المسألة الثانية عشرة في مواقيت الحج والعمرة
اعلم أن
الحج له ميقات زماني : وهو المذكور في قوله تعالى :
الحج أشهر معلومات الآية [ 2 \ 197 ] ، وهي : شوال ، وذو القعدة ، وعشر من ذي الحجة . وقيل : وذو الحجة مع الإجماع على فوات الحج بعدم الوقوف بعرفة قبل الفجر من ليلة النحر ، وميقات مكاني ،
والمواقيت المكانية خمسة ; أربعة منها بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم ، بلا خلاف بين العلماء لثبوت ذلك في الصحيحين ، وغيرهما عنه صلى الله عليه وسلم ، وواحد مختلف فيه هل وقته النبي صلى الله عليه وسلم ، أو وقته
عمر رضي الله عنه .
أما الأربعة المجمع على نقلها عن النبي صلى الله عليه وسلم فهي :
ذو الحليفة ، وهو ميقات أهل
المدينة ،
والجحفة وهي : ميقات أهل
الشام ،
وقرن المنازل وهو : ميقات أهل
نجد ،
ويلملم وهي ميقات أهل
اليمن ، أخرج توقيت هذه المواقيت الأربعة الشيخان في صحيحيهما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر رضي عنهم إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم توقيت
يلملم لأهل
اليمن ، بل سمعه من غيره صلى الله عليه وسلم ، وهو مرسل صحابي ، والاحتجاج بمراسيل الصحابة معروف ، أما
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقد سمع منه صلى الله عليه وسلم المواقيت الأربعة المذكورة .
[ ص: 482 ] فتحصل : أن
ذا الحليفة ،
والجحفة ،
وقرن المنازل اتفق الشيخان على إخراج توقيتها عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس . وأن
يلملم اتفقا أيضا على إخراج توقيته عنهما معا ، إلا أن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ،
nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر سمعه من غيره ، كما أوضحناه ،
وذو الحليفة هو المسمى الآن
بآبار علي ،
وقرن المنازل هو المسمى الآن :
بالسيل .
والجحفة خراب الآن ، والناس يحرمون من
رابغ ، وهو قبلها بقليل ، وهو موضع معروف قديما ، وفيه يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16675عمر بن أبي ربيعة المخزومي :
ولما أجزنا الميل من بطن رابغ بدت نارها قمراء للمتنور
وأما الميقات الخامس الذي اختلف العلماء فيه ، هل وقته رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو وقته
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فهو :
ذات عرق لأهل
العراق ، فقال بعض أهل العلم : توقيت
ذات عرق لأهل
العراق من النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال بعضهم : هو بتوقيت
عمر رضي الله عنه . وقال
ابن حجر في فتح الباري : كون توقيت
ذات عرق ، ليس منصوصا من النبي صلى الله عليه وسلم بل بتوقيت
عمر ، هو الذي قطع به
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي ،
والرافعي في شرح المسند ،
والنووي في شرح
مسلم ، وكذا وقع في المدونة
لمالك ، وصحح الحنفية ، والحنابلة ، وجمهور الشافعية ،
والرافعي في الشرح الصغير ،
والنووي في شرح المهذب : أنه منصوص . انتهى محل الغرض من فتح الباري .
وقال
النووي في شرح
مسلم في الكلام على ميقات
ذات عرق : واختلف العلماء ، هل صارت ميقاتهم بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم ، أم باجتهاد
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟ وفي المسألة وجهان لأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أصحهما ، وهو نص
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رضي الله عنه في الأم : بتوقيت
عمر رضي الله عنه . انتهى محل الغرض منه . وقال
النووي في شرح المهذب : وممن قال إنه مجتهد فيه من السلف ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=11867وأبو الشعثاء جابر بن زيد ، وحكاه
البيهقي وغيره عنهم ، وممن قال من السلف إنه منصوص عليه :
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح وغيره ، وحكاه
ابن الصباغ ، عن أحمد ، وأصحاب
أبي حنيفة ، وإذا عرفت اختلاف أهل العلم فيمن وقت
ذات عرق لأهل
العراق ، فهذه تفاصيل أدلتهم :
أما الذين قالوا : إنه باجتهاد من
عمر فاستدلوا بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16636علي بن مسلم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16421عبد الله بن نمير ، حدثنا
عبيد الله ، عن
نافع ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008738عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا : يا أمير المؤمنين ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا ، وهو جور عن طريقنا ، وإنا إن أردنا قرنا شق علينا . [ ص: 483 ] قال : فانظروا حذوها من طريقكم ، فحد لهم ذات عرق ا هـ منه . قالوا : فهذا الحديث الصحيح صريح في أن توقيت
ذات عرق باجتهاد من
عمر ، وقد جاءت بذلك أيضا آثار عن بعض السلف .
وأما الذين قالوا : إنه بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستدلوا بأحاديث منها : ما رواه
مسلم في صحيحه ، وحدثني
محمد بن حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ، كلاهما عن
محمد بن بكر ، قال
عبد : أخبرنا
محمد ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، أخبرني
أبو الزبير : أنه
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008739سمع nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله رضي الله عنهما ، يسأل عن المهل ؟ فقال : سمعت أحسبه رفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : مهل أهل المدينة من ذي الحليفة ، والطريق الآخر الجحفة ، ومهل أهل العراق من ذات عرق ، ومهل أهل نجد من قرن . ومهل أهل اليمن : من يلملم . انتهى منه . وهذا الإسناد صحيح كما ترى إلا أنه ليس فيه الجزم برفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم . وقال
النووي في شرح المهذب في هذا الحديث : فهذا إسناد صحيح ، لكنه لم يجزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم : فلا يثبت رفعه بمجرد هذا ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=13478ابن ماجه من رواية
إبراهيم بن يزيد الخوزي بضم الخاء المعجمة بإسناده عن
جابر مرفوعا بغير شك ، لكن
الخوزي ضعيف لا يحتج بروايته ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد في مسنده ، عن
جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بلا شك أيضا ، لكنه من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ، وهو ضعيف ، وعن
عائشة : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008740أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق " ، رواه
أبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني ، وغيرهم بإسناد صحيح ، لكن نقل
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي أن
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل أنكر على
أفلح بن حميد روايته هذه ، وانفراده به مع أنه ثقة ، وعن
الحارث بن عمرو السهمي الصحابي رضي الله عنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008740أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق " ، رواه
أبو داود ، وعن
عطاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008741أنه وقت لأهل المشرق ذات عرق " رواه
البيهقي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي بإسناد حسن ، عن
عطاء ، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا ،
وعطاء من كبار التابعين . وقد قدمنا في مقدمة هذا الشرح أن مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي الاحتجاج بمرسل كبار التابعين ، إذا اعتضد بأحد أربعة أمور :
منها : أن يقول به بعض الصحابة ، أو أكثر العلماء ، وهذا قد اتفق على العمل به الصحابة ، ومن بعدهم ، قال
البيهقي : هذا هو الصحيح من رواية
عطاء أنه رواه مرسلا ، قال : وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة ، عن
عطاء ، وغيره متصلا ،
والحجاج ظاهر الضعف . انتهى كلام
النووي . وقال صاحب نصب الراية : وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني في سننه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى الموصلي في أسانيدهم ، عن
حجاج ، عن
عطاء ، عن
[ ص: 484 ] جابر .
وحجاج لا يحتج به ، وذكر الحافظ في الفتح أن
أحمد روى هذا الحديث من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة من غير شك في الرفع .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أظهر القولين عندي دليلا أن
ذات عرق وقتها النبي صلى الله عليه وسلم لأهل
العراق ، والدليل على ذلك من وجهين :
أحدهما : أن ذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في أحاديث منها : ما هو صحيح الإسناد ، ومنها : ما في إسناده كلام ، وبعضها يقوي بعضا .
قال
أبو داود رحمه الله في سننه : حدثنا
هشام بن بهرام المدائني ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران ، عن
أفلح يعني : ابن حميد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، عن
عائشة رضي الله عنها : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008742أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق " انتهى من سنن
أبي داود ، وهذا الإسناد صحيح كما ترى ; لأن طبقته الأولى
هشام بن بهرام المدائني أبو محمد ، وهو ثقة ، وطبقته الثانية
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران الأزدي الفهمي أبو مسعود الموصلي ، وهو ثقة عابد فقيه . وطبقته الثالثة
أفلح بن حميد بن نافع المدني أبو عبد الرحمن ، ويقال له : ابن صغيراء ، وهو ثقة ، وطبقته الرابعة ، والخامسة
القاسم بن أبي بكر ، عن عمته
عائشة رضي الله عنها ، فهذا إسناد في غاية الصحة كما ترى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي في سننه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16992محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ، قال : حدثنا
أبو هاشم محمد بن علي ، عن
المعافى ، عن
أفلح بن حميد ، عن
القاسم ، عن
عائشة قالت : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008743وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة : ذا الحليفة ، ولأهل الشام ومصر : الجحفة ، ولأهل العراق : ذات عرق ، ولأهل نجد : قرنا ، ولأهل اليمن : يلملم " ، وهذا إسناد صحيح أيضا ; لأن طبقته الأولى
nindex.php?page=showalam&ids=16992محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي ; وهو ثقة حافظ ، وطبقته الثانية هي
أبو هاشم محمد بن علي الأسدي ، وهو ثقة عابد ، وباقي الإسناد هو ما تقدم الآن في إسناد
أبي داود ، وكلهم ثقات كما أوضحناه الآن ، فهذا الإسناد لا شك في صحته ، ومتنه فيه التصريح بتوقيت النبي صلى الله عليه وسلم
ذات عرق لأهل
العراق .
واعلم أن تضعيف من ضعف هذا الحديث بأن
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد رحمه الله أنكر على
أفلح بن حميد ذكره في هذا الحديث
لذات عرق ، وأنه انفرد بذلك غير
مسلم لأن
أفلح بن حميد ثقة ، وزيادة العدل مقبولة ، ولا يضره انفراد
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران أيضا لأنه ثقة ، وكم من حديث صحيح غريب انفرد به ثقة ، عن ثقة ، كما هو معلوم في الأصول ، وعلم الحديث . وقال الشيخ
الذهبي رحمه الله في ميزان الاعتدال في نقد الرجال في ترجمة
أفلح بن [ ص: 485 ] حميد المذكور : وثقه
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين ،
وأبو حاتم . وقال
ابن صاعد : كان
أحمد ينكر على
أفلح بن حميد قوله : ولأهل
العراق ذات عرق ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي في الكامل : هو عندي صالح ، وهذا الحديث ينفرد به
nindex.php?page=showalam&ids=15265المعافى بن عمران ، عن
أفلح ، عن
القاسم ، عن
عائشة .
قلت : هو صحيح غريب . انتهى كلام
الذهبي . وتراه صرح بأن هذا الحديث صحيح غريب مع أن هذا الحديث في توقيت النبي صلى الله عليه وسلم
ذات عرق لأهل
العراق له شواهد متعددة .
منها : حديث
جابر في صحيح
مسلم ، وإن كان لم يجزم فيه بالرفع ، لأن قوله : أحسبه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، ظن من
أبي الزبير أن
جابرا رفع الحديث ، وهذا الظن يقوي الروايات ، التي فيها الجزم بالرفع .
ومنها : ما رواه
أبو داود في سننه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15304أبو معمر عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج ، حدثنا
عبد الوارث ، حدثنا
عتبة بن عبد الملك السهمي ، حدثني
زرارة بن كريم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008744أن الحارث بن عمرو السهمي ، حدثه : قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات ، وقد أطاف به الناس قال : فتجيء الأعراب ، فإذا رأوا وجهه قالوا : هذا وجه مبارك ، قال : ووقت ذات عرق لأهل العراق . انتهى منه . وهذا الإسناد لا يقل عن درجة الحسن ; لأن طبقته الأولى :
nindex.php?page=showalam&ids=15304عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر المقعد التميمي المنقري ، وهو ثقة ثبت رمي بالقدر ، وطبقته الثانية :
nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث وهو ابن سعيد بن ذكوان العنبري مولاهم
أبو عبيدة التنوري ، وهو ثقة ثبت رمي بالقدر ، ولم يثبت عنه ، وطبقته الثالثة :
عتبة بن عبد الملك السهمي ، وهو بصري . ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في الثقات ، وطبقته الرابعة :
زرارة بن كريم بن
الحارث بن عمرو السهمي ، وهو له رؤية ، وذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان في ثقات التابعين ، وطبقته الخامسة :
الحارث بن عمرو السهمي الباهلي رضي الله عنه وهو صحابي ، فهذا الإسناد لا يقل عن درجة الحسن ، وهو صالح لأن يعتضد به حديث
عائشة المتقدم عند
أبي داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي الذي قدمنا : أن إسناده صحيح ، وقد سكت
أبو داود على هذا الحديث . ومعلوم أن
أبا داود إذا سكت على حديث ، فهو صالح للاحتجاج عنده ، كما قدمناه مرارا . وقد ذكر
ابن حجر في الإصابة في ترجمة
الحارث بن عمر ، والمذكور : أن حديثه هذا صححه
الحاكم ، ولم يتعقب ذلك بشيء . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري هذا الحديث في تاريخه في ترجمة
زرارة بن كريم بالسند الذي رواه به
أبو داود ، ولم يتعقبه بشيء .
ومنها : ما رواه
أحمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12418وإسحاق بن راهويه ،
nindex.php?page=showalam&ids=12201وأبو يعلى الموصلي في
[ ص: 486 ] مسانيدهم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14269والدارقطني في سننه : عن
جابر :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008745أن النبي صلى الله عليه وسلم وقت ذات عرق : لأهل العراق من غير شك في الرفع ، وقد قدمنا في كلام
النووي ،
والزيلعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16609وابن حجر : أن في إسناده
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15689والحجاج بن أرطاة ، وكلاهما ضعيف .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : لا شك أن رواية
nindex.php?page=showalam&ids=15689الحجاج بن أرطاة معتبر بها صالحة لاعتضاد غيرها ، ومن أجل ذلك أخرج له
مسلم في صحيحه مقرونا بغيره ، كما قاله
الذهبي في الميزان ، وقد أثنى عليه غير واحد ، وروى عنه
شعبة ، وقال : اكتبوا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطاة ،
وابن إسحاق ، فإنهما حافظان . وقال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري : ما بقي أحد أعرف بما يخرج من رأسه منه ، وقال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=15743حماد بن زيد : كان أقهر عندنا لحديثه من
سفيان . وقال فيه
الذهبي في الميزان : هو أحد الأعلام على لين في حديثه . وقال فيه
الذهبي : وأكثر ما نقم عليه التدليس ، وفيه تيه لا يليق بأهل العلم ، وقال فيه
ابن حجر في التقريب : صدوق كثير الخطإ والتدليس ا هـ .
وعلى كل حال : فلا شك في الاعتبار بروايته ، وصلاحها لتقوية غيرها ،
nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة لا شك في أن روايته تعضد غيرها ، وقد أخرج له
مسلم أيضا مقرونا بغيره . وقد قدمنا الكلام عليه .
وعلى كل حال فرواية
الحجاج ،
nindex.php?page=showalam&ids=16457وابن لهيعة عاضدة للرواية الصحيحة . ومنها الحديث الذي رواه
عطاء مرسلا كما قدمنا في كلام
النووي ، وقد قال : إنه رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ،
والبيهقي بإسناد حسن ، ومرسل
عطاء هذا في توقيت النبي صلى الله عليه وسلم :
ذات عرق لأهل
العراق محتج به عند الأئمة الأربعة . أما
مالك ،
وأبو حنيفة ،
وأحمد ، فالمشهور عنهم الاحتجاج بالمرسل كما قدمناه مرارا . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : فقد قدمنا عن
النووي : أنه يعمل بمرسل التابعي الكبير إن قال به بعض الصحابة أو أكثر أهل العلم ، ومرسل
عطاء هذا أجمع على العمل به الصحابة ، فمن بعدهم إلى غير ذلك من الأدلة العاضدة ، لأن توقيت
ذات عرق لأهل
العراق من النبي صلى الله عليه وسلم .
وقال
ابن حجر في فتح الباري بعد أن ساق بعض طرق حديث توقيت النبي صلى الله عليه وسلم
ذات عرق لأهل
العراق ما نصه : وهذا يدل على أن للحديث أصلا ، فلعل من قال : إنه غير منصوص لم يبلغه ، ورأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق لا يخلو من مقال . انتهى محل الغرض منه .
وقد بينا أن بعض روايات هذا الحديث صحيحة ، ولا يضرها انفراد بعض الثقات بها .
[ ص: 487 ] الأمر الثاني من الأمرين المذكورين في أول هذا المبحث : هو إنما ثبت في صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، مما يدل على أن توقيت
ذات عرق لأهل
العراق باجتهاد من
عمر ، كما قدمناه لا يعارض هذه الأدلة التي ذكرناها على أنه منصوص لاحتمال أن
عمر لم يبلغه ذلك ، فاجتهد فوافق اجتهاده توقيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو رضي الله عنه معروف أنه وافقه الوحي في مسائل متعددة ، فلا مانع من أن تكون هذه منها لا شرعا ، ولا عقلا ، ولا عادة . وأما إعلال بعضهم حديث
ذات عرق ، بأن
العراق لم تكن فتحت يومئذ فقد قال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : هي غفلة ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحي قبل الفتوح ، لأنه علم أنها ستفتح ، فلا فرق في ذلك بين
الشام والعراق . انتهى بواسطة نقل
ابن حجر في الفتح .