قوله تعالى : اذهب أنت وأخوك بآياتي ولا تنيا في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى في ذكري اذهبا إلى فرعون إنه طغى .
قال بعض أهل العلم : المراد بالآيات في قوله هنا :
اذهب أنت وأخوك بآياتي الآيات التسع المذكورة في قوله تعالى :
ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات الآية [ 17 101 ] ، وقوله :
وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات الآية [ 27 12 ] . والآيات التسع المذكورة هي : العصا ، واليد البيضاء . . . إلى آخرها . وقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة " بني إسرائيل " .
وقوله تعالى :
إنه طغى .
أصل الطغيان : مجاوزة الحد ، ومنه :
إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية [ 69 11 ] وقد بين تعالى شدة طغيان فرعون ومجاوزته الحد في قوله عنه :
فقال أنا ربكم الأعلى [ 79 24 ] ، وقوله عنه
ما علمت لكم من إله غيري [ 28 38 ] ، وقوله عنه أيضا :
لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين [ 26 29 ] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
ولا تنيا مضارع ونى يني ، على حد قول
ابن مالك في الخلاصة :
فا أمر ومضارع من كوعد احذف وفي كعدة ذاك اطرد
والونى في اللغة : الضعف ، والفتور ، والكلال ، والإعياء ، ومنه قول
امرئ القيس في معلقته :
مسح إذا ما السابحات على الونى أثرن غبارا بالكديد المركل
وقول
العجاج :
فما ونى محمد مذ أن غفر له الإله ما مضى وما غبر
فقوله :
ولا تنيا في ذكري أي لا تضعفا ، ولا تفترا في ذكري . وقد أثنى الله على من يذكره في جميع حالاته في قوله :
الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم [ 3 191 ] ، وأمر بذكر الله عند لقاء العدو في قوله :
إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا [ 8 45 ]
[ ص: 15 ] كما تقدم إيضاحه .
وقال
ابن كثير في تفسيره هذه الآية الكريمة : والمراد أنهما لا يفتران في ذكر الله في حال مواجهة فرعون . ليكون ذكر الله عونا لهما عليه ، وقوة لهما وسلطانا كاسرا له ، كما جاء في الحديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008284إن عبدي كل عبدي الذي يذكرني وهو مناجز قرنه " اه منه .
وقال بعض أهل العلم :
ولا تنيا في ذكري لا تزالا في ذكري . واستشهد لذلك بقول
طرفة :
كأن القدور الراسيات أمامهم قباب بنوها لا تني أبدا تغلي
أي لا تزال تغلي . ومعناه راجع إلى ما ذكرنا . والعلم عند الله تعالى .