قوله تعالى : وربك الغفور ذو الرحمة ، ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه غفور ، أي : كثير المغفرة ، وأنه ذو الرحمة يرحم عباده المؤمنين يوم القيامة ، ويرحم الخلائق في الدنيا .
وبين في مواضع أخر : أن هذه
المغفرة شاملة لجميع الذنوب بمشيئته جل وعلا إلا الشرك ، كقوله :
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء [ 4 \ 48 ] ، وقولـه :
إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة [ 5 \ 72 ] .
وبين في موضع آخر : أن رحمته واسعة ، وأنه سيكتبها للمتقين ، وهو قوله :
ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة [ 7 \ 156 ] .
وبين في مواضع أخر سعة مغفرته ورحمته : كقوله :
إن ربك واسع المغفرة [ 53 \ 32 ] ، وقولـه :
إن الله يغفر الذنوب جميعا [ 39 \ 53 ] ، ونحو ذلك من الآيات .
وبين في مواضع أخر أنه مع سعة رحمته ومغفرته شديد العقاب ، كقوله :
وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب [ 13 \ 6 ] ، وقولـه :
غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب [ 40 \ 3 ] ، وقولـه تعالى :
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم [ 15 \ 49 - 50 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .
قوله تعالى : لو يؤاخذهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب ، بين في هذه الآية الكريمة : أنه لو يؤاخذ الناس بما كسبوا من الذنوب كالكفر والمعاصي لعجل لهم العذاب لشناعة ما يرتكبونه ، ولكنه حليم لا يعجل بالعقوبة ، فهو يمهل ولا يهمل .
وأوضح هذا المعنى في مواضع أخر ، كقوله :
ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها من دابة [ 16 \ 61 ] ، وقولـه :
ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة [ 35 \ 45 ] ، وقد قدمنا هذا في سورة " النحل " مستوفى .