قوله تعالى :
أفتأتون السحر وأنتم تبصرون .
إعراب هذه الجملة جار مجرى إعراب الجملة التي قبلها ، التي هي
هل هذا إلا بشر مثلكم والمعنى أنهم زعموا أن ما جاء به نبينا - صلى الله عليه وسلم - سحر ، وبناء على ذلك الزعم الباطل أنكروا على أنفسهم إتيان السحر وهم يبصرون . يعنون بذلك تصديق النبي - صلى الله عليه وسلم - أي : لا يمكن أن نصدقك ونتبعك ، ونحن نبصر أن ما جئت به سحر . وقد بين - جل وعلا - في غير هذا الموضع أنهم ادعوا أن ما جاء به - صلى الله عليه وسلم - سحر ، كقوله عن بعضهم :
إن هذا إلا سحر يؤثر [ 74 \ 24 ] ، وقوله تعالى :
كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون [ 51 \ 52 ] . وقد رد الله عليهم دعواهم أن القرآن سحر بقوله هنا :
قال ربي يعلم القول في السماء والأرض وهو السميع العليم [ 21 \ 4 ] يعني أن الذي يعلم القول في السماء والأرض الذي هو السميع العليم ، المحيط علمه بكل شيء ، هو الذي أنزل هذا القرآن العظيم ، وكون من أنزله هو العالم بكل شيء يدل على كمال صدقه في الأخبار وعدله في الأحكام ، وسلامته من جميع العيوب ، والنقائص ، وأنه ليس بسحر . وقد أوضح هذا المعنى في غير هذا الموضع ؛ كقوله تعالى :
قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض الآية [ 25 \ 6 ] وقوله تعالى :
[ ص: 135 ] لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون وكفى بالله شهيدا [ 4 \ 166 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقرأ هذا الحرف
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
وحفص عن
عاصم قال ربي يعلم القول بألف بعد القاف وفتح اللام بصيغة الفعل الماضي ، وقرأه الباقون قل بضم القاف وإسكان اللام بصيغة الأمر .