قوله تعالى :
ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة وكلا جعلنا صالحين .
ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة أنه وهب
لإبراهيم ابنه
إسحاق ، وابن ابنه
يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ، وأنه جعل الجميع صالحين . وقد أوضح البشارة بهما في غير هذا الموضع ، كقوله تعالى :
وامرأته قائمة فضحكت فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب [ 11 \ 71 ] وقوله :
وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين [ 37 \ 112 ] وقد أشار تعالى في سورة " مريم " إلى أنه لما هجر الوطن والأقارب عوضه الله من ذلك قرة العين بالذرية الصالحة ، وذلك في قوله :
فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا [ 19 \ 49 ] .
وقوله في هذه الآية الكريمة : نافلة قال فيه
ابن كثير : قال
عطاء ومجاهد : نافلة : عطية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14152والحكم بن عتيبة : النافلة : ولد الولد ، يعني أن
[ ص: 166 ] يعقوب ولد إسحاق .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أصل النافلة في اللغة : الزيادة على الأصل ، ومنه النوافل في العبادات ؛ لأنها زيادات على الأصل الذي هو الفرض ، وولد الولد زيادة على الأصل الذي هو ولد الصلب ، ومن ذلك قول
أبي ذؤيب الهذلي :
فإن تك أنثى من معد كريمة علينا فقد أعطيت نافلة الفضل
أي أعطيت الفضل عليها ، والزيادة في الكرامة علينا ، كما هو التحقيق في معنى بيت
أبي ذؤيب هذا ، وكما شرحه به
nindex.php?page=showalam&ids=14494أبو سعيد الحسن بن الحسين السكري في شرحه لأشعار الهذليين . وبه تعلم أن إيراد صاحب اللسان بيت
أبي ذؤيب المذكور مستشهدا به لأن النافلة الغنيمة - غير صواب ، بل هو غلط . مع أن الأنفال التي هي الغنائم راجعة في المعنى إلى معنى الزيادة ؛ لأنها زيادة تكريم أكرم الله بها هذا النبي الكريم فأحلها له ولأمته . أو لأن الأموال المغنومة أموال أخذوها زيادة على أموالهم الأصلية بلا ثمن .
وقوله : نافلة فيه وجهان من الإعراب ، فعلى قول من قال : النافلة العطية فهو ما ناب عن المطلق من " وهبنا " أي : وهبنا له
إسحاق ويعقوب هبة . وعليه النافلة مصدر جاء بصيغة اسم الفاعل كالعاقبة والعافية . وعلى أن النافلة بمعنى الزيادة فهو حال من " يعقوب " أي : وهبنا له
يعقوب في حال كونه زيادة على
إسحاق .