ألا إنما طائرهم عند الله ولكن أكثرهم لا يعلمون ) قال ابن عباس : ( طائرهم ) ما يصيبهم ، أي : ما طار لهم في القدر مما هم لاقوه ، وهو مأخوذ من زجر الطير ، سمي ما عند الله من القدر للإنسان طائرا لما كان يعتقد أن كل ما يصيبه إنما هو بحسب ما يراه في الطائر فهي لفظة مستعارة . قاله ابن عطية ، وقال الزمخشري : أي : سبب خيرهم وشرهم عند الله تعالى وهو حكمه ومشيئته ، والله تعالى هو الذي يشاء ما يصيبهم من الحسنة والسيئة ، وليس شؤم أحدهم ولا يمنه بسبب فيه ، كقوله تعالى : ( قل كل من عند الله ) ويجوز أن يكون معناه : ألا إنما سبب شؤمهم عند الله وهو عملهم المكتوب عنده يجري عليهم ما يسوءهم لأجله ويعاقبون له بعد موتهم بما وعدهم الله تعالى في قوله : ( النار يعرضون عليها ) الآية ولا طائر أشأم من هذا ، وقرأ الحسن ألا إنما طيرهم وحكم بنفي العلم عن أكثرهم ؛ لأن القليل منهم علم كمؤمن آل فرعون وآسية امرأة فرعون ، وقال ابن عطية : ويحتمل أن كون الضمير في طائرهم لضمير العالم ، ويجيء تخصيص الأكثر على ظاهره ، ويحتمل أن يريد و ( ولكن أكثرهم ) ليس قريبا أن يعلم لانغمارهم في الجهل وعلى هذا فيهم قليل معد لأن يعلم لو وفقه الله . انتهى . وهما احتمالان بعيدان وأبعد منه قوله : وإما أن يراد الجمع وتجوز في العبارة .

التالي السابق


الخدمات العلمية