قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
[ ص: 436 ] قال أهل
مكة : ألا يخبرك ربك بالسعر الرخيص قبل أن يغلو فتشتري وتربح ؟ وبالأرض التي تجدب فترحل عنها إلى ما أخصب ؟ فنزلت ; وقيل : لما رجع من غزوة المصطلق جاءت ريح في الطريق فأخبرت بموت رفاعة ، وكان فيه غيظ المنافقين ، ثم قال : انظروا أين ناقتي ، فقال
عبد الله بن أبي : ألا تعجبون من هذا الرجل يخبر عن موت رجل بالمدينة ولا يعرف أين ناقته ! فقال - عليه السلام - إن ناسا من المنافقين قالوا : كيت وكيت وناقتي في الشعب ، وقد تعلق زمامها بشجرة فردوها علي ، فنزلت ، ووجه مناسبتها لما قبلها ظاهر جدا ، وهذا منه - عليه السلام - إظهار للعبودية وانتفاء عن ما يختص بالربوبية من القدرة وعلم الغيب ومبالغة في الاستسلام ، فلا أملك لنفسي اجتلاب نفع ولا دفع ضر ، فكيف أملك علم الغيب ؟ كما قال في سورة يونس :
ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله لكل أمة أجل وقدم هنا النفع على الضر ; لأنه تقدم
من يهد الله فهو المهتدي ومن يضلل ، فقدم الهداية على الضلال ، وبعده
لاستكثرت من الخير وما مسني السوء فناسب تقديم النفع ، وقدم الضر في يونس على الأصل ; لأن العبادة لله تكون خوفا من عقابه أولا ، ثم طمعا في ثوابه ، ولذلك قال :
يدعون ربهم خوفا وطمعا ، فإذا تقدم النفع فلسابقة لفظ تضمنه ، وأيضا ففي يونس موافقة ما قبلها ، ففيها ما لا يضرهم ولا ينفعهم ما لا ينفعنا ولا يضرنا ; لأنه موصول بقوله :
ليس لها من دون الله ولي ولا شفيع وإن تعدل كل عدل لا يؤخذ منها وفي يونس :
ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك ) ، وتقدمه : (
ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا ) ، (
كذلك حقا علينا ننج المؤمنين ) ، وفي الأنبياء قال : (
أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم ) ، وتقدمه قول الكفار لإبراهيم في المحاجة :
لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ، وفي الفرقان :
ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وتقدمه :
ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ونعم كثيرة ، وهذا النوع من لطائف القرآن العظيم وساطع براهينه ، والاستثناء متصل ، أي : إلا ما شاء الله من تمكيني منه فإني أملكه ، وذلك بمشيئة الله ، وقال
ابن عطية : وهذا الاستثناء منقطع ، انتهى ، ولا حاجة لدعوى الانقطاع مع إمكان الاتصال .