قوله تعالى :
وكم أهلكنا قبلهم من قرن هل تحس منهم من أحد أو تسمع لهم ركزا [ الآية 98 ] .
" وكم " في هذه الآية الكريمة هي الخبرية ، وهي في محل نصب ; لأنها مفعول أهلكنا ، و من هي المبينة لـ " كم " كما تقدم إيضاحه .
وقوله :
هل تحس منهم من أحد ، أي : هل ترى أحدا منهم ، أو تشعر به ، أو تجده
أو تسمع لهم ركزا ، أي : صوتا ، وأصل الركز : الصوت الخفي ، ومنه ركز
[ ص: 519 ] الرمح : إذا غيب طرفه وأخفاه في الأرض ، ومنه الركاز : وهو دفن جاهلي مغيب بالدفن في الأرض ، ومن إطلاق الركز على الصوت قول
لبيد في معلقته :
فتوجست ركز الأنيس فراعها عن ظهر غيب والأنيس سقامها
وقول
طرفة في معلقته :
وصادقتا سمع التوجس للسرى لركز خفي أو لصوت مندد
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة :
إذا توجس ركزا مقفر ندس بنبأة الصوت ما في سمعه كذب
والاستفهام في قوله : هل يراد به النفي ، والمعنى : أهلكنا كثيرا من الأمم الماضية فما ترى منهم أحدا ولا تسمع لهم صوتا ، وما ذكره في هذه الآية من عدم رؤية أشخاصهم ، وعدم سماع أصواتهم ذكر بعضه في غير هذا الموضع ، كقوله في عاد :
فهل ترى لهم من باقية [ 69 \ 8 ] ، وقوله فيهم :
فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم [ 46 \ 25 ] ، وقوله :
فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمة فهي خاوية على عروشها وبئر معطلة وقصر مشيد [ 22 \ 45 ] ، إلى غير ذلك من الآيات .