المسألة السابعة
اعلم أن
استهزاء الظاهرية وسخريتهم بالأئمة المجتهدين - رحمهم الله - ودعواهم أن قياساتهم متناقضة ينقض بعضها بعضا ، وأن ذلك دليل على أنها كلها باطلة وليست من الدين في شيء - إذا تأمل فيه المنصف العارف وجد الأئمة - رحمهم الله - أقرب في أغلب ذلك إلى الصواب والعمل بما دلت عليه النصوص من الظاهرية الساخرين المستهزئين . وسنضرب لك بعض الأمثلة لذلك لتستدل به على غيره .
اعلم أن من أعظم المسائل التي قال فيها
الظاهرية بتناقض أقيسة الأئمة وتكذيب بعضها لبعض ، وأن ذلك يدل على بطلان كل قياس من أقيستهم - هي مسألة الربا التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008425الذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، والبر بالبر ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح ، مثلا بمثل ، يدا بيد ، فمن زاد أو استزاد فقد أربى " .
قال
الظاهرية : فالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما حرم الربا في الستة المذكورة ، فتحريمه في شيء غيرها قول على الله وعلى رسوله ، وتشريع زائد على ما شرعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالوا : والذين زادوا على النص أشياء يحرم فيها الربا اختلفت أقوالهم ، وتناقضت أقيستهم ، فبعضهم يقول : التمر والبلوط ثمر شجر يؤكل ويدبغ بقشره . وبعضهم يقول هي الكيل . وبعضهم يقول هي الاقتيات والادخار . . . إلخ .
فهذه أقيسة متضاربة متناقضة فليست من عند الله ، وإذا تأملت في هذه المسألة التي سخروا بسببها من الأئمة ، وادعوا عليهم أنهم حرموا الربا في أشياء لا دليل على تحريمه فيها كالتفاح عند من يقول : العلة الطعم
nindex.php?page=showalam&ids=13790كالشافعي ، وكالأشنان عند من يقول : العلة الكيل - علمت أن الأئمة أقرب إلى العمل بالنص في ذلك من
الظاهرية المدعين الوقوف مع ظاهر النص . أما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الذي قال :
العلة في تحريم الربا الطعم فقد استدل لذلك بما رواه
مسلم في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17224هارون بن معروف ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، أخبرني
عمرو ( ح ) وحدثني
أبو الطاهر ، أخبرنا
ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، أن
أبا النضر حدثه ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=15527بسر بن سعيد حدثه عن
معمر بن عبد الله ، أنه أرسل غلامه بصاع قمح . الحديث ، وفيه : فإني كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007206الطعام بالطعام مثلا بمثل " وكان طعامنا
[ ص: 224 ] يومئذ الشعير . فهذا حديث صحيح صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الطعام إذا بيع بالطعام بيع مثلا بمثل . والطعام في اللغة العربية : اسم لكل ما يؤكل ، قال تعالى :
كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل الآية [ 3 \ 93 ] وقال :
فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبا ثم شققنا الأرض شقا فأنبتنا فيها حبا وعنبا [ 80 \ 24 - 28 ] وقال تعالى :
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم [ 5 \ 5 ] ولا خلاف في ذبائحهم في ذلك . وفي صحيح
مسلم nindex.php?page=hadith&LINKID=1008426أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال في زمزم : " إنها طعام طعم " وقال
لبيد في معلقته :
لمعفر قهد تنازع شلوه غبس كواسب لا يمن طعامها
يعني بطعامها : فريستها ، كما قدمنا هذا مستوفى في سورة " البقرة " .
فالشافعي وإن سخر
الظاهرية منه في تحريمه الربا في التفاح فهو متمسك في ذلك بظاهر حديث صحيح ، يقول فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007206الطعام بالطعام مثلا بمثل " . فما المانع
للظاهرية من القول بظاهر هذا الحديث الصحيح على عادتهم التي يزعمون فيحكمون على الطعام بأنه مثل بمثل ؟ وما مستندهم في مخالفة ظاهر هذا الحديث الصحيح ، وحكمهم بالربا في البر والشعير والتمر والملح دون غيرها من سائر المطعومات ؟ مع أن لفظ الطعام في الحديث المذكور عام للأربعة المذكورة وغيرها كما ترى ، فهل
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في تحريم الربا في التفاح أقرب إلى ظاهر النص أو
الظاهرية ؟ وكذلك سخريتهم من الإمام
أبي حنيفة وأحمد - رحمهما الله - في قولهما بدخول الربا في كل مكيل وموزون ، مستهزئين بمن يقول بالربا في الأشنان قياسا على التمر - إذا تأملت فيه وجدت الإمامين - رحمهما الله - أقرب في ذلك إلى ظاهر النص من
الظاهرية .
قال
الحاكم في ( المستدرك ) : حدثنا
أبو بكر أحمد بن سليمان الفقيه ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14123الحسن بن مكرم ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، ثنا
حيان بن عبيد الله العدوي ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008427سألت أبا مجلز عن الصرف ، فقال : كان nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - لا يرى به بأسا زمانا من عمره ما كان منه عينا ، يعني يدا بيد ، فكان يقول : إنما الربا في النسيئة . فلقيه nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري ، فقال : يا nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ألا تتقي الله إلى متى تؤكل الناس الربا ؟ أما بلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ذات يوم وهو عند زوجته nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : " إني لأشتهي تمر عجوة " فبعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار ، فجاء بدل صاعين صاع من تمر عجوة ، فقامت فقدمته إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رآه أعجبه ، فتناول تمرة ، ثم أمسك فقال : " من أين لكم هذا ؟ " [ ص: 225 ] فقالت nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة : بعثت صاعين من تمر إلى رجل من الأنصار ، فأتانا بدل صاعين هذا الصاع الواحد ، وها هو ، كل ، فألقى التمرة بين يديه فقال : " ردوه لا حاجة لي فيه ، التمر بالتمر ، والحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والذهب بالذهب ، والفضة بالفضة ، يدا بيد ، عينا بعين ، مثلا بمثل ، فمن زاد فهو ربا " ثم قال " كذلك ما يكال ويوزن أيضا " إلى آخره .
ثم قال
الحاكم - رحمه الله - : هذا حديث صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه بهذه السياقة . وهذا الحديث الذي قال
الحاكم : إنه صحيح الإسناد ، فيه التصريح بأن ما يكال ويوزن يباع مثلا بمثل ، يدا بيد ، وقد قدمنا مرارا أن الموصولات من صيغ العموم لعمومها في كل ما تشمله صلاتها .
فأبو حنيفة مثلا القائل بالربا في الأشنان متمسك بظاهر هذا الحديث ، فهو أقرب إلى ظاهر النص من
الظاهرية المستهزئين به ، الزاعمين أنه بعيد في ذلك عن النص .
فإن قيل : هذا الحدث لا يحتج به لضعفه ، وقد قال
الذهبي متعقبا على
الحاكم تصحيحه للحديث المذكور ما نصه : قلت :
حيان فيه ضعف وليس بالحجة ، وقد أشار
البيهقي إلى تضعيف هذا الحديث ، وأعله
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم من ثلاثة أوجه : الأول : زعمه أنه منقطع ؛ لأن
أبا مجلز لم يسمع من
أبي سعيد ولا من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . الثاني : أن في الحديث أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رجع عن القول بإباحة ربا الفضل . واعتقاد
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن ذلك باطل لقول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لم يرجع عن ذلك . والثالث : أن
حيان بن عبيد الله المذكور في سند هذا الحديث مجهول .
فالجواب عن ذلك كله هو ما ستراه الآن إن شاء الله ، وهو راجع إلى شيئين : الأول : مناقشة من ضعف الحديث ، وبيان أنه ليس بضعيف . والثاني : أنا لو سلمنا ضعفه تسليما جدليا فهو معتضد بما يثبت الاحتجاج به من الشواهد .
أما المناقشة في تضعيفه ، فقول
الذهبي : إن
حيان فيه ضعف وليس بالحجة - معارض بقول
أبي حاتم فيما ذكره عن ابنه في كتاب " الجرح والتعديل " : إنه صدوق ، ومعلوم أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملا ، والتجريح لا يقبل إلا مبينا مفصلا كما هو مقرر في علوم الحديث . وقد ترجم له
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه الكبير ولم يذكر فيه جرحا . وإعلال
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم له بأنه منقطع وأن
حيان مجهول قد قدمنا مناقشته فيه في سورة " البقرة " ؛ لأن
أبا مجلز أدرك
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وسمع عنه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " في
أبي مجلز المذكور : وهو
لاحق بن حميد [ ص: 226 ] السدوسي البصري ، توفي أيام
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز ، وروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وأنس وجندب . . . إلخ ، وتصريحه بروايته عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يدل على عدم صحة قول
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : إنه لم يسمع من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه الكبير في
لاحق بن حميد المذكور :
أبو مجلز السدوسي البصري ، مات قبل
الحسن بقليل ، ومات
الحسن سنة عشر ومائة ، سمع
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=9وأنس بن مالك . . . إلخ . وفيه تصريح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري بسماع
أبي مجلز من
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ومع هذا
فابن حزم يقول : هو منقطع لعدم سماعه منه . وأما
أبو سعيد فلا شك أنه أدركه
أبو مجلز المذكور ، والمعاصرة تكفي ، ولا يشترط ثبوت اللقي على التحقيق ، كما أوضحه
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج في مقدمة صحيحه .
وقال
ابن حجر في تهذيب التهذيب في
أبي مجلز المذكور : روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري ،
والحسن بن علي ،
ومعاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين ،
nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=19والمغيرة بن شعبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=41وحفصة ،
nindex.php?page=showalam&ids=54وأم سلمة ،
وأنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=401وجندب بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=16024وسلمة بن كهيل ،
وقيس بن عباد ، وغيرهم . وأرسل عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
وحذيفة . . . إلخ . ومما يوضح معاصرة
أبي مجلز لأبي سعيد أن جماعة من هؤلاء الصحابة الذين ذكر
ابن حجر أنه روى عنهم ماتوا قبل
أبي سعيد - رضي الله عنهم .
فأبو سعيد - رضي الله عنه - توفي سنة ثلاث أو أربع أو خمس بعد الستين ، وقد مات قبله
الحسن بن علي ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=40وعمران بن حصين ،
ومعاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب كما هو معلوم .
وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم : إنه مجهول فقد قدمنا مناقشة
السبكي له في تكملة المجموع ، وأنه قال : فإن أراد
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أنه مجهول العين فليس بصحيح ، بل هو رجل مشهور ، روى عنه حديث الصرف هذا
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، ومن جهته أخرجه
الحاكم ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وإبراهيم بن الحجاج الشامي ، ومن جهته رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي nindex.php?page=showalam&ids=17420ويونس بن محمد ، ومن جهته رواه
البيهقي ' وهو
حيان بن عبيد الله بن حيان بن بشر بن عدي بصري ، سمع
أبا مجلز لاحق بن حميد ،
والضحاك وعن أبيه ، وروى عن
عطاء ،
وابن بريدة ، روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل nindex.php?page=showalam&ids=17081ومسلم بن إبراهيم ،
وأبو داود ، nindex.php?page=showalam&ids=16527وعبيد الله بن موسى ، عقد له
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ترجمة فذكر كل منهما بعض ما ذكرته . وله ترجمة في كتاب
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي كما أشرت إليه ، فزال عنه جهالة العين . وإن أراد جهالة الحال فهو قد رواه من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه ، فقال في إسناده : أخبرنا
روح ، قال : حدثنا
حيان بن عبيد الله ، وكان رجل صدق . فإن كانت هذه الشهادة له بالصدق من
nindex.php?page=showalam&ids=15903روح بن عبادة ، فروح محدث نشأ في الحديث ، عارف به ، مصنف
[ ص: 227 ] متفق على الاحتجاج به ، بصري بلدي للمشهود له فتقبل شهادته له . وإن كان هذا القول من
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه فناهيك به ، ومن يثني عليه
إسحاق ! وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم حيان بن عبيد الله هذا ، وذكر جماعة من المشاهير ممن رووا عنه وممن روي عنهم ، قال : إنه سأل أباه عنه ، فقال : صدوق . ا هـ من تكملة المجموع كما قدمناه في سورة " البقرة " . والذي رأيت في سنن
البيهقي الكبرى أن الراوي عن
حيان المذكور في إسناده له
إبراهيم بن الحجاج ، وقال صاحب " الجوهر النقي " :
وحيان هذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات من أتباع التابعين . وقال
الذهبي في الضعفاء : جائز الحديث . وقال
عبد الحق في أحكامه : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13863أبو بكر البزار :
حيان رجل من
أهل البصرة مشهور وليس به بأس . وقال فيه
أبو حاتم : صدوق . وقال بعض المتأخرين فيه : مجهول . ولعله اختلط عليه
بحيان بن عبيد الله المروي ، وبما ذكر تعلم أن دعوى
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم أن الحديث منقطع ، وأن
حيان المذكور مجهول ليست بصحيحة .
وأما دعواه عدم رجوع
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس لقول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير : إنه لم يرجع عن القول بإباحة ربا الفضل ، فقد قدمنا الروايات الواردة برجوعه مستوفاة في سورة " البقرة " عن جماعة من أصحابه ، ولا شك أنها أولى من قول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ؛ لأنهم جماعة وهو واحد ؛ ولأنهم مثبتون رجوعه وهو نافيه ، والمثبت مقدم على النافي . وأما شواهد حديث
حيان المذكور الدال على أن الربا في كل ما يكال ويوزن ؛ فمنها ما قدمنا في سورة " البقرة " من حديث
أنس ، nindex.php?page=showalam&ids=63وعبادة بن الصامت عند
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008428ما وزن مثل بمثل إذا كان نوعا واحدا ، وما كيل فمثل ذلك . فإذا اختلف النوعان فلا بأس به " وقد قدمنا في سورة " البقرة " قول
الشوكاني : إن حديث
أنس وعبادة هذا أشار إليه
ابن حجر في " التلخيص " ولم يتكلم عليه ، وفي إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=14358الربيع بن صبيح ، وثقه
أبو زرعة ، وغيره ، وضعفه جماعة ، وقد أخرج هذا الحديث
البزار أيضا . ويشهد لصحته حديث
عبادة المذكور أولا ، وغيره من الأحاديث . انتهى منه كما تقدم . وفي هذا الحديث المذكور دليل واضح على أن كل ما يكال أو يوزن فيه الربا وإن سخر
الظاهرية ممن يقول بذلك ، ومن شواهد حديث
حيان المذكور الحديث المتفق عليه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في ( كتاب الوكالة ) : حدثنا
عبد الله بن يوسف ، أخبرنا
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16480عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة - رضي الله عنهما -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007210أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا على خيبر ، فجاءهم بتمر جنيب ، فقال : " أكل تمر خيبر هكذا " ؟ فقال : إنا [ ص: 228 ] لنأخذ الصاع من هذا بالصاعين ، والصاعين بالثلاثة . فقال : " لا تفعل ، بع الجمع بالدراهم ثم ابتع بالدراهم جنيبا " ، وقال في الميزان مثل ذلك . انتهى منه .
ومحل الشاهد منه قوله : وقال في الميزان مثل ذلك ، ومعناه ظاهر جدا في أن ما يوزن بالميزان مثل ذلك في
منع الربا . وقد قدمنا أقوال من أول هذا الحديث وصرفه عن المعنى المذكور في سورة " البقرة " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15020عبد الله بن مسلمة بن قعنب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان - يعني ابن بلال - عن
nindex.php?page=showalam&ids=16480عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يحدث أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة وأبا سعيد حدثاه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007196أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث أخا بني عدي الأنصاري فاستعمله على خيبر ، فقدم بتمر جنيب ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أكل تمر خيبر هكذا ؟ " . قال : لا ، والله يا رسول الله إنا لنشتري الصاع بالصاعين من الجمع . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا تفعلوا ، ولكن مثلا بمثل ، أو بيعوا هذا واشتروا بثمنه من هذا ، وكذلك الميزان " انتهى منه . وقوله في هذا الحديث المتفق عليه " وكذلك الميزان " ظاهر جدا في أن ما يوزن كما يكال ، وأن في ذلك كله الربا . ولا شك أن هذه الأحاديث التي عمل بها بعض الأئمة وإن استهزأ بهم
الظاهرية في ذلك أقرب إلى ظاهر النص من قول
الظاهرية : إنه لا ربا إلا في الستة المذكورة قبل . والمقصود التمثيل لأحوالهم مع الأئمة المجتهدين رحمهم الله .
تنبيه
اعلم أنا نقول بموجب الأحاديث التي استدل بها
الظاهرية على أن ما سكت عنه الشارع فهو عفو ، ونقول مثلا : إن صوم شهر آخر غير رمضان لم يوجب علينا فهو عفو . ولكن لا نسلم أن آية :
فلا تقل لهما أف [ 17 \ 23 ] ساكتة عن تحريم ضرب الوالدين ، بل نقول هي دالة عليه ، وادعاء أنها لم تتعرض لذلك باطل كما ترى . ولا نقول : إن آية
فمن يعمل مثقال ذرة الآية [ 99 \ 7 ] ساكتة عن مؤاخذة من عمل مثقال جبل ، بل هي دالة على المؤاخذة بذلك . وهكذا إلى آخر ما ذكرنا من أمثلة ذلك في هذه المباحث وفي سورة " بني إسرائيل " . وما ذكرنا سابقا من أن الصواب في مسألة القياس أنه قسمان ؛ صحيح وفاسد ، كما بينا وكما أوضحه
ابن القيم في كلامه الذي نقلنا - اعتمده صاحب " مراقي السعود " في قوله في القياس :
وما روي من ذمة فقد عني به الذي على الفساد قد بني