الفرع الثامن : اعلم أنا قدمنا في أول الكلام على هذه المسألة : أن الإحرام يحرم بسببه على المحرم وطء امرأته في الفرج ومباشرتها فيما دون الفرج ; لقوله تعالى :
فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [ 2 \ 197 ] وقد قدمنا أن الرفث شامل للجماع ، ومقدماته . وقد أردنا في هذا الفرع أن نبين ما يلزمه لو فعل شيئا من ذلك ، ولا خلاف بين أهل العلم : أن
المحرم إذا جامع امرأته قبل الوقوف بعرفات : أن
[ ص: 29 ] حجه يفسد بذلك ، ولا خلاف بينهم أنه لا يفسد الحج من محظورات الإحرام ، إلا الجماع خاصة ، وإذا فسد حجه بجماعه قبل الوقوف
بعرفات : فعليه إتمام حجه هذا الذي أفسده وعليه قضاء الحج ، وعليه الهدي . وهو عند
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ، وجماعات من الصحابة بدنة ، وقال
أبو حنيفة : عليه شاة ، وقال
داود : هو مخير بين بدنة وبقرة وشاة ، فإن كان جماعه بعد الوقوف
بعرفات ، وقبل رمي جمرة
العقبة ، وطواف الإفاضة فحجه فاسد عند
مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأحمد رحمهم الله .
وقال
أبو حنيفة - رحمه الله - : حجه صحيح ، وعليه أن يهدي بدنة متمسكا بظاهر حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008660الحج عرفة " وإن كان جماعه بعد رمي جمرة
العقبة ، وقبل طواف الإفاضة : فحجه صحيح عند الجميع ، وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : تلزمه فدية ، وعند
أبي حنيفة : إن جامع بعد الحلق : فعليه شاة ، وإن جامع قبل الحلق ، وبعد الوقوف : فعليه بدنة .
وعن
أحمد روايتان : فيما يلزمه هل هو شاة ، أو بدنة ، ومذهب
مالك : أن حجه صحيح ، وعليه هدي وعمرة ، ووجهه عنده أن الجماع لما كان بعد التحلل الأول برمي جمرة
العقبة ، لم يفسد به الحج ، ولكنه وقع فيه نقص بسبب الجماع قبل التحلل الثاني ، فكان هذا النقص عنده يجبر بالعمرة والهدي .
وفي " الموطأ " قال
مالك في رجل وقع بامرأته في الحج ، ما بينه وبين أن يدفع من
عرفة ، ويرمي الجمرة أنه يجب عليه الهدي وحج قابل ، قال : فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة ، فإنما عليه أن يعتمر ويهدي ، وليس عليه حج قابل ، ا هـ .
ونقل
الباجي عن
مالك : أن محل فساد الحج بالجماع قبل الرمي والإفاضة وبعد الوقوف
بعرفة ، فيما إذا كان الوطء واقعا يوم النحر ، أما إن أخر رمي جمرة
العقبة ، وطواف الإفاضة معا عن يوم النحر ، وجامع قبلهما : فلا يفسد حجه : وعليه عمرة وهديان : هدي لوطئه ، وهدي لتأخير رمي الجمرة انتهى منه بواسطة نقل المواق في شرحه لمختصر خليل في الكلام على قوله : والجماع ومقدماته ، وأفسد مطلقا كاستدعاء مني ، وإن ينظر قبل الوقوف مطلقا ، إن وقع قبل إفاضته وعقبه يوم النحر أو قبله وإلا فهدي ، ا هـ .
فتحصل : أن الجماع قبل الوقوف
بعرفات مفسد للحج ، عند الأئمة الأربعة وبعد التحلل الأول ، وقبل الثاني : لا يفسد الحج عند الأربعة .
وقد عرفت مما قدمنا ما يقع به التحلل عند كل واحد منهم ، وإن وقع بعد الوقوف
[ ص: 30 ] بعرفة ، وقبل التحلل : أفسد عند الثلاثة ، خلافا
لأبي حنيفة كما تقدم إيضاحه قريبا .
وإذا عرفت أقوال أهل العلم في الجماع ، فاعلم أنهم متفقون على مقدمات الجماع كالقبلة ، والمفاخذة ، واللمس بقصد اللذة حرام على المحرم .
ولكنهم اختلفوا فيما يلزمه لو فعل شيئا من ذلك : فمذهب
مالك وأصحابه : أن كل تلذذ بمباشرة المرأة من قبلة ، أو غيرها ، إذا حصل معه إنزال أفسد الحج . وقد بينا قريبا ما يلزم من أفسد حجه حتى إنه لو أدام النظر بقصد اللذة فأنزل : فسد عند
مالك حجه ، ولو أنزل بسبب النظرة الأولى من غير إدامة : لم يفسد حجه عند
مالك ، وعليه الهدي . أما إذا تلذذ بالمرأة بما دون الجماع ، ولم ينزل فإن كان بتقبيل الفم : فعليه هدي ، والقبلة حرام على المحرم مطلقا عند
مالك ، وأما إن كان بغير القبلة كاللمس باليد ، فهو ممنوع إن قصد به اللذة ، وإن لم يقصدها به ، فليس بممنوع ، ولا هدي فيه ولو قصد به اللذة ، وإنما عليه الإثم إلا إذا حصل بسببه مذي فيلزم فيه الهدي ، ومحل هذا عندهم في غير الملاعبة الطويلة والمباشرة الكثيرة ففيها الهدي .
فتحصل : أن مذهب
مالك فساد الحج بمقدمات الجماع ، إن أنزل ، وإن لم ينزل ففي القبلة خاصة مطلقا : هدي وكذلك كل تلذذ خرج بسببه مذي ، وكذلك الملاعبة الطويلة والمباشرة الكثيرة ، وما عدا ذلك من التلذذ ، فليس فيه إلا التوبة والاستغفار ، ولا يفسد الحج عنده إلا بالجماع ، أو الإنزال . ومذهب
أبي حنيفة - رحمه الله - : أن التلذذ بما دون الجماع كالقبلة ، واللمس بشهوة ، والمفاخذة ونحو ذلك : يلزم بسببه دم ، وسواء عنده في ذلك أنزل أو لم ينزل ، ولو ردد النظر إلى امرأته حتى أمنى ، فلا شيء عليه عند
أبي حنيفة .
ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - رحمه الله - : هو أنه إن باشر امرأته فيما دون الفرج بشهوة أو قبلها بشهوة : أن عليه فدية الأذى والاستمناء عنده ، كالمباشرة فيما دون الفرج . وصحح بعض
الشافعية : أن عليه شاة ، ولو ردد النظر إلى امرأته ، حتى أمنى ، فلا شيء عليه عند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي . ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رحمه الله - : أنه إن وطئ فيما دون الفرج ، ولم ينزل : فعليه دم ، وإن أنزل : فعليه بدنة . وفي فساد حجه روايتان :
إحداهما : أنه إن أنزل فسد حجه ، وعليه بدنة وبها جزم
الخرقي .
وقال في " المغني " : في هذه الرواية اختارها
الخرقي وأبو بكر ، وهو قول
عطاء ،
[ ص: 31 ] والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=14946والقاسم بن محمد ،
ومالك ،
وإسحاق .
والرواية الثانية : أنه إن أنزل فعليه بدنة ، ولا يفسد حجه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : في هذه الرواية : وهي الصحيحة ، إن شاء الله ; لأنه استمتاع لا يجب بنوعه حد فلم يفسد الحج كما لو لم ينزل ، ولأنه لا نص فيه ولا إجماع ، ولا هو في معنى المنصوص عليه . انتهى محل الغرض منه .
وما ذكرنا عن
أحمد : من أنه إن أنزل تلزمه بدنة : أي سواء قلنا بفساد الحج ، أو عدم فساده ، وممن قال بلزوم البدنة في ذلك :
الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، كما نقله عنهم صاحب " المغني " . وإن قبل امرأته ، ولم ينزل أو أنزل جرى على حكم الوطء فيما دون الفرج ، وقد أوضحناه قريبا .
وإن نظر إلى امرأته ، فصرف بصره ، فأمنى فعليه دم عند
أحمد ، وإن كرر النظر ، حتى أمنى : فعليه بدنة عنده .
وقد قدمنا عن
مالك : أنه إن كرر النظر ، حتى أمنى فسد حجه ، وهو مروي عن
الحسن وعطاء .
واعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي : أن الحج الفاسد بالجماع يجب قضاؤه فورا في العام القابل ، خلافا لمن قال : إنه على التراخي ، ودليل ذلك الآثار التي ستراها إن شاء الله في الكلام على أدلة هذا المبحث .
وأظهر قولي أهل العلم عندي أيضا - أن الزوجين اللذين أفسدا حجهما يفرق بينهما إذا أحرما بحجة القضاء لئلا يفسدا حجة القضاء أيضا بجماع آخر ، كما يدل عليه بعض الآثار المروية عن الصحابة ، والأظهر أيضا : أن الزوجة إن كانت مطاوعة له في الجماع يلزمها مثل ما يلزم الرجل من الهدي والمضي في الفاسد والقضاء في العام القابل ، خلافا لمن قال : يكفيهما هدي واحد . والأظهر أنه إن أكرهها : لا هدي عليها . وإذا علمت أقوال أهل العلم في جماع المحرم ، ومباشرته بغير الجماع ، فاعلم أن غاية ما دل عليه الدليل : أن ذلك لا يجوز في الإحرام ; لأن الله تعالى نص على ذلك في قوله تعالى :
فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج [ 2 \ 197 ] ، أما أقوالهم في فساد الحج وعدم فساده ، وفيما يلزم في ذلك ، فليس على شيء من أقوالهم في ذلك دليل من كتاب ولا سنة ، وإنما يحتجون بآثار مروية عن الصحابة . ولم أعلم بشيء
[ ص: 32 ] مروي في ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا حديثا منقطعا لا تقوم بمثله حجة : وهو ما رواه
أبو داود في المراسيل ،
والبيهقي في سننه : أخبرنا
أبو بكر محمد بن صالح ، أنبأ
أبو الحسن عبد الله بن إبراهيم الفسوي الداودي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15110أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11998أبو داود السجستاني ، ثنا
أبو توبة ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية يعني : ابن سلام ، عن
يحيى قال : أخبرني
يزيد بن نعيم أو
زيد بن نعيم : شك
أبو توبة :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008814أن رجلا من جذام جامع امرأته ، وهما محرمان ، فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهما " اقضيا نسككما وأهديا هديا ، ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى واحد منكما صاحبه ، وعليكما حجة أخرى فتقبلان حتى إذا كنتما في المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فأحرما وأتما نسككما واهديا " .
هذا منقطع ، وهو
يزيد بن نعيم الأسلمي بلا شك ، انتهى من
البيهقي . وتراه صرح بأنه منقطع وانقطاعه ظاهر ; لأن
يزيد بن نعيم المذكور من صغار التابعين . وقال
الزيلعي في " نصب الراية " بعد أن ذكر الحديث المذكور ، عند
أبي داود في المراسيل ،
والبيهقي ، وذكر قول
البيهقي : أنه منقطع - ما نصه : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان في كتابه : هذا حديث لا يصح ، فإن
زيد بن نعيم مجهول ،
ويزيد بن نعيم بن هزال ثقة . وقد شك
أبو توبة ، ولا يعلم عمن هو منهما ، ولا عمن حدثهم به
nindex.php?page=showalam&ids=17108معاوية بن سلام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ، فهو لا يصح . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان : وروى
ابن وهب ، أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب ، عن
عبد الرحمن بن حرملة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب :
أن رجلا من جذام جامع امرأته ، وهما محرمان ، فسأل الرجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لهما : " أتما حجكما ، ثم ارجعا ، وعليكما حجة أخرى ، فإذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما ، فأحرما وتفرقا ، ولا يرى واحد منكما صاحبه ، ثم أتما نسككما واهديا " انتهى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12858ابن القطان : وفي هذا أنه أمرهما بالتفرق في العودة ، لا في الرجوع . وحديث المراسيل على العكس منه ، قال : وهذا ضعيف أيضا
بابن لهيعة ، انتهى كلامه . انتهى محل الغرض منه من " نصب الراية "
للزيلعي .
وإذا كانت هذه المسألة المذكورة ليس فيها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا هذا الحديث المنقطع سنده تبين : أن عمدة الفقهاء فيها على الآثار المروية عن الصحابة ، فمن ذلك ما رواه
مالك في " الموطأ " بلاغا أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ،
nindex.php?page=showalam&ids=8وعلي بن أبي طالب ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبا هريرة - رضي الله عنهم - سألوا عن
رجل أصاب أهله ، وهو محرم بالحج ؟ فقالوا : ينفذان يمضيان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما حج قابل والهدي . قال : وقال
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله
[ ص: 33 ] عنه - : وإذا أهلا بالحج من عام قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما ، ا هـ .
وهذا الأثر عن هؤلاء الصحابة منقطع أيضا كما ترى .
وفي " الموطأ " أيضا : عن
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يقول : ما ترون في رجل وقع بامرأته وهو محرم ؟ فلم يقل له القوم شيئا . فقال
سعيد : إن رجلا وقع بامرأته ، وهو محرم ، فبعث إلى
المدينة يسأل عن ذلك ، فقال بعض الناس : يفرق بينهما إلى عام قابل ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب : لينفذا لوجههما فليتما حجهما الذي أفسداه ، فإذا فرغا رجعا ، فإن أدركهما حج قابل فعليهما الحج والهدي ، ويهلان من حيث أهلا بحجهما الذي أفسداه ويتفرقان ، حتى يقضيا حجهما . قال
مالك : يهديان جميعا بدنة بدنة .
قال
مالك في رجل وقع بامرأته في الحج ما بينه وبين أن يدفع من
عرفة ، ويرمي الجمرة : إنه يجب عليه الهدي وحج قابل ، فإن كانت إصابته أهله بعد رمي الجمرة ، فإنما عليه أن يعتمر ، ويهدي ، وليس عليه حج قابل .
قال
مالك : والذي يفسد الحج أو العمرة التقاء الختانين ، وإن لم يكن ماء دافق . قال : ويوجب ذلك أيضا الماء الدافق ، إذا كان من مباشرة ، فأما رجل ذكر شيئا حتى خرج منه ماء دافق ، فلا أرى عليه شيئا ، ولو أن رجلا قبل امرأته ، ولم يكن من ذلك ماء دافق ، لم يكن عليه في القبلة إلا الهدي ، وليس على المرأة التي يصيبها زوجها ، وهي محرمة مرارا في الحج أو العمرة ، وهي له في ذلك مطاوعة : إلا الهدي وحج قابل ، إن أصابها في الحج ، وإن كان أصابها في العمرة ، فإنما عليها قضاء العمرة التي أفسدت والهدي ، ا هـ . وفي " الموطأ " أيضا ، عن
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11862أبي الزبير المكي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء بن أبي رباح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - : أنه سئل عن رجل وقع بأهله ، وهو بمنى ، قبل أن يفيض ، فأمره أن ينحر بدنة . وفي " الموطأ " أيضا عن
مالك عن
ثور بن زيد الديلي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة مولى ابن عباس أنه قال : الذي يصيب أهله قبل أن يفيض يعتمر ويهدي . وفي " الموطأ " أيضا عن
مالك : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=15885ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول في ذلك مثل قول
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . قال
مالك : وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك . انتهى محل الغرض منه .
وروى
البيهقي بإسناده ، عن
عطاء : أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - قال في محرم بحجة أصاب امرأته : يعني وهي محرمة ؟ قال : يقضيان حجهما وعليهما الحج من
[ ص: 34 ] قابل من حيث كانا أحرما ، ويفترقان حتى يتما حجهما ، قال : وقال
عطاء : وعليهما بدنة ، إن أطاعته ، أو استكرهها ، فإنما عليهما بدنة واحدة ، ا هـ . وهذا الأثر منقطع أيضا ; لأن
عطاء لم يدرك
عمر - رضي الله عنه - وروى
البيهقي بإسناده أيضا : أن
مجاهدا سئل عن المحرم ، يواقع امرأته ؟ فقال : كان ذلك على عهد عمر - رضي الله عنه - قال : يقضيان حجهما والله أعلم بحجهما ، ثم يرجعان حلالا ، كل واحد منهما لصاحبه ، فإذا كان من قابل حجا وأهديا ، وتفرقا في المكان الذي أصابها فيه .
وروى
البيهقي بإسناده أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : في رجل وقع على امرأته وهو محرم ؟ قال : اقضيا نسككما ، وارجعا إلى بلدكما ، فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين ، فإذا أحرمتما فتفرقا ، ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما ، واهديا هديا . وفي رواية : ثم أهلا من حيث أهللتما أول مرة ، ا هـ . قال
النووي في هذا الأثر الذي رواه
البيهقي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إسناده صحيح . وروى
البيهقي بإسناده ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن أبيه : أن رجلا أتى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأته ؟ فأشار إلى
عبد الله بن عمر فقال : اذهب إلى ذلك فسله . قال
شعيب : فلم يعرفه الرجل ، فذهبت معه ، فسأل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر فقال : بطل حجك . فقال الرجل : فما أصنع ؟ قال : اخرج مع الناس واصنع ما يصنعون ، فإذا أدركت قابلا ، فحج واحد ، فرجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، وأنا معه فأخبره ، فقال : اذهب إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فسله ، قال
شعيب : فذهبت معه إلى
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فسأله فقال له كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، فرجع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو ، وأنا معه ، فأخبره بما قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، ثم قال : ما تقول أنت ؟ فقال : قولي مثل ما قالا ، ا هـ . ثم قال
البيهقي : هذا إسناد صحيح ، وفيه دليل على صحة سماع
nindex.php?page=showalam&ids=16105شعيب بن محمد بن عبد الله عن جده بن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص ، فترى هذا الأثر عن هؤلاء الصحابة الثلاثة فيه ذلك الحكم عنهم بإسناد صحيح .
وروى
البيهقي أيضا من طرق أخرى ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس مثل ذلك ، وفي بعض الروايات عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن على كل واحد منهما بدنة ، وفي بعضها : أنهما تكفيهما بدنة واحدة ، فهذه الآثار عن الصحابة وبعض خيار التابعين هي عمدة الفقهاء في هذه المسألة .