المسألة الثالثة
اعلم أن ممن قال : إن الإفراد أفضل من التمتع والقران :
مالك ، وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي - في الصحيح من مذهبه - وأصحابه .
قال
النووي في شرح المهذب : وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
وعثمان ،
وعلي ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
وجابر ،
وعائشة ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وداود . واحتج من قال
بتفضيل إفراد الحج على غيره بأدلة متعددة .
الأول : أحاديث صحيحة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بأنه أفرد في حجة الوداع من رواية
جابر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
وعائشة رضي الله عنهم وغيرهم . أما حديث
عائشة فقد ذكرناه آنفا .
قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008501خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع ، فمنا من أهل بعمرة ، ومنا من أهل بحجة وعمرة ، ومنا من أهل بالحج ، وأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج . الحديث . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، وهو صريح في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج . ولا يحتمل لفظ
عائشة هذا غير إفراد الحج ; لأنها ذكرت معه التمتع والقران ، وأن بعض الناس تمتع وبعضهم قرن ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج فهو الحج المفرد ، ولا يحتمل غيره .
وفي رواية في الصحيح عنها رضي الله عنها قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
[ ص: 344 ] فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008502من أراد منكم أن يهل بحج وعمرة فليفعل ، ومن أراد أن يهل بحج فليهل ، ومن أراد أن يهل بعمرة فليهل " . قالت
عائشة رضي الله عنها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008503فأهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بحج ، وأهل به ناس معه ، وأهل ناس بالعمرة والحج ، وأهل ناس بعمرة ، وكنت في من أهل بالعمرة " . هذا لفظ
مسلم في صحيحه . وهو لا يحتمل غير الإفراد بحال ; لأنها ذكرت القران والتمتع والإفراد ، وصرحت بأنه صلى الله عليه وسلم أهل بالحج ، فدل على أنها لا تريد القران ولا غيره . وفي رواية عنها في الصحيح قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ولا نرى إلا الحج ، وفي رواية عنها في الصحيح أيضا : ولا نذكر إلا الحج . وفي رواية عنها في الصحيح أيضا : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفرد الحج . وفي رواية عنها رضي الله عنها في الصحيح : ولا نرى إلا أنه الحج . كل هذه الألفاظ في صحيح
مسلم . وبعضها في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وأما حديث
جابر فقد روى عنه
عطاء قال : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه حج مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم ساق البدن معه ، وقد أهلوا بالحج مفردا ، الحديث . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم ، وفي رواية عنه رضي الله عنه في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008504قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نقول : لبيك اللهم لبيك بالحج . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم أيضا ، وفي رواية في الصحيح عن
عطاء : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أهل وأصحابه بالحج ، الحديث . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه . وفي حديثه - أعني
جابرا رضي الله عنه - الطويل المشهور في صحيح
مسلم الذي بين فيه حجة النبي صلى الله عليه وسلم أكمل بيان ، وساقها أحسن سياقة من أولها إلى آخرها . وقد دل ذلك على ضبطه لها وحفظه وإتقانه ما نصه : قال
جابر رضي الله عنه : لسنا ننوي إلا الحج ، لسنا نعرف العمرة ، الحديث . وهو تصريح منه رضي الله عنه بالإفراد دون التمتع والقران لقوله : لسنا نعرف العمرة .
وفي رواية عنه في الصحيح قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج ، الحديث .
وفي رواية عنه في الصحيح أيضا قال : أهللنا - أصحاب
محمد صلى الله عليه وسلم - بالحج خالصا وحده . وكلا الروايتين عنه بلفظ
مسلم في الصحيح . وفي صحيح
مسلم أيضا عنه : قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج . الحديث . وفي رواية في صحيح
مسلم عنه أيضا : أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : فقد قال
مسلم في صحيحه : حدثنا
يحيى بن أيوب ،
وعبد الله بن عون الهلالي ، قالا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16287عباد بن عباد المهلبي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ،
[ ص: 245 ] عن
نافع عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر في رواية
يحيى قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008505أهللنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج مفردا . وفي رواية
ابن عون : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل بالحج مفردا ، وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15972سريج بن يونس ، حدثنا
هشيم ، حدثنا
حميد ، عن
بكر ، عن
أنس رضي الله عنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008506سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يلبي بالحج والعمرة جميعا : قال
بكر : فحدثت بذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال : لبى بالحج وحده ، فلقيت
أنسا فحدثته بقول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقال
أنس : ما تعدوننا إلا صبيانا ، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008507لبيك عمرة وحجا " وحدثني
nindex.php?page=showalam&ids=12330أمية بن بسطام العيشي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد ، يعني ابن زريع ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15684حبيب بن الشهيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15558بكر بن عبد الله ، حدثنا
أنس رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008508أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما - بين الحج والعمرة - قال : فسألت
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ؟ فقال : أهللنا بالحج . فرجعت إلى
أنس فأخبرته ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فقال : كأنما كنا صبيانا . انتهى منه .
وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر هذا لا يحتمل غير إفراد الحج ، فلا يحتمل القران ولا التمتع بحال ; لأن فيه أن
بكرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : إن
أنسا يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008509إن النبي صلى الله عليه وسلم قرن بين الحج والعمرة ، فرد
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر على
أنس دعواه القران قائلا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008510إن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج وحده ، وهذا صريح في الإفراد كما ترى . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر المذكور أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري أيضا . اهـ .
وفي رواية :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008511أن رجلا أتى nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما فقال : بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أهل بالحج . فانصرف ثم أتاه من العام المقبل ، فقال : بم أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : ألم تأتني عام أول ؟ قال : بلى ، ولكن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك يزعم أنه قرن . قال nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما : إن nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك كان يدخل على النساء وهن منكشفات الرءوس ، وإني كنت تحت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسني لعابها أسمعه يلبي بالحج . رواه
البيهقي بإسناده . وقال
النووي في شرح المهذب : إن إسناده صحيح .
وأما حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، فهو ما رواه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008512كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ، ويجعلون المحرم صفرا ، ويقولون : إذا برأ الدبر ، وعفا الأثر ، وانسلخ صفر ، حلت العمرة لمن اعتمر . فقدم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه صبيحة رابعة مهلين بالحج . الحديث . هذا لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم .
وفي رواية في الصحيح عنه رضي الله عنه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008513أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج ، لفظ
مسلم . وفي رواية عنه في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008514خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهل بالحج . وفي رواية عنه رضي الله عنه في الصحيح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008515ثم ركب راحلته ، فلما استوت به على البيداء أهل بالحج . كل هذه الألفاظ في صحيح
مسلم ، رحمه الله تعالى .
[ ص: 246 ] وفي صحيح
مسلم أيضا من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=64أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008516قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج . الحديث .
قالوا : فهذه الأحاديث الصحاح دالة على أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم مفردا ، ورواتها من أضبط الصحابة وأتقنهم ، قالوا : فمنهم
جابر الذي عرف ضبطه وحفظه ، وخصوصا ضبطه لحجته صلى الله عليه وسلم . ومنهم
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر الذي رد على
أنس ، وذكر أن لعاب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم كان يمسه . ومنهم :
عائشة رضي الله عنها ، وحفظها وضبطها واطلاعها على أحوال النبي صلى الله عليه وسلم ، كل ذلك معروف . ومنهم :
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، ومكانته في العلم والحفظ معروفة .
الأمر الثاني من الأمور التي احتج بها القائلون بأفضلية الإفراد على التمتع والقران - هو إجماع أهل العلم على أن المفرد إذا لم يفعل شيئا من محظورات الإحرام ، ولم يخل بشيء من النسك ، أنه لا دم عليه ، وانتفاء الدم عنه مع لزومه في التمتع والقران يدل على أنه أفضل منهما ; لأن الكامل بنفسه الذي لا يحتاج إلى الجبر بالدم أفضل من المحتاج إلى الجبر بالدم .
وأجاب المخالفون عن هذا بأن
دم التمتع والقران ليس دم جبر لنقص فيهما ، وإنما هو دم نسك محض لزم في ذلك النسك . واحتجوا على أنه دم نسك بجواز أكل القارن والمتمتع من دم قرانه وتمتعه ، قالوا : لو كان جبرا لما جاز الأكل منه كالكفارات ، وبأن الجبر في فعل ما لا يجوز ، والتمتع والقران جائزان ، فلا جبر في مباح .
ورد هذا من يخالف في ذلك قائلا : إنه دم جبر لا دم نسك ، بدليل أن الصوم يقوم مقامه عند العجز عنه . قالوا : والنسك المحض كالأضاحي والهدايا لا يكون الصوم بدلا منه عند العجز عنه ، فلا يكون الصوم بدلا من دم إلا إذا كان دم جبر . قالوا : ولا مانع من الأمر بعبادة مع ما يجبرها ويكملها ، ولا مانع من أن يرد دليل خاص على جواز الأكل من بعض دماء الجبر .
قالوا : والدليل على وقوع الجبر في المباح : لزوم فدية الأذى المنصوص في آية :
فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية الآية [ 2 \ 196 ] ، ولا شك أنه جبر في فعل مباح . وكذلك من لبس لمرض ، أو حر أو برد شديدين ، أو أكل صيدا للضرورة المبيحة للميتة ، أو احتاج للتداوي بطيب .
قالوا : ومن الأدلة على أنه دم جبر لا نسك سقوطه عن أهل
مكة المنصوص عليه في
[ ص: 347 ] قوله :
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ 2 \ 196 ] فلو كان دم نسك محض لكان على الجميع من حاضري
المسجد الحرام وغيرهم لاستوائهم جميعا في حكم النسك المحض . وهذا على قول الجمهور : إن الإشارة في قوله : " ذلك " راجعة إلى لزوم دم التمتع ؛ أي : وأما من كان أهله حاضري المسجد الحرام ، فلا دم عليه إن تمتع بالعمرة إلى الحج . خلافا
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس ومن وافقه من الحنفية وغيرهم في قولهم : إن الإشارة في قوله :
ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام [ 2 \ 196 ] راجعة إلى التمتع بالعمرة إلى الحج ، وإن
أهل مكة لا تمتع لهم ; لأنه على قول الجمهور لا فرق بين الآفاقي ، وحاضري المسجد الحرام موجبا لوجوب دم التمتع على الأول وسقوطه عن الثاني ، إلا أن الأول تمتع بالترفه بسقوط أحد السفرين لأحد النسكين ؛ ولذلك قال
مالك وأصحابه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه ،
وأحمد وأصحابه ،
وأبو حنيفة وأصحابه : إنه إن سافر بعد إحلاله من العمرة وأحرم للحج في سفر جديد ، أنه لا دم تمتع عليه لزوال العلة . مع اختلافهم في قدر السفر المسقط للدم المذكور ؛ فبعضهم يكتفي بسفر مسافة القصر ، وهو مذهب
أحمد ، وهو مروي عن
عطاء وإسحاق والمغيرة ، كما نقله عنهم
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في المغني . وبعضهم يكتفي بالرجوع إلى الميقات ، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وبعضهم يشترط الرجوع إلى محله الذي جاء منه ، وعزاه في المغني
لأبي حنيفة وأصحابه . وبعضهم يشترط ذلك أو سفر مسافة بقدره ، أعني قدر مسافة المحل الذي جاء منه ، وهو مذهب
مالك وأصحابه . وهذا يدل على أن دم التمتع دم جبر لنقص السفر المذكور ، بدليل أن السفر إن حصل عندهم سقط الدم لزوال علة وجوبه .
الأمر الثالث من الأمور التي استدل بها القائلون بأفضلية الإفراد : بعض الأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التمتع والقران .
قال
البيهقي في السنن الكبرى : أخبرنا
أبو علي الروذباري ، أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=13136أبو بكر بن داسة ، ثنا
أبو داود ، ثنا
أحمد بن صالح ، ثنا
ابن وهب ، أخبرني
حيوة ، أخبرني
أبو عيسى الخراساني ، عن
عبد الله بن القاسم الخراساني ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008517أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13428أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك ، أنبأ
عبد الله بن جعفر ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17417يونس بن حبيب ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، حدثنا
هشام ، عن
قتادة ، عن
أبي شيخ الهنائي واسمه [ ص: 248 ] خيوان بن [ خلدة ]
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008518أن معاوية قال لنفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم : أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صفف النمور ؟ قالوا : اللهم نعم . قال : وأنا أشهد ، قال : أتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا ؟ قالوا : اللهم نعم ، قال : أتعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ قالوا : اللهم لا ، قال : والله إنها لمعهن . وكذلك رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة والأشعث بن بزاز عن
قتادة ، وقال :
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة في حديثه : ولكنكم نسيتم . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق ، عن
أبي شيخ في متعة الحج . انتهى من
البيهقي .
وقد ذكر
النووي في شرح المهذب عن
البيهقي أنه ذكر بإسناده الحديثين اللذين سقناهما عنه آنفا ، ثم قال في الأول منهما : ورواه
أبو داود في سننه . وقد اختلفوا في سماع
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب عن
عمر ، لكنه لم يرو هنا عن
عمر ، بل عن صحابي غير مسمى ، والصحابة كلهم عدول .
ثم قال في الثاني منهما : رواه
البيهقي بإسناد حسن . انتهى .
وقال
أبو داود رحمه الله في سننه : حدثنا
أحمد بن صالح ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب ، أخبرنا
حيوة ، أخبرني
أبو عيسى الخراساني ، عن
عبد الله بن القاسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فشهد عنده أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008519سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج .
حدثنا
موسى أبو سلمة ثنا
حماد ، عن
قتادة عن
أبي شيخ الهنائي خيوان بن خلدة ممن قرأ على
nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري من
أهل البصرة أن
nindex.php?page=showalam&ids=33معاوية بن أبي سفيان قال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008520هل تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كذا وكذا ، وعن ركوب جلود النمور ؟ قالوا : نعم ، قال : فتعلمون أنه نهى أن يقرن بين الحج والعمرة ؟ فقالوا : أما هذا فلا ، فقال : أما إنها معهن ، ولكنكم نسيتم . انتهى منه .
الأمر الرابع من الأمور التي استدل بها القائلون بأفضلية الإفراد على غيره ، أنه هو الذي كان الخلفاء الراشدون يفعلونه بعده صلى الله عليه وسلم ، وهم أفضل الناس وأتقاهم ، وأشدهم اتباعا لرسول الله صلى الله عليه وسلم . فقد حج
أبو بكر رضي الله عنه بالناس مفردا ، وحج
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب عشر سنين بالناس مفردا ، وحج
عثمان رضي الله عنه بهم مدة خلافته مفردا . قالوا : فمدة هؤلاء الخلفاء الراشدين الثلاثة حول أربع وعشرين سنة وهم يحجون بالناس مفردين ، ولو لم يكن الإفراد أفضل من غيره لما واظبوا عليه هذه المدة الطويلة .
[ ص: 349 ] قال
النووي في شرح المهذب ، وشرح
مسلم في أدلة من فضل الإفراد : ومنها أن الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم أفردوا الحج ، وواظبوا عليه ، كذلك فعل
أبو بكر وعمر وعثمان . واختلف فعل
علي رضي الله عنهم أجمعين . وقد حج
عمر بالناس عشر حجج مدة خلافته كلها مفردا ، ولو لم يكن هذا هو الأفضل عندهم ، وعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مفردا لم يواظبوا على الإفراد مع أنهم الأئمة الأعلام ، وقادة الإسلام ، ويقتدى بهم في عصرهم وبعدهم ، وكيف يظن بهم المواظبة على خلاف فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، أو أنهم خفي عليهم جميعهم فعله صلى الله عليه وسلم . وأما الخلاف عن
علي وغيره فإنما فعلوه لبيان الجواز ، وقد قدمنا عنهم ما يوضح هذا . انتهى منه .
الأمر الخامس من الأمور التي استدل بها القائلون بأفضلية الإفراد : هو ما ذكره
النووي في شرح المهذب قال : ومنها أن الأمة أجمعت على
جواز الإفراد من غير كراهة ، وكره
عمر وعثمان وغيرهما ممن ذكرناه قبل هذا التمتع ، وبعضهم كره التمتع والقران ، وإن كانوا يجوزونه على ما سبق تأويله ، فكان ما أجمعوا على أنه لا كراهة فيه أفضل . انتهى منه .
وقال
البيهقي في السنن الكبرى : فثبت بالسنة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جواز التمتع والقران والإفراد ، وثبت بمضي النبي صلى الله عليه وسلم في حج مفرد ، ثم باختلاف الصدر الأول في كراهية التمتع والقران دون الإفراد ، كون
إفراد الحج عن العمرة أفضل . والله أعلم . انتهى منه .
وقال
البيهقي في السنن الكبرى أيضا : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14510أبو عبد الرحمن السلمي وأبو بكر بن الحارث الفقيه قالا : ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14269علي بن عمر الحافظ ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15167الحسين بن إسماعيل ، ثنا
أبو هشام ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، ثنا
أبو حصين عن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه قال : حججت مع
أبي بكر رضي الله عنه فجرد ، ومع
عمر رضي الله عنه فجرد ، ومع
عثمان رضي الله عنه فجرد .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12992أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران ، أنبأ
nindex.php?page=showalam&ids=14642إسماعيل بن محمد الصفار ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14316عبد الكريم بن الهيثم ، ثنا
أبو اليمان ، أخبرني
شعيب ، أنبأ
نافع : أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر كان يقول : إن
عمر رضي الله عنه كان يقول : أن تفصلوا بين الحج والعمرة ، وتجعلوا العمرة في غير أشهر الحج ، أتمم لحج أحدكم وأتم لعمرته . انتهى منه .
ثم ساق
البيهقي بسنده عن
عبد الله nindex.php?page=showalam&ids=14099والحسن ابني محمد بن علي بن أبي طالب رضي
[ ص: 350 ] الله عنهم عن أبيهما عن
علي أنه قال : يا بني أفرد الحج ، فإنه أفضل . اهـ . وساق بسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال : جردوا الحج . وفي رواية له عنه ، أنه أمر بإفراد الحج قال فكان أحب أن يكون لكل واحد منهما شعث وسفر . انتهى من
البيهقي .
وقال
الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه : قال
الحافظ أبو الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15167الحسين بن إسماعيل ، ثنا
أبو هشام ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، ثنا
أبو حصين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16333عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه قال : حججت مع
أبي بكر فجرد ، ومع
عمر فجرد ، ومع
عثمان فجرد . تابعه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، عن
أبي حصين ، وهذا إنما ذكرناه ها ههنا ; لأن الظاهر أن هؤلاء الأئمة رضي الله عنهم : إنما يفعلون هذا عن توقيف . والمراد بالتجريد هاهنا : الإفراد ، والله أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ثنا
أبو عبيد الله القاسم بن إسماعيل ،
nindex.php?page=showalam&ids=17020ومحمد بن مخلد قالا : ثنا
علي بن محمد بن معاوية الرزاز ، ثنا
عبد الله بن نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008521أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل عتاب بن أسيد على الحج فأفرد ، ثم استعمل أبا بكر سنة تسع فأفرد الحج ، ثم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة عشر فأفرد الحج ، ثم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف
أبو بكر ، فبعث
عمر فأفرد الحج ، ثم حج
أبو بكر فأفرد الحج ، ثم توفي
أبو بكر واستخلف
عمر ، فبعث
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف فأفرد الحج . ثم حج فأفرد الحج ثم حج
عمر سنيه كلها فأفرد الحج ، في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=16452عبد الله بن عمر العمري ، وهو ضعيف . لكن قال الحافظ
البيهقي : له شاهد بإسناد صحيح . انتهى من البداية والنهاية
لابن كثير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثني
هارون بن سعيد الإبلي ، حدثنا
أبو وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو وهو ابن الحارث ، عن
محمد بن عبد الرحمن أن رجلا من
أهل العراق قال له : سل لي
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، عن رجل يهل بالحج ، فإذا طاف بالبيت أيحل أم لا ؟ فإن قال لك : لا يحل ، فقل له : إن رجلا يقول ذلك ، قال : فسألته فقال : لا يحل من أهل بالحج إلا بالحج ، قلت : فإن رجلا كان يقول ذلك . قال : بئسما قال . فتصداني الرجل فسألني فحدثته فقال : فقل له فإن رجلا كان يخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك وما شأن
أسماء والزبير فعلا ذلك ؟ قال : فجئته ، فذكرت له ذلك فقال : من هذا ؟ فقلت : لا أدري ، قال : فما باله لا يأتيني بنفسه يسألني ، أظنه عراقيا ؟ فقلت : لا أدري . قال : فإنه قد كذب ، قد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرتني
عائشة رضي الله عنها : أن
[ ص: 351 ] أول شيء بدأ به حين قدم
مكة ، أنه توضأ ثم طاف بالبيت ، ثم حج
أبو بكر ، فكان أول شيء بدأ به الطواف
بالبيت ، ثم لم يكن غيره ، ثم
عمر مثل ذلك ، ثم حج
عثمان فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم يكن غيره ، ثم
معاوية ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع
أبي - الزبير بن العوام - فكان أول شيء بدأ به الطواف
بالبيت ثم لم يكن غيره ، ثم رأيت
المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ، ثم لم يكن غيره ، ثم آخر من رأيت فعل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ثم لم ينقضها بعمرة ، وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عندهم أفلا يسألونه ؟ ولا أحد ممن مضى كانوا يبدءون بشيء حين يضعون أقدامهم أول من الطواف بالبيت ثم لا يحلون ، وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبتدئان بشيء أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أقبلت هي وأختها
والزبير وفلان وفلان بعمرة قط ، فلما مسحوا الركن حلوا ، وقد كذب فيما ذكر من ذلك . انتهى من صحيح
مسلم ، وفيه التصريح من
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير رضي الله عنهما بأن الخلفاء الراشدين والمهاجرين والأنصار كانت عادتهم أن يأتوا مفردين بالحج ، ثم يتمونه كما رأيت .
وقال
النووي في شرح الحديث المذكور : وقوله : "
ثم لم يكن غيره " ، وكذا قال فيما بعده : ولم يكن غيره ، هكذا هو في جميع النسخ ( غيره ) بالغين المعجمة والياء ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : كذا هو في جميع النسخ ، قال : وهو تصحيف وصوابه : ثم لم تكن عمرة . بضم العين المهملة وبالميم ، وكان السائل
لعروة إنما سأله عن
فسخ الحج إلى العمرة على مذهب من رأى ذلك ، واحتج بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بذلك في حجة الوداع ، فأعلمه
عروة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفعل ذلك بنفسه ، ولا من جاء بعده . هذا كلام
القاضي .
قلت : هذا الذي قاله من أن قول ( غيره ) تصحيف ، ليس كما قال ، بل هو صحيح في الرواية وصحيح في المعنى ; لأن قوله ( غيره ) يتناول العمرة وغيرها .
ويكون تقدير الكلام : ثم حج
أبو بكر فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم يكن غيره ؛ أي : لم يغير الحج ، ولم ينقله ويفسخه إلى غيره ؛ لا عمرة ولا قران ، والله أعلم . انتهى كلام
النووي ، وهو صواب .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثنا
أحمد بن عيسى ، حدثنا
ابن وهب ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16700عمرو بن الحارث ، عن
محمد بن عبد الرحمن بن نوفل القرشي : أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير ، فقال : قد حج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتني
عائشة رضي الله عنها أنه أول شيء بدأ به حين قدم أنه توضأ ، ثم طاف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم حج
أبو بكر رضي الله عنه ، فكان أول
[ ص: 352 ] شيء بدأ به الطواف بالبيت ثم لم تكن عمرة ، ثم
عمر رضي الله عنه مثل ذلك ، ثم حج
عثمان رضي الله عنه ، فرأيته أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم
معاوية nindex.php?page=showalam&ids=12وعبد الله بن عمر ، ثم حججت مع
أبي - الزبير بن العوام - فكان أول شيء بدأ به الطواف بالبيت ، ثم لم تكن عمرة ، ثم رأيت
المهاجرين والأنصار يفعلون ذلك ، ثم لم تكن عمرة ، ثم آخر من رأيت فعل ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، ثم لم ينقضها عمرة ، وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عندهم فلا يسألونه ، ولا أحد ممن مضى ما كانوا يبدءون بشيء حتى يضعوا أقدامهم من الطواف بالبيت ، ثم لا يحلون . وقد رأيت أمي وخالتي حين تقدمان لا تبتدئان بشيء أول من البيت تطوفان به ثم لا تحلان ، وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها
والزبير وفلان وفلان بعمرة ، فلما مسحوا الركن حلوا . انتهى منه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله في صحيحه أيضا : حدثنا
أصبغ ، عن
ابن وهب ، أخبرني
عمرو ، عن
محمد بن عبد الرحمن ، ذكرت
لعروة قال : فأخبرتني
عائشة رضي الله عنها أن أول شيء بدأ به حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم أنه توضأ ، ثم طاف ، ثم لم تكن عمرة ، ثم حج
أبو بكر وعمر رضي الله عنهما مثله ، ثم حججت مع
أبي - الزبير رضي الله عنه - فأول شيء بدأ به الطواف ، ثم رأيت المهاجرين والأنصار يفعلونه ، وقد أخبرتني أمي أنها أهلت هي وأختها
والزبير وفلان وفلان بعمرة ، فلما مسحوا الركن حلوا . انتهى منه .
قالوا : وجواب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما عن حديث
عروة المذكور لا يدفع احتجاج
عروة بما ذكر ، وكذلك جواب
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم ، وقد أجاب
عروة nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فأسكته .
أما جواب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي ذكروه ، فهو ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
فضيل بن عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال
عروة : نهى
أبو بكر وعمر عن المتعة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أراكم ستهلكون ، أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول قال
أبو بكر وعمر . وقال
عبد الرزاق : حدثنا
معمر ، عن
أيوب قال : قال
عروة nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : ألا تتقي الله ، ترخص في المتعة ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سل أمك يا
عرية ، فقال
عروة : أما
أبو بكر وعمر فلم يفعلا . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : والله ما أراكم منتهين حتى يعذبكم الله ، أحدثكم عن رسول الله ، وتحدثوننا عن
أبي بكر وعمر ، فقال
عروة : لهما أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع لها منك . اهـ . قالوا : فترى
عروة أجاب
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس بجواب أسكته به .
ولا شك أن الخلفاء الراشدين
أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كانوا أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبع لها ، لا يمكن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن ينكر ذلك .
[ ص: 353 ] وأما جواب
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم فهو قوله : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم
وأبي بكر وعمر من
عروة ، وأنه - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - خير من
عروة وأولى منه بالنبي والخلفاء الراشدين ، ثم ساق آثارا من طريق
البزار وغيره عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، يذكر فيها التمتع ، عن
أبي بكر وعمر ، وأن أول من نهى عنه
معاوية ، ولا يخفى سقوط كلام
nindex.php?page=showalam&ids=13064ابن حزم المذكور رده على
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير رضي الله عنهما . أما قوله : إن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أعلم من
عروة وأفضل ، فلا يرد رواية
عروة بسند صحيح عن الخلفاء الراشدين أنهم كانوا يفردون كما ثبت في صحيح
مسلم .
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس لم يعارض
عروة بأن فعلهما كان مخالفا لما ذكره
عروة من الإفراد ، وإنما احتج بأن أمر النبي أولى بالاتباع من أمرهما ، وقد أجابه
عروة بأنهما ما فعلا إلا ما علما من النبي صلى الله عليه وسلم أنه أكمل وأتبع لسنته صلى الله عليه وسلم ، وأما الآثار التي رواها من طريق
ليث وغيره فلا يخفى أنها لا تعد شيئا مع ما ثبت في الصحيحين عنهم من الروايات التي لا مطعن فيها أنهم كانوا يفضلون الإفراد .
ومن فهم كلامهم حق الفهم - أعني الخلفاء الراشدين - علم أنهم رضي الله عنهم يعلمون جواز التمتع والقران علما لا يخالجه شك ، ولكنهم يرون أنه أتم للحج والعمرة أن يفصل بينهما كما لا يخفى ، والمعنى غير خاف ، بل هو ظاهر من سياق السؤال والجواب لمن تأمل ذلك ، ومما يدل على صحة ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=16561عروة بن الزبير في حديث
مسلم المذكور من أن الخلفاء كانوا يفردون ما ثبت في الصحيحين من نحو ذلك ، عن
عمر وعثمان رضي الله عنهما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثنا
محمد بن يوسف ، حدثنا
سفيان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، عن
أبي موسى رضي الله عنه قال : بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى قوم
باليمن ، فجئت وهو
بالبطحاء ، فقال : بما أهللت ؟ قلت : أهللت كإهلال النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : هل معك من هدي ؟ قلت : لا ، فأمرني فطفت
بالبيت ،
وبالصفا والمروة ، ثم أمرني فأحللت فأتيت امرأة من قومي فمشطتني - أو : غسلت رأسي - فقدم
عمر رضي الله عنه فقال : إن نأخذ بكتاب الله ، فإنه يأمر بالتمام ، قال الله :
وأتموا الحج والعمرة [ 2 \ 196 ] وإن نأخذ بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يحل حتى نحر الهدي . انتهى منه ، ونحوه أخرجه
مسلم أيضا .
وقال
ابن حجر في فتح الباري في الكلام على الحديث المذكور : محصل جواب
عمر في منعه الناس من التحلل بالعمرة ، أن كتاب الله دال على منع التحلل لأمره بالإتمام ،
[ ص: 354 ] فيقتضي استمرار الإحرام إلى فراغ الحج ، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا دالة على ذلك ; لأنه لم يحل حتى بلغ الهدي محله ، لكن الجواب عن ذلك هو ما أجاب به هو صلى الله عليه وسلم حيث قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008523ولولا أن معي الهدي لأحللت " فدل على جواز الإحلال لمن لم يكن معه هدي ، وتبين من مجموع ما جاء عن
عمر أنه منع منه سدا للذريعة ، وقال
المازري : قيل إن المتعة التي نهى عنها
عمر فسخ الحج إلى العمرة ، وقيل : العمرة في أشهر الحج ، ثم الحج من عامه . وعلى الثاني : إنما نهى عنها ترغيبا في الإفراد الذي هو أفضل ، لا أنه يعتقد بطلانها وتحريمها . وقال
عياض : الظاهر أنه نهى عن الفسخ ، ولهذا كان يضرب الناس عليه ، كما رواه
مسلم بناء على معتقده : أن الفسخ كان خاصا بتلك السنة .
قال
النووي : والمختار أنه نهى عن المتعة المعروفة التي هي
الاعتمار في أشهر الحج ، ثم الحج من عامه ، وهو على التنزيه للترغيب في الإفراد ، كما يظهر من كلامه ، ثم انعقد الإجماع على جواز التمتع من غير كراهة ، وبقي الاختلاف في الأفضل . انتهى الغرض من كلام
ابن حجر في الفتح ، وهو واضح في أن
عمر رضي الله عنه ما كان يرى إلا تفضيل الإفراد على غيره ، وشاهد لصحة قول من قال : إنه حج بالناس عشر حجج مفردا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى ،
وابن بشار ، قال
ابن المثنى : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16937محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة قال : سمعت
قتادة يحدث عن
nindex.php?page=showalam&ids=12179أبي نضرة قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس يأمر بالمتعة ، وكان
ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=36لجابر بن عبد الله فقال : على يدي دار الحديث : تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام
عمر قال : إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء ، وإن القرآن قد نزل منازله ، فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله ، وأبتوا نكاح هذه النساء ، فإن أوتى برجل نكح امرأة إلى أجل إلا رجمته بالحجارة . وحدثنيه
nindex.php?page=showalam&ids=11997زهير بن حرب ، حدثنا
عفان ، حدثنا
همام ، حدثنا
قتادة بهذا الإسناد وقال في الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008524فافصلوا حجكم من عمرتكم ، فإنه أتم لحجكم ، وأتم لعمرتكم . اهـ منه .
وهو دليل على ما ذكرنا من أن
عمر رضي الله عنه يرى أن الإفراد أفضل ، ويدل على صدق من قال : إنه حج عشر حجج بالناس مفردا كما تقدم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري رحمه الله في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16769غندر ، حدثنا
شعبة ، عن
الحكم ، عن
علي بن حسين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17065مروان بن الحكم قال : شهدت
عثمان وعليا رضي الله عنهما ،
وعثمان ينهى عن المتعة ، وأن يجمع بينهما ، الحديث . وفيه
[ ص: 355 ] التصريح بأن أمير المؤمنين
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يرى أفضلية الإفراد على غيره لنهيه عن التمتع والقران الثابت في الصحيح كما رأيت .
وقال
مسلم في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12166محمد بن المثنى وابن بشار قال
ابن المثنى : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16937محمد بن جعفر ، حدثنا
شعبة ، عن
قتادة قال : قال
عبد الله بن شقيق : كان
عثمان ينهى عن المتعة ، وكان
علي يأمر بها ، الحديث . وفيه التصريح بنهي
عثمان رضي الله عنه ، عن التمتع ، وبما ذكرنا كله تعلم أن
أبا بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم كلهم كانوا يرون الإفراد أفضل ، وكان هو الذي يفعلونه كما رأيت الروايات الصحيحة بذلك ، وهو المعروف عنهم رضي الله عنهم فما ورد مما يخالف ذلك فهو مردود بما رأيت .