مسألة
اعلم أن
العلماء اختلفوا في الخضر : هل هو حي إلى الآن ، أو هو غير حي ، بل ممن مات فيما مضى من الزمان ؟ فذهب كثير من أهل العلم إلى أنه حي ، وأنه شرب من
[ ص: 327 ] عين تسمى عين الحياة ، وممن نصر القول بحياته
القرطبي في تفسيره ،
والنووي في شرح
مسلم وغيره ،
nindex.php?page=showalam&ids=12795وابن الصلاح ،
والنقاش وغيرهم ، قال
ابن عطية : وأطنب
النقاش له هذا المعنى ، يعني حياة
الخضر وبقاءه إلى يوم القيامة ، وذكر في كتابه أشياء كثيرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، وكلها لا تقوم على ساق انتهى بواسطة نقل
القرطبي في تفسيره .
وحكايات الصالحين عن
الخضر أكثر من أن تحصر ، ودعواهم أنه يحج هو
وإلياس كل سنة ، ويروون عنهما بعض الأدعية ، كل ذلك معروف ، ومستند القائلين بذلك ضعيف جدا ; لأن غالبه حكايات عن بعض من يظن به الصلاح ، ومنامات وأحاديث مرفوعة عن
أنس وغيره ، وكلها ضعيف لا تقوم به حجة .
ومن أقواه عند القائلين به آثار التعزية حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر في تمهيده عن
علي رضي الله عنه قال : لما توفي النبي صلى الله عليه وسلم وسجي بثوب هتف هاتف من ناحية البيت يسمعون صوته ولا يرون شخصه : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، السلام عليكم أهل البيت
كل نفس ذائقة الموت الآية [ 3 \ 185 ] ، إن في الله خلفا من كل هالك ، وعوضا من كل تالف ، وعزاء من كل مصيبة فبالله فثقوا ، وإياه فارجوا ، فإن المصاب من حرم الثواب ، فكانوا يرون أنه
الخضر عليه السلام ، يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، انتهى بواسطة نقل
القرطبي في تفسيره .
قال مقيده عفا الله عنه : والاستدلال على حياة
الخضر بآثار التعزية كهذا الأثر الذي ذكرنا آنفا مردود من وجهين :
الأول : أنه لم يثبت ذلك بسند صحيح ، قال
ابن كثير في تفسيره : وحكى
النووي وغيره في بقاء
الخضر إلى الآن ، ثم إلى يوم القيامة قولين ، ومال هو
nindex.php?page=showalam&ids=12795وابن الصلاح إلى بقائه ، وذكروا في ذلك حكايات عن السلف وغيرهم ، وجاء ذكره في بعض الأحاديث ، ولا يصح شيء من ذلك ، وأشهرها حديث التعزية وإسناده ضعيف ا هـ ، منه .
الثاني : أنه على فرض أن حديث التعزية صحيح لا يلزم من ذلك عقلا ولا شرعا ولا عرفانا أن يكون ذلك المعزي هو
الخضر ، بل يجوز أن يكون غير
الخضر من مؤمني الجن ; لأن الجن هم الذين قال الله فيهم :
إنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم [ 7 \ 27 ] ، ودعوى أن ذلك المعزي هو
الخضر تحكم بلا دليل ، وقولـهم : كانوا يرون أنه
الخضر ليس حجة يجب الرجوع إليها ; لاحتمال أن يخطئوا في ظنهم ، ولا يدل ذلك على
[ ص: 328 ] إجماع شرعي معصوم ، ولا متمسك لهم في دعواهم أنه
الخضر كما ترى .
قال مقيده عفا الله عنه : الذي يظهر لي رجحانه بالدليل في هذه المسألة أن
الخضر ليس بحي بل توفي ، وذلك لعدة أدلة :
الأول : ظاهر عموم قوله تعالى :
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون [ 21 \ 34 ] ، فقوله " لبشر " نكرة في سياق النفي فهي تعم كل بشر ، فيلزم من ذلك نفي الخلد عن كل بشر من قبله ،
والخضر بشر من قبله ، فلو كان شرب من عين الحياة وصار حيا خالدا إلى يوم القيامة لكان الله قد جعل لذلك البشر الذي هو
الخضر من قبله الخلد .
الثاني : قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008121اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " فقد قال
مسلم في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17259هناد بن السري ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك عن
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16051سماك الحنفي قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يقول : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال : لما كان يوم بدر ) ح ( وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب واللفظ له ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16686عمر بن يونس الحنفي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16585عكرمة بن عمار ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16051أبو زميل هو زميل الحنفي ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008122لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا ، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه : " اللهم أنجز لي ما وعدتني ، اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض " فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه ، فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال : يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك ، فإنه سينجز لك ما وعدك ، فأنزل الله عز وجل : إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين [ 8 \ 9 ] ، فأمده الله بالملائكة . . ، الحديث ، ومحل الشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008123لا تعبد في الأرض " فعل في سياق النفي فهو بمعنى : لا تقع عبادة لك في الأرض ; لأن الفعل ينحل عن مصدر وزمن عند النحويين ، وعن مصدر ونسبة وزمن عند كثير من البلاغيين ، فالمصدر كامن في مفهومه إجماعا ، فيتسلط عليه النفي فيؤول إلى النكرة في سياق النفي ، وهي من صيغ العموم كما تقدم إيضاحه في سورة " بني إسرائيل " وإلى كون الفعل في سياق النفي والشرط من صيغ العموم أشار في مراقي السعود بقوله عاطفا على ما يفيد العموم :
[ ص: 329 ] ونحو لا شربت أو إن شربا واتفقوا إن مصدر قد جلبا
فإذا علمت أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008124إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض " أي : لا تقع عبادة لك في الأرض .
فاعلم أن ذلك النفي يشمل بعمومه وجود
الخضر حيا في الأرض ; لأنه على تقدير وجوده حيا في الأرض فإن الله يعبد في الأرض ، ولو على فرض هلاك تلك العصابة من أهل الإسلام ; لأن
الخضر ما دام حيا فهو يعبد الله في الأرض ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثني
محمد بن عبد الله بن حوشب حدثنا
عبد الوهاب ، حدثنا
خالد عن
عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008125قال النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر : " اللهم أنشدك عهدك ووعدك ، اللهم إن شئت لم تعبد في الأرض " فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك ! فخرج وهو يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر [ 54 \ 45 ] ، فقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008126اللهم إن شئت لم تعبد في الأرض " أي : إن شئت إهلاك هذه الطائفة من أهل الإسلام لم تعبد في الأرض ، فيرجع معناه إلى الرواية التي ذكرنا عن
مسلم في صحيحه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد بينا وجه الاستدلال بالحديث عن وفاة
الخضر .
الثالث :
إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه على رأس مائة سنة من الليلة التي تكلم فيها بالحديث لم يبق على وجه الأرض أحد ممن هو عليها تلك الليلة ، فلو كان
الخضر حيا في الأرض لما تأخر بعد المائة المذكورة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=16957محمد بن رافع : حدثنا ، وقال
عبد : أخبرنا
عبد الرزاق ، أخبرنا
معمر عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله وأبو بكر بن سليمان : أن
عبد الله بن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008127صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة صلاة العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام فقال : " أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهرها أحد " . قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك فيما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة ، وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " ، يريد بذلك أن ينخرم ذلك القرن ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14272عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي ، أخبرنا
أبو اليمان أخبرنا
شعيب ، ورواه
الليث عن
عبد الرحمن بن خالد بن مسافر ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري بإسناد
معمر كمثل حديثه ، حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=17220هارون بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=15699وحجاج بن الشاعر قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15697حجاج بن محمد ، قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : أخبرني
أبو الزبير أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008128سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله يقول : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بشهر : " تسألوني [ ص: 330 ] عن الساعة وإنما علمها عند الله ، وأقسم الله ما على الأرض من نفس منفوسة تأتي عليها مائة سنة " حدثنيه
محمد بن حاتم ، حدثنا
محمد بن بكر ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج بهذا الإسناد ولم يذكر " قبل موته بشهر " .
حدثني
يحيى بن حبيب ،
ومحمد بن عبد الأعلى ، كلاهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=17116المعتمر قال
ابن حبيب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17116معتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبو نضرة nindex.php?page=hadith&LINKID=1008129عن nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك قبل موته بشهر أو نحو ذلك : " ما من نفس منفوسة اليوم تأتي مائة سنة وهي حية يومئذ " ، وعن
عبد الرحمن صاحب السقاية ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ذلك ، وفسرها
عبد الرحمن قال : نقص العمر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي بالإسنادين جميعا مثله .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13608ابن نمير ، حدثنا
أبو خالد عن
داود واللفظ له ) ح ( وحدثنا أبو
nindex.php?page=showalam&ids=12508بكر بن أبي شيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11994سليمان بن حيان عن
داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة عن
أبي سعيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008130لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تأتي مائة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم " حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور ، أخبرنا
أبو الوليد ، أخبرنا
أبو عوانة عن
حصين عن
سالم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008131قال النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من نفس منفوسة تبلغ مائة سنة " فقال سالم : تذاكرنا ذلك عنده : إنما هي كل نفس مخلوقة يومئذ ا هـ منه بلفظه .
فهذا الحديث الصحيح الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
وجابر ،
وأبو سعيد فيه تصريح النبي صلى الله عليه وسلم بأنه لا تبقى نفس منفوسة حية على وجه الأرض بعد مائة سنة ، فقوله " نفس منفوسة " ونحوها من الألفاظ في روايات الحديث نكرة في سياق النفي فهي تعم كل نفس مخلوقة على الأرض ، ولا شك أن ذلك العموم بمقتضى اللفظ يشمل
الخضر ; لأنه نفس منفوسة على الأرض ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثنا
أبو اليمان ، أخبرنا
شعيب عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12211وأبو بكر بن أبي حثمة أن
عبد الله بن عمر قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008132صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء في آخر حياته ، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " أرأيتكم ليلتكم هذه ، فإن رأس مائة لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد " فوهل الناس في مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ما يتحدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة : وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض " يريد بذلك أنها تخرم ذلك القرن انتهى منه بلفظه ، وقد بينا وجه دلالته على المراد قريبا .
[ ص: 331 ] الرابع : أن
الخضر لو كان حيا إلى زمن النبي صلى الله عليه وسلم لكان من أتباعه ، ولنصره وقاتل معه ; لأنه مبعوث إلى جميع الثقلين الإنس والجن ، والآيات الدالة على عموم رسالته كثيرة جدا ، كقوله تعالى :
قل ياأيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا [ 7 \ 158 ] ، وقولـه :
تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا [ 25 \ 1 ] ، وقولـه تعالى :
وما أرسلناك إلا كافة للناس [ 34 \ 28 ] ، ويوضح هذا أنه تعالى بين في سورة " آل عمران " : أنه أخذ على جميع النبيين الميثاق المؤكد أنهم إن جاءهم نبينا صلى الله عليه وسلم مصدقا لما معهم أن يؤمنوا به وينصرونه ، وذلك في قوله :
وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون [ 3 \ 81 - 82 ] .
وهذه الآية الكريمة على القول بأن المراد بالرسول فيها نبينا صلى الله عليه وسلم ، كما قاله
ابن العباس وغيره فالأمر واضح ، وعلى أنها عامة فهو صلى الله عليه وسلم يدخل في عمومها دخولا أوليا ، فلو كان
الخضر حيا في زمنه لجاءه ونصره وقاتل تحت رايته ، ومما يوضح أنه لا يدركه نبي إلا اتبعه ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة nindex.php?page=showalam&ids=13863والبزار من حديث
جابر رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008133أن عمر رضي الله عنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه فغضب وقال : " لقد جئتكم بها بيضاء نقية لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به ، أو باطل فتصدقوا به ، والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " ا هـ قال
ابن حجر في الفتح : ورجاله موثقون ، إلا أن في
مجالد ضعفا ، وقال الحافظ
ابن كثير رحمه الله في تاريخه بعد أن ساق آية " آل عمران " المذكورة آنفا مستدلا بها على أن
الخضر لو كان حيا لجاء النبي صلى الله عليه وسلم ونصره ما نصه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : ما بعث الله نبينا إلا أخذ عليه الميثاق لئن بعث
محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه ، وأمره أن يأخذ على أمته الميثاق لئن بعث
محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به وينصرونه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عنه .
فالخضر إن كان نبيا أو وليا فقد دخل في هذا الميثاق ، فلو كان حيا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه ، يؤمن بما أنزل الله عليه ، وينصره أن يصل أحد من الأعداء إليه ; لأنه إن كان وليا فالصديق أفضل منه ، وإن كان نبيا
فموسى أفضل منه .
[ ص: 332 ] وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده : حدثنا
شريح بن النعمان ، حدثنا
هشيم أنبأنا
مجالد عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008134والذي نفسي بيده ، لو أن موسى كان حيا ما وسعه إلا أن يتبعني " ، وهذا الذي يقطع به ويعلم من الدين علم الضرورة .
وقد دلت هذه الآية الكريمة : أن
الأنبياء كلهم لو فرض أنهم أحياء مكلفون في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكانوا كلهم أتباعا له وتحت أوامره ، وفي عموم شرعه ، كما أن صلوات الله وسلامه عليه لما اجتمع بهم الإسراء رفع فوقهم كلهم ، ولما هبطوا معه إلى
بيت المقدس وحانت الصلاة أمره
جبريل عن أمر الله أن يؤمهم ، فصلى بهم في محل ولايتهم ودار إقامتهم ، فدل على أنه الإمام الأعظم ، والرسول الخاتم المبجل المقدم صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين .
فإذا علم هذا ، وهو معلوم عند كل مؤمن ، علم أنه لو كان
الخضر حيا لكان من جملة أمة
محمد صلى الله عليه وسلم ، وممن يقتدي بشرعه لا يسعه إلا ذلك ، هذا
عيسى بن مريم عليه السلام إذا نزل في آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة ، لا يخرج منها ولا يحيد عنها ، وهو أحد أولي العزم الخمسة المرسلين ، وخاتم أنبياء
بني إسرائيل ، والمعلوم أن
الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس إليه أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم واحد ، ولم يشهد معه قتالا في مشهد من المشاهد ، وهذا يوم
بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به ربه عز وجل واستنصره واستفتحه على من كفره : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008135اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها في الأرض " وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ ، وسادة الملائكة حتى
جبريل عليه السلام ، كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت في قصيدة له في بيت يقال بأنه أفخر بيت قالته العرب :
وببئر بدر إذ يرد وجوههم جبريل تحت لوائنا
ومحمد
فلو كان
الخضر حيا لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته ، وأعظم غزواته ، قال
القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلي : سئل بعض أصحابنا عن
الخضر هل مات ؟ فقال : نعم ، قال : وبلغني مثل هذا عن
أبي طاهر بن العبادي قال : وكان يحتج بأنه لو كان حيا لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نقله
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في العجالة ، فإن قيل : فهل يقال إنه كان حاضرا في هذه المواطن كلها ولكن لم يكن أحد يراه ؟
فالجواب : أن الأصل عدم هذا الاحتمال البعيد الذي يلزم منه تخصيص العمومات بمجرد التوهمات ، ثم
[ ص: 333 ] ما الحامل له على هذا الاختفاء ؟ وظهوره أعظم لأجره ، وأعلى في مرتبته ، وأظهر لمعجزته ، ثم لو كان باقيا بعده لكان تبليغه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأحاديث النبوية ، والآيات القرآنية ، وإنكاره لما وقع من الأحاديث المكذوبة ، والروايات المقلوبة ، والآراء البدعية ، والأهواء العصبية ، وقتاله مع المسلمين في غزواتهم ، وشهوده جمعهم وجماعاتهم ، ونفعه إياهم ، ودفعه الضرر عنهم مما سواهم ، وتسديده العلماء والحكام ، وتقريره الأدلة والأحكام أفضل مما يقال من كونه في الأمصار ، وجوبه الفيافي والأقطار ، واجتماعه بعباد لا تعرف أحوال كثير منهم ، وجعله كالنقيب المترجم عنهم
وهذا الذي ذكرته لا يتوقف أحد فيه بعد التفهم ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ، انتهى من البداية والنهاية
لابن كثير رحمه الله تعالى .
فتحصل أن الأحاديث المرفوعة التي تدل على وجود
الخضر حيا باقيا لم يثبت منها شيء ، وأنه قد دلت الأدلة المذكورة على وفاته ، كما قدمنا إيضاحه .
وممن بين ضعف الأحاديث الدالة على حياة
الخضر وبقائه
ابن كثير في تاريخه وتفسيره ، وبين كثيرا من أوجه ضعفها
ابن حجر في الإصابة ، وقال
ابن كثير في البداية والنهاية بعد أن ساق الأحاديث والحكايات الواردة في حياة
الخضر : وهذه الروايات والحكايات هي عمدة من ذهب إلى حياته إلى اليوم ، وكل من الأحاديث المرفوعة ضعيفة جدا ، لا تقوم بمثلها حجة في الدين .
والحكايات لا يخلو أكثرها من ضعف في الإسناد ، وقصاراها أنها صحيحة إلى من ليس بمعصوم من صحابي أو غيره ; لأنه يجوز عليه الخطأ ) والله أعلم ( ، إلى أن قال رحمه الله : وقد تصدى الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11890أبو الفرج بن الجوزي رحمه الله في كتابه ) عجلة المنتظر في شرح حالة
الخضر ( للأحاديث الواردة في ذلك من المرفوعات فبين أنها موضوعات ، ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم ، فبين ضعف أسانيدها ببيان أحوالها ، وجهالة رجالها ، وقد أجاد في ذلك وأحسن الانتقاد ا هـ منه .
واعلم أن جماعة من أهل العلم ناقشوا الأدلة التي ذكرنا أنها تدل على وفاته ، فزعموا أنه لا يشمله عموم
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد [ 21 \ 34 ] ، ولا عموم حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008136أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لم يبق على ظهر الأرض أحد ممن هو عليها اليوم " كما تقدم ، قال
أبو عبد الله القرطبي في تفسيره رحمه الله تعالى : ولا حجة لمن استدل به يعني الحديث المذكور على بطلان قول من يقول : إن
الخضر [ ص: 334 ] حي لعموم قوله " ما من نفس منفوسة . " ; لأن العموم وإن كان مؤكد الاستغراق ليس نصا فيه ، بل هو قابل للتخصيص ، فكما لم يتناول
عيسى عليه السلام فإنه لم يمت ولم يقتل ، بل هو حي بنص القرآن ومعناه ، ولا يتناول
الدجال مع أنه حي بدليل حديث الجساسة : فكذلك لم يتناول
الخضر عليه السلام ، وليس مشاهدا للناس ، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضا ، فمثل هذا العموم لا يتناوله ، وقيل : إن أصحاب الكهف أحياء ، ويحجون مع
عيسى عليه السلام كما تقدم ، وكذلك فتى
موسى في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس كما ذكرنا ا هـ منه .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : كلام
القرطبي هذا ظاهر السقوط كما لا يخفى على من له إلمام بعلوم الشرع ، فإنه اعترف بأن حديث النبي صلى الله عليه وسلم عام في كل نفس منفوسة عموما مؤكدا ; لأن زيادة " من " قبل النكرة في سياق النفي تجعلها نصا صريحا في العموم لا ظاهرا فيه كما هو مقرر في الأصول ، وقد أوضحناه في سورة " المائدة " .
ولو فرضنا صحة ما قاله
القرطبي رحمه الله تعالى من أنه ظاهر في العموم لا نص فيه ، وقررنا أنه قابل للتخصيص كما هو الحق في كل عام ، فإن العلماء مجمعون على
وجوب استصحاب عموم العام حتى يرد دليل مخصص صالح للتخصيص سندا ومتنا ، فالدعوى المجردة عن دليل من كتاب أو سنة لا يجوز أن يخصص بها نص من كتاب أو سنة إجماعا .
وقولـه : " إن
عيسى لم يتناوله عموم الحديث " فيه أن لفظ الحديث من أصله لم يتناوله
عيسى ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008137لم يبق على ظهر الأرض ممن هو بها اليوم أحد " ، فخصص ذلك بظهر الأرض فلم يتناول اللفظ من في السماء ،
وعيسى قد رفعه الله من الأرض كما صرح بذلك في قوله تعالى :
بل رفعه الله إليه [ 4 \ 158 ] ، وهذا واضح جدا كما ترى .
ودعوى حياة أصحاب الكهف ، وفتى
موسى ظاهرة السقوط ولو فرضنا حياتهم فإن الحديث يدل على موتهم عند المائة كما تقدم ، ولم يثبت شيء يعارضه .
وقولـه " إن
الخضر ليس مشاهدا للناس ، ولا ممن يخالطهم حتى يخطر ببالهم حالة مخاطبة بعضهم بعضا " يقال فيه : إن الاعتراض يتوجه عليه من جهتين :
الأولى : أن دعوى كون
الخضر محجوبا عن أعين الناس كالجن والملائكة
[ ص: 335 ] دعوى لا دليل عليها والأصل خلافها ; لأن الأصل أن بني آدم يرى بعضهم بعضا لاتفاقهم في الصفات النفسية ، ومشابهتهم فيما بينهم .
الثانية : أنا لو فرضنا أنه لا يراه بنو آدم ، فالله الذي أعلم النبي بالغيب الذي هو " هلاك كل نفس منفوسة في تلك المائة " عالم
بالخضر ، وبأنه نفس منفوسة ، ولو سلمنا جدليا أن
الخضر فرد نادر لا تراه العيون ، وأن مثله لم يقصد بالشمولي في العموم فأصح القولين عند علماء الأصول شمول العام والمطلق للفرد النادر والفرد غير المقصود ، خلافا لمن زعم أن الفرد النادر وغير المقصود لا يشملهما العام ولا المطلق .
قال صاحب جمع الجوامع في " مبحث العام " ما نصه : والصحيح دخول النادرة وغير المقصودة تحته ، فقوله : " النادرة وغير المقصودة " ، يعني الصورة النادرة وغير المقصودة ، وقولـه : " تحته " يعني العام ، والحق أن الصورة النادرة ، وغير المقصودة صورتان واحدة ، وبينهما عموم وخصوص من وجه على التحقيق ; لأن الصورة النادرة قد تكون مقصودة وغير مقصودة ، والصورة غير المقصودة قد تكون نادرة وغير نادرة ، ومن الفروع التي تبنى على دخول الصورة النادرة في العام والمطلق وعدم دخولها فيهما اختلاف العلماء في جواز دفع السبق - بفتحتين - في المسابقة على الفيل ، وإيضاحه أنه جاء في الحديث الذي رواه أصحاب السنن
nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008138لا سبق إلا في خف أو نصل أو حافر " ولم يذكر فيه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه " أو نصل " والفيل ذو خف ، وهو صورة نادرة ، فعلى القول بدخول الصورة النادرة في العام يجوز دفع السبق - بفتحتين - في المسابقة على الفيلة ، والسبق المذكور هو المال المجعول للسابق ، وهذا الحديث جعله بعض علماء الأصول مثالا لدخول الصورة النادرة في المطلق لا العام ، قال : لأن قوله : " إلا في خف " نكرة في سياق الإثبات ; لأن ما بعد " إلا " مثبت ، والنكرة في سياق الإثبات إطلاق لا عموم ، وجعله بعض أهل الأصول مثالا لدخول الصورة النادرة في العام .
قال
الشيخ زكريا : وجه عمومه مع أنه نكرة في الإثبات أنه في حيز الشرط معنى ، إذ التقدير : إلا إذا كان في خف ، والنكرة في سياق الشرط تعم ، وضابط الصورة النادرة عند أهل الأصول هي : أن يكون ذلك الفرد لا يخطر غالبا ببال المتكلم لندرة وقوعه ، ومن أمثلة الاختلاف في
الصورة النادرة : هل تدخل في العام والمطلق أو لا ؟ ! اختلاف العلماء في وجوب
الغسل من خروج المني الخارج بغير لذة ، كمن تلدغه عقرب في ذكره فينزل منه
[ ص: 336 ] المني ، وكذلك الخارج بلذة غير معتادة كالذي ينزل في ماء حار أو تهزه دابة فينزل منه المني ، فنزول المني بغير لذة ، أو بلذة غير معتادة صورة نادرة ، ووجوب الغسل منه يجري على الخلاف المدخول في دخول الصور النادرة في العام والمطلق وعدم دخولها فيهما ، فعلى دخول تلك الصورة النادرة في عموم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008139إنما الماء من الماء " فالغسل واجب ، وعلى العكس فلا ، ومن أمثلة ذلك في المطلق ما لو
أوصى رجل برأس من رقيقه ، فهل يجوز دفع الخنثى أو لا ؟ فعلى دخول الصورة النادرة في المطلق يجوز دفع الخنثى ، وعلى العكس فلا ، ومن أمثلة الاختلاف في دخول الصورة غير المقصودة في الإطلاق ، ما لو
وكل رجل آخر على أن يشتري له عبدا ليخدمه ، فاشترى الوكيل عبدا يعتق على الموكل ، فالموكل لم يقصد من يعتق عليه ، وإنما أراد خادما يخدمه ، فعلى دخول الصورة غير المقصودة في المطلق يمضي البيع ويعتق العبد ، وعلى العكس فلا ، وإلى هاتين المسألتين أشار في المراقي بقوله :
هل نادر في ذي العموم يدخل ومطلق أو لا خلاف ينقل
فما لغير لذة والفيل ومشبه فيه تنافي القيل
وما من القصد خلا فيه اختلف وقد يجيء بالمجاز متصف
وممن مال إلى عدم دخول الصور النادرة وغير المقصودة في العام والمطلق
أبو إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى .
قال مقيده عفا الله عنه : الذي يظهر رجحانه بحسب المقرر في الأصول شمول العام والمطلق للصور النادرة ; لأن العام ظاهر في عمومه حتى يرد دليل مخصص من كتاب أو سنة ، وإذا تقرر أن العام ظاهر في عمومه وشموله لجميع الأفراد فحكم الظاهر أنه لا يعدل عنه ، بل يجب العمل به إلا بدليل يصلح للتخصيص ، وقد كان الصحابة رضي الله عنهم يعملون بشمول العمومات من غير توقف في ذلك ، وبذلك تعلم أن دخول
الخضر في عموم قوله تعالى :
وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد الآية [ 21 \ 34 ] ، وعموم قوله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008140أرأيتكم ليلتكم هذه فإنه على رأس مائة سنة لا يبقى على وجه الأرض ممن هو عليها اليوم أحد " هو الصحيح ، ولا يمكن خروجه من تلك العمومات إلا بمخصص صالح للتخصيص .
ومما يوضح ذلك : أن الخنثى صورة نادرة جدا ، مع أنه داخل في عموم آيات المواريث والقصاص والعتق ، وغير ذلك من عمومات أدلة الشرع ، وما ذكره
القرطبي من
[ ص: 337 ] خروج
الدجال من تلك العمومات بدليل حديث الجساسة لا دليل فيه ; لأن
الدجال أخرجه دليل صالح للتخصيص ، وهو الحديث الذي أشار له
القرطبي ، وهو حديث ثابت في الصحيح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس رضي الله عنها ، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : إنه حدثه به
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري ، وأنه أعجبه حديث
تميم المذكور ; لأنه وافق ما كان يحدث به أصحابه من خبر
الدجال ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثنا
عبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث ،
nindex.php?page=showalam&ids=15699وحجاج بن الشاعر كلاهما عن
عبد الصمد واللفظ
لعبد الوارث بن عبد الصمد ، حدثنا أبي عن جدي عن
الحسين بن ذكوان ، حدثنا
ابن بريدة حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=14577عامر بن شراحيل الشعبي شعب همدان ، أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=11129فاطمة بنت قيس وكانت من المهاجرات الأول فقال : حدثيني حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسنديه إلى أحد غيره ، فقالت لئن شئت لأفعلن ؟ فقال لها : أجل ؟ حدثيني ، فقالت : . . . ثم ساق الحديث وفيه طول ، ومحل الشاهد منه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008141قول nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري : فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا ، وأشده وثاقا ، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبتيه إلى كعبيه بالحديد ، قلنا : ويلك ! ما لك ؟ ! الحديث بطوله إلى قوله وإني مخبركم عني ، إني أنا المسيح ، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض ، فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة ، فهما محرمتان على كلتاهما ، الحديث .
فهذا نص صحيح صريح في أن
الدجال حي موجود في تلك الجزيرة البحرية المذكورة في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=155تميم الداري المذكور ، وإنه باق وهو حي حتى يخرج في آخر الزمان ، وهذا نص صالح للتخصيص يخرج الدجال من عموم حديث موت كل نفس في تلك المائة ، والقاعدة المقررة في الأصول : أن
العموم يجب إبقاؤه على عمومه ، فما أخرجه نص مخصص خرج من العموم وبقي العام حجة في بقية الأفراد التي لم يدل على إخراجها دليل ، كما قدمناه مرارا وهو الحق ومذهب الجمهور ، وهو غالب ما في الكتاب والسنة من العمومات يخرج منها بعض الأفراد بنص مخصص ، ويبقى العام حجة في الباقي ، وإلى ذلك أشار في مراقي السعود في مبحث التخصيص بقوله :
وهو حجة لدى الأكثر إن مخصص له معينا يبن
وبهذا كله يتبين أن النصوص الدالة على موت كل إنسان على وجه الأرض في ظرف تلك المائة ، ونفي الخلد عن كل بشر قبله تتناول بظواهرها
الخضر ، ولم يخرج منها نص
[ ص: 338 ] صالح للتخصيص كما رأيت ، والعلم عند الله تعالى .
واعلم أن العلماء اختلفوا اختلافا كثيرا في
نسب الخضر ، فقيل : هو ابن آدم لصلبه ، وقال
ابن حجر في الإصابة : وهذا قول رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في الأفراد من طريق
رواد بن الجراح عن
nindex.php?page=showalam&ids=17131مقاتل بن سليمان عن
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ورواد ضعيف ،
ومقاتل متروك ،
والضحاك لم يسمع من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وقيل : إنه ابن
قابيل بن آدم قال
ابن حجر : ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين ، ثم ساق سنده وقال : هو معضل وحكى صاحب هذا القول : أنه اسمه
خضرون وهو الخضر ، وقيل : اسمه
عامر ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13138أبو الخطاب بن دحية عن
ابن حبيب البغدادي ، وقيل : إن اسمه
بليام بن ملكان بن فالغ بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح ، ذكر هذا القول
ابن قتيبة في المعارف عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ، قاله
ابن كثير ، وغيره ، وقيل : إن اسمه
المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12427إسماعيل بن أبي أويس ، نقله عنه
ابن كثير وغيرهما .
وقيل : خضرون بن عمائيل من ذرية العيص بن
إسحاق بن إبراهيم الخليل : وهذا القول حكاه
ابن قتيبة أيضا ذكره عنه
ابن حجر ، وقيل : إنه من سبط
هارون أخي
موسى ، وروي ذلك عن
الكلبي عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ذكره
ابن حجر أيضا ثم قال : وهو بعيد ، وأعجب منه قول
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق : إنه
أرميا بن حلقيا ، وقد رد ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935أبو جعفر بن جرير ، وقيل : إنه ابن بنت
فرعون ، حكاه
محمد بن أيوب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة .
وقيل : ابن فرعون لصلبه ، حكاه
النقاش ، وقيل : إنه اليسع ، حكي عن
مقاتل ، وقال
ابن حجر : إنه بعيد ، وقيل : إنه من ولد فارس ، قال
ابن حجر : جاء ذلك عن
ابن شوذب ، أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري بسند جيد من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16240ضمرة بن ربيعة عن
ابن شوذب ، وقيل : إنه من ولد بعض من كان آمن
بإبراهيم وهاجر معه من
أرض بابل ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري في تاريخه ، وقيل : كان أبوه فارسيا ، وأمه رومية ، وقيل عكس ذلك ا هـ ، والله أعلم بحقيقة الواقع ، وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008142إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء ، فإذا هي تهتز من خلفه خضراء ، والفروة البيضاء : ما على وجه الأرض من الحشيش الأبيض وشبهه من الهشيم ، وقيل ، الفروة : الأرض البيضاء التي لا نبات فيها ، وقيل : هي الهشيم اليابس .
ومن ذلك القبيل تسمية جلدة الرأس فروة ، كما قدمنا في سورة " البقرة " في قول الشاعر :
[ ص: 339 ] دنس الثياب كأن فروة رأسه غرست فأنبت جانباها فلفلا