تنبيه
اعلم أن الرجاء كقوله هنا
يرجوا لقاء ربه [ 18 \ 110 ] ، يستعمل في رجاء الخير ، ويستعمل في الخوف أيضا ، واستعماله في رجاء الخير مشهور ، ومن استعمال الرجاء في الخوف قول
أبي ذؤيب الهذلي :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها في بيت نوب عواسل
فقوله " لم يرج لسعها " أي : لم يخف لسعها ، ويروى حالفها بالحاء والخاء ، ويروى عواسل بالسين ، وعوامل بالميم .
فإذا علمت أن الرجاء يطلق على كلا الأمرين المذكورين فاعلم أنهما متلازمان ، فمن كان
يرجو ما عند الله من الخير فهو يخاف ما لديه من الشر كالعكس ، واختلف العلماء في سبب نزول هذه الآية الكريمة .
أعني قوله تعالى :
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا الآية [ 18 \ 110 ] ، فعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنها نزلت في
جندب بن زهير الأزدي الغامدي ، قال : يا رسول الله ، إنني أعمل العمل لله تعالى وأريد وجه الله تعالى ، إلا أنه إذا اطلع عليه سرني ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008152إن الله طيب ولا يقبل إلا الطيب ، ولا يقبل ما شورك فيه " فنزلت الآية ، وذكره
القرطبي في تفسيره ، وذكر
ابن حجر في الإصابة : أنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12861ابن الكلبي في التفسير عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وضعف هذا السند مشهور ،
[ ص: 358 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس أنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني أحب الجهاد في سبيل الله تعالى ، وأحب أن يرى مكاني ، فنزلت هذه الآية ، وعن
مجاهد قال :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أتصدق وأصل الرحم ، ولا أصنع ذلك إلا لله تعالى ، فيذكر ذلك مني ، وأحمد عليه فيسرني ذلك ، وأعجب به فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا ، فأنزل الله تعالى : فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا [ 18 \ 110 ] ، انتهى من تفسير
القرطبي .
ومعلوم أن من قصد بعمله وجه الله فعله لله ولو سره اطلاع الناس على ذلك ، ولا سيما إن كان سروره بذلك لأجل أن يقتدوا به فيه ، ومن قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ، والعلم عند الله تعالى .
وقال صاحب الدر المنثور : أخرج
ابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله :
فمن كان يرجوا لقاء ربه قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره ، وليست هذه في المؤمنين ، وأخرج
عبد الرزاق nindex.php?page=showalam&ids=12455وابن أبي الدنيا في الإخلاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس قال :
قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله ، وأحب أن يرى موطني ، فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية : فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ، وأخرجه الحاكم وصححه ،
والبيهقي موصولا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم عن
مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه ، فأنزل الله
فمن كان يرجوا لقاء ربه ، وأخرج
ابن منده وأبو نعيم في الصحابة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر من طريق
السدي الصغير ، عن
الكلبي ، عن
أبي صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : كان
جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير ارتاح له ، فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله ، فنزل في ذلك :
فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ، وأخرج
هناد في الزهد عن
مجاهد قال :
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله ، وأحب أن يقال لي خير ، فنزلت : فمن كان يرجوا لقاء ربه ا هـ ، من " الدر المنثور في التفسير بالمأثور " والعلم عند الله تعالى .