قوله تعالى : (
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا ) .
527 - قال المفسرون : إن
بني عمرو بن عوف ، اتخذوا
مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتيهم ، فأتاهم فصلى فيه ، فحسدهم إخوتهم
بنو غنم بن عوف ، وقالوا : نبني مسجدا ونرسل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي فيه كما صلى في مسجد إخواننا ، وليصل فيه
أبو عامر الراهب إذا قدم من
الشام . وكان
أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ، ولبس المسوح ، وأنكر دين الحنيفية لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
المدينة وعاداه ، وسماه النبي - عليه
[ ص: 136 ] الصلاة والسلام - :
أبا عامر الفاسق ، وخرج إلى
الشام وأرسل إلى المنافقين : أن [ أعدوا و ] استعدوا بما استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا لي مسجدا فإني ذاهب إلى
قيصر ، فآتي بجند
الروم ، فأخرج
محمدا وأصحابه ، فبنوا [ له ] مسجدا إلى جنب
مسجد قباء ، وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا
خذام بن خالد ، ومن داره أخرج مسجد الشقاق
وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير ، وأبو حبيبة بن الأزعر ، وعباد بن حنيف ،
وجارية بن عمرو وابناه
مجمع وزيد ،
ونبتل بن حارث ، [
وبحزج ]
وبجاد بن عثمان ، ووديعة بن ثابت ، فلما فرغوا منه أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنا [ قد ] بنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة والليلة الشاتية ، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي لنا فيه . فدعا بقميصه ليلبسه فيأتيهم ، فنزل عليه القرآن ، وأخبره الله عز وجل خبر مسجد الضرار وما هموا به . فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
مالك بن الدخشم ، nindex.php?page=showalam&ids=8131ومعن بن عدي ، وعامر بن السكن ، ووحشيا قاتل
حمزة ، وقال لهم : انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله ، فاهدموه وأحرقوه . فخرجوا ، وانطلق
مالك وأخذ سعفا من النخل فأشعل فيه نارا ، ثم دخلوا المسجد وفيه أهله ، فحرقوه وهدموه ، وتفرق عنه أهله . وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتخذ ذلك كناسة تلقى فيها الجيف والنتن والقمامة . ومات
أبو عامر بالشام وحيدا غريبا .
528 - أخبرنا
محمد بن إبراهيم بن محمد بن يحيى ، حدثنا [
أبو ] العباس بن إسماعيل بن عبد الله بن ميكال ، أخبرنا
عبد الله بن موسى الأهوازي ، أخبرنا
إسماعيل بن زكريا ، حدثنا
داود بن الزبرقان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16220صخر بن جويرية ، عن
عائشة بنت سعد بن أبي وقاص ، عن أبيها قال :
إن المنافقين عرضوا المسجد يبنونه ليضاهئوا به مسجد قباء - وهو قريب منه - لأبي عامر الراهب ، يرصدونه إذا قدم ليكون إمامهم فيه . فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا : إنا [ قد ] بنينا مسجدا فصل فيه حتى نتخذه مصلى ، فأخذ ثوبه ليقوم معهم ، فنزلت هذه الآية : ( لا تقم فيه أبدا ) .