وقوله تعالى :
من أعرض عنه فإنه يحمل يوم القيامة وزرا خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن من أعرض عن هذا الذكر الذي هو القرآن العظيم ، أي : صد وأدبر عنه ، ولم يعمل بما فيه من الحلال ، والحرام ، والآداب ، والمكارم ، ولم يعتقد ما فيه من العقائد ويعتبر بما فيه من القصص ، والأمثال ، ونحو ذلك فإنه يحمل يوم القيامة وزرا ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة : يريد بالوزر العقوبة الثقيلة الباهظة . سماها وزرا تشبيها في ثقلها على المعاقب وصعوبة احتمالها ، بالحمل الذي يفدح الحامل وينقض ظهره ، ويلقي عليه بوزره . أو لأنها جزاء الوزر وهو الإثم .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : قد دلت آيات كثيرة من كتاب الله : على أن المجرمين يأتون يوم القيامة يحملون أوزارهم . أي : أثقال ذنوبهم على ظهورهم . كقوله في
[ ص: 96 ] سورة " الأنعام " :
قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله حتى إذا جاءتهم الساعة بغتة قالوا ياحسرتنا على ما فرطنا فيها وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون [ 6 \ 31 ] ، وقوله في " النحل " :
ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم ألا ساء ما يزرون [ 16 \ 25 ] ، وقوله في " العنكبوت " :
وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون [ 29 \ 13 ] ، وقوله في " فاطر " :
ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى [ 35 \ 18 ] ، .
وبهذه الآيات التي ذكرنا وأمثالها في القرآن تعلم أن معنى قوله تعالى :
فإنه يحمل يوم القيامة وزرا [ 20 \ 100 ] ، وقوله :
وساء لهم يوم القيامة حملا [ 20 \ 101 ] ، أن المراد بذلك الوزر المحمول أثقال ذنوبهم وكفرهم يأتون يوم القيامة يحملونها : سواء قلنا إن أعمالهم السيئة تتجسم في أقبح صورة وأنتنها ، أو غير ذلك كما تقدم إيضاحه . والعلم عند الله . وقد قدمنا عمل " ساء " التي بمعنى بئس مرارا . فأغنى ذلك عن إعادته هنا .
وقوله تعالى :
خالدين فيه . قال
القرطبي في تفسير هذه الآية الكريمة :
خالدين فيه يريد مقيمين فيه ، أي : في جزائه ، وجزاؤه جهنم .
تنبيه
إفراد الضمير في قوله : أعرض وقوله : فإنه وقوله : يحمل باعتبار لفظ " من " وأما جمع خالدين وضمير لهم
يوم القيامة فباعتبار معنى من . كقوله :
ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها [ 20 \ 101 ] ، وقوله :
ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبدا الآية [ 72 \ 23 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير هذه الآية الكريمة : فإن قلت : اللام في " لهم " ما هي ؟ وبم تتعلق ؟ قلت : هي للبيان كما في
هيت لك . [ 12 \ 23 ] .