(
وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها ) لما قال
موسى - عليه السلام - (
عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ) كان كما ترجى
موسى فأغرق أعداءهم في اليم ، واستخلف
بني إسرائيل في الأرض (
الذين كانوا يستضعفون ) هم
بنو إسرائيل كان فرعون يستعبدهم ويستخدمهم ، والاستضعاف طلب الضعيف بالقهر كثر استعماله حتى قيل استضعفه ، أي : وجده ضعيفا (
مشارق الأرض ومغاربها ) قالت فرقة : هي الأرض كلها ، قال
ابن عطية : ذلك على سبيل المجاز ؛ لأنه تعالى ملكهم بلادا كثيرة ، وأما على الحقيقة فإنه ملك ذريتهم وهو
سليمان بن داود ، وقال
الحسن أيضا : (
مشارق الأرض )
الشام (
ومغاربها ) ديار
مصر ، ملكهم الله إياها بإهلاك الفراعنة والعمالقة ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري قال : وتصرفوا فيها كيف شاءوا في أطرافها ونواحيها الشرقية والغربية ، وقال
الحسن أيضا ،
وقتادة ، وغيرهما : هي أرض
الشام ، وفي كتاب
النقاش عن
الحسن : أرض
مصر والبركة فيها بالماء والشجر . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وذيله غيره فقال : بالخصب والأنهار وكثرة الأشجار وطيب الثمار ، وقيل : البركة بإقدام الأنبياء وكثرة مقامهم بها ودفنهم فيها ، وهذا يتخرج على من قال أرض
الشام ، وقيل : ( باركنا ) جعلنا الخير فيها دائما ثابتا ، وهذا يشير إلى أنها
مصر . وقال
الليث هي
مصر بارك الله فيها بما يحدث عن نيلها من الخيرات وكثرة الحبوب والثمرات ، وعن
عمر رضي الله عنه أن
نيل مصر سيد الأنهار في حديث طويل ، وروي أنه كانت الجنات بحافتي هذا النيل من أوله إلى آخره في البرين جميعا ما بين
أسوان إلى
رشيد وكانت الأشجار متصلة لا ينقطع منها شيء عن شيء . وقال
أبو بصرة الغفاري :
مصر خزائن الأرض كلها ، ألا ترى إلى قول
يوسف - عليه السلام - (
اجعلني على خزائن الأرض ) ويروى أن
عيسى - عليه السلام - أقام بها اثنتي عشرة سنة ، وذلك أن الله أوحى إلى
مريم أن الحقي
بمصر وأرضها ، وذكر أنها الربوة التي قال تعالى : (
وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين ) . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : البركات عشر ففي
مصر تسع ، وفي الأرض كلها واحدة ، وانتصاب مشارق على أنه مفعول ثان لأورثنا و (
التي باركنا ) نعت لمشارق الأرض ومغاربها ، وقول
الفراء : إن انتصاب ( مشارق ) والمعطوف عليها على الظرفية والعامل فيهما هو ( يستضعفون ) و ( التي باركنا ) هو المفعول الثاني ، أي : الأرض التي باركنا فيها تكلف وخروج عن الظاهر بغير دليل ، ومن أجاز أن تكون ( التي ) نعتا للأرض فقوله ضعيف للفصل بالعطف بين المنعوت ونعته .