قوله تعالى :
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد
، أمر جل وعلا نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية الكريمة أن يقول للناس :
إنما أنا بشر مثلكم [ 18 \ 110 ] ، أي : لا أقول لكم إني ملك ولا غير بشر ، بل أنا بشر مثلكم ، أي : بشر من جنس البشر ، إلا أن الله تعالى فضلني وخصني بما أوحى إلي من توحيده وشرعه ، وقوله هنا
يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد [ 18 \ 110 ] ، أي : فوحدوه ولا تشركوا به غيره ، وهذا الذي بينه تعالى في هذه الآية ، أوضحه في مواضع أخر ، كقوله في أول " فصلت " :
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فاستقيموا إليه واستغفروه وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم كافرون [ 41 \ 7 - 8 ] ، وقولـه تعالى :
قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا [ 17 \ 93 ] ، وقولـه :
قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي الآية [ 6 \ 50 ] ،
[ ص: 356 ] وهذا الذي أمر الله به نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الآية من أنه يقول للناس أنه بشر ، ولكن الله فضله على غيره بما أوحى إليه من وحيه جاء مثله عن الرسل غيره صلوات الله وسلامه عليهم في قوله تعالى :
قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده الآية [ 14 \ 11 ] ، فكون
الرسل مثل البشر من حيث إن أصل الجميع وعنصرهم واحد ، وأنهم تجري على جميعهم الأعراض البشرية لا ينافي تفضيلهم على سائر البشر بما خصهم الله به من وحيه واصطفائه وتفضيله كما هو ضروري .
وقال بعض أهل العلم : معنى هذه الآية قل يا
محمد للمشركين :
إنما أنا بشر مثلكم ، فمن زعم منكم أني كاذب فليأت بمثل ما جئت به ، فإنني لا أعلم الغيب فيما أخبرتكم به عما سألتم عنه من أخبار الماضين كقصة أصحاب الكهف ، وخبر
ذي القرنين ، وهذا له اتجاه والله تعالى أعلم .