قوله تعالى : وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا .
قوله :
وعرضنا أي : أبرزنا وأظهرنا جهنم
يومئذ ، أي : يوم إذ جمعناهم جمعا ، كما دل على ذلك قوله قبله :
ونفخ في الصور فجمعناهم جمعا [ 18 \ 99 ] ، وقال بعض العلماء : اللام في قوله " للكافرين " بمعنى على ، أي : عرضنا جهنم على الكافرين ، وهذا يشهد له القرآن في آيات متعددة ; لأن العرض في القرآن يتعدى بعلى لا باللام ، كقوله تعالى :
ويوم يعرض الذين كفروا على النار [ 46 \ 20 ] ، وقولـه :
النار يعرضون عليها غدوا وعشيا [ 40 \ 46 ] ، وقولـه تعالى :
وعرضوا على ربك صفا [ 18 \ 48 ] ،
[ ص: 347 ] ونظيره في كلام العرب من إتيان اللام بمعنى " على " البيت الذي قدمناه في أول سورة " هود " ، وقدمنا الاختلاف في قائله ، وهو قوله :
هتكت له بالرمح جيب قميصه فخر صريعا لليدين وللفم
أي خر صريعا على اليدين .
وقد علم من هذه الآيات : أن النار تعرض عليهم ويعرضون عليها ; لأنها تقرب إليهم ويقربون إليها ، كما قال تعالى في عرضها عليهم هنا :
وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا [ 18 \ 100 ] ، وقال في عرضهم عليها :
ويوم يعرض الذين كفروا على النار الآية [ 46 \ 34 ] ، ونحوها من الآيات ، وقد بينا شيئا من صفات عرضهم دلت عليه آيات أخر من كتاب الله في الكلام على قوله تعالى
وعرضوا على ربك صفا [ 18 \ 48 ] ، وقول من قال : إن قوله هنا :
وعرضنا جهنم الآية [ 18 \ 100 ] فيه قلب ، وأن المعنى : وعرضنا الكافرين لجهنم أي : عليها بعيد كما أوضحه
أبو حيان في البحر ، والله تعالى أعلم .