تنبيه
في هذه الآية الكريمة سؤال معروف ، وهو أن يقال :
كيف عدى فعل الوسوسة في " طه " بإلى في قوله فوسوس إليه الشيطان مع أنه عداه في " الأعراف " باللام في قوله
فوسوس لهما الشيطان [ 7 \ 20 ] ، . وللعلماء عن هذا السؤال أجوبة .
أحدها : أن حروف الجر يخلف بعضها بعضا . فاللام تأتي بمعنى إلى كعكس ذلك .
قال
الجوهري في صحاحه : وقوله تعالى :
فوسوس إليه الشيطان يريد إليهما ، ولكن العرب توصل بهذه الحروف كلها الفعل ا ه . وتبعه
ابن منظور في اللسان . ومن الأجوبة عن ذلك : إرادة التضمين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في تفسير هذه الآية :
[ ص: 112 ] فإن قلت كيف عدى " وسوس " تارة باللام في قوله
فوسوس لهما الشيطان وأخرى بإلى ؟ قلت : وسوسة الشيطان كولولة الثكلى ، ووعوعة الذئب ، ووقوقة الدجاجة ، في أنها حكايات للأصوات ، وحكمها حكم صوت وأجرس . ومنه وسوس المبرسم وهو موسوس بالكسر ، والفتح لحن . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=12585ابن الأعرابي :
وسوس يدعو مخلصا رب الفلق . . . . . .
فإذا قلت : وسوس له . فمعناه لأجله . كقوله :
أجرس لها يا ابن أبي كباش فما لها الليلة من إنفاش
غير السرى وسائق نجاش
ومعنى
فوسوس إليه أنهى إليه الوسوسة . كقوله : حدث إليه وأسر إليه ا ه منه . وهذا الذي أشرنا إليه هو معنى الخلاف المشهور بين البصريين ، والكوفيين في تعاقب حروف الجر ، وإتيان بعضها مكان بعض هل هو بالنظر إلى التضمين ، أو لأن الحروف يأتي بعضها بمعنى بعض ؟ وسنذكر مثالا واحدا من ذلك يتضح به المقصود . فقوله تعالى مثلا :
ونصرناه من القوم الذين كذبوا بآياتنا الآية [ 21 \ 77 ] على القول بالتضمين . فالحرف الذي هو " من " وارد في معناه لكن " نصر " هنا مضمنة معنى الإنجاء ، والتخليص ، أي : أنجيناه وخلصناه من الذين كذبوا بآياتنا . والإنجاء مثلا يتعدى بمن . وعلى القول الثاني فـ " نصر " وارد في معناه ، لكن " من " بمعنى على ، أي : نصرناه على القوم الذين كذبوا الآية ، وهكذا في كل ما يشاكله .
وقد قدمنا في سورة " الكهف " أن اختلاف العلماء في تعيين
الشجرة التي نهى الله آدم عن الأكل منها اختلاف لا طائل تحته ، لعدم الدليل على تعيينها ، وعدم الفائدة في معرفة عينها .
وبعضهم يقول : هي السنبلة . وبعضهم يقول : هي شجرة الكرم . وبعضهم يقول : هي شجرة التين ، إلى غير ذلك من الأقوال .