فروع تتعلق بهذه المسألة
الفرع الأول : إذا
كان مع المحصر هدي لزمه نحره إجماعا ، وجمهور العلماء على أنه ينحره في المحل الذي حصر فيه ، حلا كان أو حرما ، وقد نحر صلى الله عليه وسلم هو وأصحابه
بالحديبية ، وجزم
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وغيره بأن الموضع الذي نحروا فيه من
الحديبية من الحل لا من الحرم ، واستدل لذلك بدليل واضح من القرآن وهو قوله تعالى : (
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ) [ 48 \ 25 ] فهو نص
[ ص: 84 ] صريح في أن ذلك الهدي لم يبلغ محله ، ولو كان في الحرم لكان بالغا محله ، وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14909يعقوب بن سفيان من طريق
مجمع بن يعقوب ، عن أبيه ، قال : "
لما حبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا بالحديبية ، وبعث الله ريحا فحملت شعورهم ، فألقتها في الحرم " وعقده
أحمد البدوي الشنقيطي في نظمه للمغازي في غزوة
الحديبية بقوله : [ الرجز ]
ونحروا وحلقوا وحملت شعورهم للبيت ريح قد غلت
قال
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في " الاستذكار " : فهذا يدل على أنهم نحروا في الحل ، وتعقبه
ابن حجر في " فتح الباري " : بأنه يمكن أن يكونوا أرسلوا هديهم مع من ينحره في الحرم ، قال : وقد ورد في ذلك
حديث ابن جندب بن جندب الأسلمي قال : قلت : يا رسول الله ابعث معي الهدي حتى أنحره في الحرم . أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي من طريق
إسرائيل ، عن
مجزأة بن زاهر ، عن
ناجية ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي من وجه آخر ، عن
إسرائيل ، لكن قال عن
ناجية ، عن أبيه : لكن لا يلزم من وقوع هذا وجوبه ، بل ظاهر القصة أن أكثرهم نحر في مكانه وكانوا في الحل ، وذلك دال على الجواز والله أعلم . انتهى كلام
ابن حجر . وخالف في هذه المسألة
أبو حنيفة - رحمه الله - الجمهور ، وقال : لا ينحر المحصر هديه إلا في الحرم ، فيلزمه أن يبعث به إلى الحرم ، فإذا بلغ الهدي محله حل ، وقال : إن الموضع الذي نحر فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من
الحديبية من طرف الحرم ، واستدل بقوله بعد هذه الآية : (
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله ) [ 2 \ 196 ] ورد هذا الاستدلال بما قدمنا من أنه نحر في الحل ، وأن القرآن دل على ذلك ، وأن قوله : (
ولا تحلقوا رءوسكم ) معطوف على قوله : (
وأتموا الحج والعمرة لله ) ، لا على قوله : (
فما استيسر من الهدي ) أو أن المراد بمحله المحل الذي يجوز نحره فيه ، وذلك بالنسبة إلى المحصر حيث أحصر ، ولو كان في الحل .
قال مقيده عفا الله عنه : التحقيق في هذه المسألة هو التفصيل الذي ذهب إليه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - وهو أنه إن استطاع إرسال الهدي إلى الحرم أرسله ولا يحل حتى يبلغ الهدي محله ، إذ لا وجه لنحر الهدي في الحل مع تيسر الحرم ، وإن كان لا يستطيع إرساله إلى الحرم نحره في المكان الذي أحصر فيه من الحل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في [ صحيحه ] في " باب من قال ليس على المحصر بدل " ما نصه :
[ ص: 85 ] وقال
روح ، عن
شبل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16406ابن أبي نجيح ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : " إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ ، فأما من حبسه عذر ، أو غير ذلك فإنه يحل ، ولا يرجع " وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به ، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله ، ا ه ، محل الغرض منه بلفظه ولا ينبغي العدول عنه ; لظهور وجهه كما ترى .