وإذا علمت أقوال أهل العلم في
معنى الاستطاعة المذكورة في قوله تعالى : من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] فهذه أدلتهم .
أما الأكثرون الذين فسروا الاستطاعة بالزاد والراحلة ، فحجتهم الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بتفسير الاستطاعة في الآية بالزاد والراحلة . وقد روي عنه ذلك من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ومن حديث
أنس ، ومن حديث
عائشة ، ومن حديث
[ ص: 311 ] جابر ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، ومن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ا هـ .
أما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقد أخرجه
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من طريق
إبراهيم بن يزيد الخوزي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد بن جعفر المخزومي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر . وقال
الترمذي بعد أن ساقه : هذا حديث حسن والعمل عليه عند أهل العلم : أن الرجل إذا ملك زادا وراحلة وجب عليه الحج .
وإبراهيم بن يزيد هو الخوزي المكي ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه . انتهى من
الترمذي .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : تحسين
الترمذي رحمه الله لهذا الحديث لا وجه له ; لأن
إبراهيم الخوزي المذكور متروك لا يحتج بحديثه ، كما جزم به غير واحد . وقد نقل
الزيلعي في نصب الراية عن
الترمذي : أنه لما ساق الحديث المذكور ، قال فيه : حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث
إبراهيم بن يزيد الخوزي . وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه . ا هـ .
ومقتضى ما نقل
الزيلعي عنه أنه لم يحسنه ، وإنما وصفه بالغرابة ، وهذا الذي ذكره
الزيلعي ذكره
الترمذي في موضع آخر ، وقد علمت أن
إبراهيم الخوزي لا يحتج به . فلا يكون حديث هو في إسناده حسنا .
قال صاحب نصب الراية : وله طريق آخر عند
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه أخرجه
محمد بن الحجاج المصفر ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد بن جعفر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر مرفوعا ،
ومحمد بن الحجاج المصفر ضعيف . اهـ . وهو كما قال
الزيلعي ضعيف . قال في الميزان فيه : روى
عباس عن
يحيى ليس بثقة . وقال
أحمد : قد تركنا حديثه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
شعبة : سكتوا عنه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : متروك . ثم ذكر بعض عجائبه ، وعلى كل حال فهو لا يحتج به .
واعلم أن
إبراهيم بن يزيد الخوزي كما تابعه في هذه الرواية
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم من طريق
محمد بن الحجاج المصفر الذي ذكرنا آنفا ، أنه لا يحتج به ، فقد تابعه أيضا فيها غيره من الضعفاء .
قال
الزيلعي في نصب الراية بعد أن ذكر حديث
إبراهيم الخوزي المذكور ، عند
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه : ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، ثم
البيهقي في سننهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : وقد تابع
nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم بن يزيد عليه
محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي ،
[ ص: 312 ] فرواه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16984محمد بن عباد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم كذلك . انتهى . وهذا الذي أشار إليه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل وأعله
بمحمد بن عبد الله الليثي ، وأسند تضعيفه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي nindex.php?page=showalam&ids=17336وابن معين ثم قال : والحديث معروف
بإبراهيم بن يزيد الخوزي ، وهو من هذه الطريق غريب . ثم ذكر عن
البيهقي تضعيف
إبراهيم المذكور . قال : وروي من أوجه أخر كلها ضعيفة . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس من قوله : ورويناه من أوجه صحيحة ، عن
الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وفيه قوة لهذا السند . انتهى . ثم قال
الزيلعي بعد هذا الكلام الذي نقلناه عنه : قال الشيخ في الإمام قوله : فيه قوة ، فيه نظر . لأن المعروف عندهم : أن الطريق إذا كان واحدا ، ورواه الثقات مرسلا ، وانفرد ضعيف برفعه ، أن يعللوا المسند بالمرسل ، ويحملوا الغلط على رواية الضعيف . فإذا كان ذلك موجبا لضعف المسند ، فكيف يكون تقوية له . اهـ . وهو كما قال ، كما هو معروف في الأصول وعلم الحديث . ثم قال
الزيلعي : قال - يعني الشيخ - في الإمام : والذي أشار إليه من قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15286أبو بكر بن المنذر ، حدثنا
علان بن المغيرة ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16442أبو صالح عبد الله بن صالح ، حدثني
معاوية بن صالح ، عن
علي بن أبي طلحة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، قوله . والمرسل رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور في سننه ، حدثنا
هشام ، ثنا
يونس عن
الحسن قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008456لما نزلت ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] قال رجل : يا رسول الله ، وما السبيل ؟ قال صلى الله عليه وسلم " زاد وراحلة " . انتهى .
حدثنا
الهيثم ، ثنا
منصور ، عن
الحسن مثله .
حدثنا
خالد بن عبد الله ، عن
يونس ، عن
الحسن مثله . قال : وهذه أسانيد صحيحة إلا أنها مرسلة . وقال
ابن المنذر : لا يثبت الحديث الذي فيه ذكر الزاد والراحلة مسندا ، والصحيح رواية
الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ، وأما المسند فإنما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12402إبراهيم بن يزيد ، وهو متروك ، ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين وغيره . اهـ . من نصب الراية .
وبهذا تعلم أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المذكور لم يسند من وجه صحيح ، ولم يثبت ; لأن
إبراهيم الخوزي متروك ،
ومحمد بن الحجاج المصفر الذي ذكرنا أن
إبراهيم تابعه عليه
nindex.php?page=showalam&ids=15627جرير بن حازم من طريقه لا يحتج به كما بيناه ، وقد بينا أن متابعة
محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي لا تقويه ; لأنه ضعيف ، ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، وأعل الحديث به
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل . وقال
الذهبي في الميزان : ضعفه
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : منكر الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : متروك . . اهـ منه .
[ ص: 313 ] وأما مرسل
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري المذكور ، وإن كان إسناده صحيحا إلى
الحسن ، فلا يحتج به ; لأن مراسيل
الحسن رحمه الله لا يحتج بها .
قال
ابن حجر في تهذيب التهذيب : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : مراسيل
الحسن فيها ضعف . وقال في تهذيب التهذيب أيضا : وقال
محمد بن سعد : كان
الحسن جامعا عالما رفيعا فقيها ثقة ، مأمونا ، عابدا ، ناسكا ، كثير العلم ، فصيحا ، جميلا ، وسيما ، وكان ما أسند من حديثه وروى عمن سمع منه ، فهو حجة ، وما أرسل فليس بحجة .
وقال صاحب تدريب الراوي في شرح تقريب
النواوي : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل : مرسلات
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب أصح المرسلات ، ومرسلات
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي لا بأس بها ، وليس في المرسلات أضعف من مرسلات
الحسن وعطاء ; فإنهما كانا يأخذان عن كل واحد . انتهى . ثم قال بعد هذا الكلام : وقال
العراقي : مراسيل
الحسن عندهم شبه الريح ، وعدم الاحتجاج بمراسيل
الحسن هو المشهور عند المحدثين . وقال بعض أهل العلم : هي صحاح إذا رواها عنه الثقات . قال
ابن حجر في تهذيب التهذيب : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16604ابن المديني : مرسلات
الحسن إذا رواها عنه الثقات صحاح ، ما أقل ما يسقط منها . وقال
أبو زرعة : كل شيء يقول
الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ، وجدت له أصلا ثابتا ما خلا أربعة أحاديث . اهـ .
فهذا هو جملة الكلام في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم أنه فسر الاستطاعة بالزاد والراحلة ، وقد علمت أنه لم يثبت من وجه صحيح ، بحسب صناعة علم الحديث ، وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فرواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه في سننه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16071سويد بن سعيد ، ثنا
هشام بن سليمان القرشي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال ، وأخبرنيه أيضا ، عن
ابن عطاء ، عن
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008457 " الزاد والراحلة " يعني قوله :
من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] وهذا الإسناد فيه
هشام بن سليمان بن عكرمة بن خالد بن العاص القرشي المخزومي قال فيه
أبو حاتم : مضطرب الحديث ، ومحله الصدق ، ما أرى به بأسا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : في حديثه عن غير
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج وهم ، وقال فيه
ابن حجر في التقريب : مقبول . اهـ .
وقد أخرج له
مسلم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه في البيوع : وقال لي
nindex.php?page=showalam&ids=12366إبراهيم بن المنذر : أنبأنا
هشام ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12531ابن أبي مليكة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافع مولى ابن عمر [ ص: 314 ] قال : " أيما ثمرة بيعت ، ثم أبرت " وذكر الحديث من قوله . وهذا يدل على أنه أيضا من رجال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري . وقال
ابن حجر في تهذيب التهذيب بعد أن ذكر هذا الكلام الذي ذكرنا : وأما كون المتقدمين لم يذكروه في رجال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ; فلأن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لم يخرج له سوى هذا الموضع في المتابعات ، وأورده بألفاظ الشواهد . انتهى منه .
وبما ذكرنا تعلم أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس هذا عند
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه لا يقل عن درجة
الحسن ، مع أنه معتضد بما تقدم ، وبما سيأتي إن شاء الله تعالى .
وقال
الزيلعي في نصب الراية : وأخرج حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه ، عن
داود بن الزبرقان ، عن
عبد الملك ، عن
عطاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وأخرج أيضا عن
حصين بن المخارق ، عن
محمد بن خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16052سماك بن حرب ، عن
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008458قيل يا رسول الله ، الحج كل عام ؟ قال " لا بل حجة " ، قيل : " فما السبيل إليه ؟ قال : الزاد والراحلة " . انتهى .
ثم قال :
وداود وحصين كلاهما ضعيفان . اهـ .
وداود بن الزبرقان المذكور قال فيه
ابن حجر في التقريب : متروك ، وكذبه
الأزدي ،
وحصين بن مخارق المذكور قال فيه
الذهبي في الميزان : قال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : يضع الحديث ، ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي أن
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان قال : لا يجوز الاحتجاج به . اهـ .
وهذا حاصل ما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس المذكور . وأما حديث
أنس فقد أخرجه
الحاكم في المستدرك : حدثنا
أبو بكر محمد بن حازم الحافظ
بالكوفة ،
وأبو سعيد إسماعيل بن أحمد التاجر ، قالا : ثنا
علي بن عباس بن الوليد البجلي ، ثنا
علي بن سعيد بن مسروق الكندي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17313ابن أبي زائدة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
قتادة ، عن
أنس رضي الله عنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008459عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تبارك وتعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] قال : قيل : يا رسول الله ، ما السبيل ؟ قال " الزاد والراحلة " ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ، ولم يخرجاه . وقد تابع
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة سعيدا على روايته عن
قتادة ، حدثناه
أبو نصر أحمد بن سهل بن حمدويه الفقيه ببخارى ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16216صالح بن محمد بن حبيب الحافظ ، ثنا
أبو أمية عمرو بن هشام الحراني ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=60أبو قتادة ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة ، عن
قتادة ، عن
أنس رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008460أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله : من استطاع إليه سبيلا [ 3 \ 97 ] فقيل : ما السبيل ؟ قال : " الزاد والراحلة " ثم قال : هذا حديث صحيح على شرط
مسلم . ولم يخرجاه . انتهى من المستدرك . وأقره على
[ ص: 315 ] تصحيح الطريقين المذكورتين الحافظ
الذهبي ، فحديث
أنس هذا صحيح كما ترى ، وقال صاحب نصب الراية : ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه بالإسنادين . اهـ .
وأما حديث
عائشة فقد قال صاحب نصب الراية : أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه عن
عتاب بن أعين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد ، عن
الحسن ، عن أمه عن
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008461سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى : ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال " السبيل : الزاد والراحلة " . انتهى . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي في كتاب الضعفاء ، وأعله
بعتاب وقال : إن في حديثه وهما . انتهى .
وقال
البيهقي في كتاب المعرفة : وليس بمحفوظ ، ثم أخرجه
البيهقي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14147أبي داود الحفري ، عن
سفيان ، عن
يونس ، عن
الحسن ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008462سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن السبيل ؟ فقال " الزاد والراحلة " . اهـ .
وقد علمت مما ذكرنا : أن حديث
عائشة المذكور أعله
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي بعتاب بن أعين ، وقال : إن في حديثه وهما ، وأن
البيهقي قال : ليس بمحفوظ . وقد قال
الذهبي في الميزان في
عتاب المذكور ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14798العقيلي : في حديثه وهم . روى عنه
nindex.php?page=showalam&ids=17244هشام بن عبيد الله حديثا خولف في سنده . انتهى منه .
وأما مرسل
الحسن الذي أشار له ، فقد قدمنا الكلام عليه مستوفى قريبا .
وأما حديث
جابر ، فقد قال صاحب نصب الراية : أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، عن
محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير ، عن
أبي الزبير أو
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بلفظ حديث
عائشة ،
ومحمد بن عبد الله بن عبيد الله الليثي تركوه ، وأجمعوا على ضعفه ، وقد تقدم ، وقد قدمنا أن
محمدا المذكور لا يحتج به . وبهذا تعلم أن حديث
جابر المذكور لا يصلح للاحتجاج .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود فقد قال صاحب نصب الراية : أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، عن
بهلول بن عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15741حماد بن أبي سليمان ، عن
إبراهيم ، عن
علقمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود بنحوه .
وبهلول بن عبيد ، قال
أبو حاتم : ذاهب الحديث . اهـ .
وقال
الذهبي في الميزان في
بهلول المذكور : قال
أبو حاتم : ضعيف الحديث ذاهب . وقال
أبو زرعة : ليس بشيء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : يسرق الحديث . انتهى منه .
وبما ذكر تعلم أن حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود المذكور ليس بصالح للاحتجاج ، وأما حديث
[ ص: 316 ] nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو بن العاص ، فقد قال صاحب نصب الراية أيضا : أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني أيضا عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ،
ومحمد بن عبيد الله العرزمي عن أبيه عن جده بنحوه .
nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة والعرزمي ضعيفان . قال الشيخ في الإمام : وقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني هذا الحديث عن
جابر ،
وأنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13وعبد الله بن عمرو بن العاص ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله بن مسعود ،
وعائشة ، وليس فيها إسناد يحتج به . انتهى منه .
هذا هو حاصل روايات الأحاديث الواردة بتفسير السبيل في الآية بالزاد والراحلة . وقال غير واحد : إن هذا الحديث لا يثبت مسندا ، وأنه ليس له طريق صحيحة ، إلا الطريق التي أرسلها
الحسن .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي والله تعالى أعلم : أن حديث الزاد والراحلة المذكور ثابت لا يقل عن درجة الاحتجاج ; لأن الطريقين اللتين أخرجهما به
الحاكم في المستدرك عن
أنس قال : كلتاهما صحيحة الإسناد ، وأقر تصحيحهما الحافظ
الذهبي ، ولم يتعقبه بشيء ، والدعوى على
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة في روايتهما الحديث ، عن
أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها غلط ، وأن الصحيح عن
قتادة عن
الحسن مرسلا - دعوى لا مستند لها ، بل هي تغليط وتوهيم للعدول المشهورين من غير استناد إلى دليل .
والصحيح عند المحققين من الأصوليين والمحدثين : أن
الحديث إذا جاء من طريق صحيحة ، وجاء من طرق أخرى غير صحيحة ، فلا تكون تلك الطرق علة في الصحيحة ، إذا كان رواتها لم يخالفوا جميع الحفاظ ، بل انفراد الثقة العدل بما لم يخالف فيه غيره مقبول عند المحققين .
فرواية
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة nindex.php?page=showalam&ids=15744وحماد بن سلمة الحديث المذكور عن
قتادة عن
أنس مرفوعا لم يخالفوا فيها غيرهم ، بل حفظوا ما لم يحفظه غيرهم ، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ، فادعاء الغلط عليهما بلا دليل غلط ، وقول
النووي في شرح المهذب : وروى
الحاكم حديث
أنس ، وقال : وهو صحيح ، ولكن
الحاكم متساهل كما سبق بيانه مرات . والله أعلم .
يجاب عنه بأنا لو سلمنا أن
الحاكم متساهل في التصحيح ، لا يلزم من ذلك أنه لا يقبل له تصحيح مطلقا . ورب تصحيح
للحاكم مطابق للواقع في نفس الأمر ، وتصحيحه لحديث
أنس المذكور لم يتساهل فيه ؛ ولذا لم يبد
النووي وجها لتساهله فيه ، ولم يتكلم
[ ص: 317 ] في أحد من رواته بل هو تصحيح مطابق .
فإن قيل : متابعة
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة nindex.php?page=showalam&ids=12514لسعيد بن أبي عروبة المذكورة ، راويها عن
حماد هو
أبو قتادة عبد الله بن واقد الحراني ، وهو متروك ، لا يحتج بحديثه ، كما جزم به غير واحد من العلماء بالرجال . وقال فيه
ابن حجر في التقريب : متروك ، فقد تساهل
الحاكم في قوله : إن هذه الطريق على شرط
مسلم ، مع أن في إسنادها
أبا قتادة المذكور .
فالجواب : أن
أبا قتادة المذكور ، وإن ضعفه الأكثرون ، فقد وثقه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأثنى عليه ، وناهيك بتوثيق
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وثنائه ، وذكر
ابن حجر والذهبي : أن
عبد الله بن أحمد قال لأبيه : إن
يعقوب بن إسماعيل بن صبيح ذكر أن
أبا قتادة المذكور كان يكذب ، فعظم ذلك عنده جدا ، وأثنى عليه وقال : إنه يتحرى الصدق . قال : ولقد رأيته يشبه أصحاب الحديث . وقال
أحمد في موضع آخر : ما به بأس ، رجل صالح ، يشبه أهل النسك ربما أخطأ . وفي إحدى الروايتين عن
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين أنه قال :
أبو قتادة الحراني ثقة . ذكرها عنه
ابن حجر والذهبي ، وقول من قال : لعله كبر فاختلط ، تخمين وظن لا يثبت به اختلاطه ، ومعلوم أن المقرر في الأصول وعلوم الحديث : أن الصحيح أن التعديل يقبل مجملا ، والتجريح لا يقبل إلا مفصلا ، مع أن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة ، عن
أنس ليس في أحد من رواتها كلام .
ومما يؤيد ذلك موافقة الحافظ النقادة
الذهبي للحاكم على تصحيح متابعة
حماد ، مع أن حديث
أنس الصحيح المذكور معتضد بمرسل
الحسن ، ولا سيما على قول من يقول : إن مراسيله صحاح ، إذا روتها عنه الثقات
nindex.php?page=showalam&ids=16604كابن المديني وغيره ، كما قدمناه .
ويؤيد ذلك أن مشهور مذهب
مالك ،
وأبي حنيفة ،
وأحمد الاحتجاج بالمرسل كما قدمناه مرارا ، ويؤيده أيضا الأحاديث المتعددة التي ذكرنا ، وإن كانت ضعافا ؛ لأنها تقوي غيرها ، ولا سيما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فإنا قد ذكرنا سنده ، وبينا أنه لا يقل عن درجة الاحتجاج .
وقال
الشوكاني في نيل الأوطار : ولا يخفى أن هذه الطرق يقوي بعضها بعضا ، فتصلح للاحتجاج .
ومما يؤيد الحديث المذكور أن أكثر أهل العلم على العمل به ، كما قدمنا عن
nindex.php?page=showalam&ids=13948أبي عيسى الترمذي أنه قال في حديث : الزاد والراحلة ، والعمل عليه عند أهل العلم ، وقد بينا أنه
[ ص: 318 ] قول الأكثرين ، منهم الأئمة الثلاثة .
أبو حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد .
فالحاصل : أن حديث الزاد والراحلة ، لا يقل بمجموع طرقه عن درجة القبول والاحتجاج .
وأظهر قولي أهل العلم عندي أن المعتبر في ذلك ما يبلغه ذهابا وإيابا .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الذي يظهر لي والله تعالى أعلم : أن حديث الزاد والراحلة ، وإن كان صالحا للاحتجاج لا يلزم منه أن القادر على المشي على رجليه بدون مشقة فادحة لا يلزمه الحج ، إن كان عاجزا عن تحصيل الراحلة ، بل يلزمه الحج ; لأنه يستطيع إليه سبيلا ، كما أن صاحب الصنعة التي يحصل منها قوته في سفر الحج ، يجب عليه الحج ; لأن قدرته على تحصيل الزاد في طريقه كتحصيله بالفعل .