الفرع الثامن عشر : في أحكام أشياء متفرقة : كالنظر في المرآة للمحرم ، وغسل الرأس ، والبدن وما يلزم من قتله بغسله رأسه قملا ، والحجامة ، وحك الجسد ، والرأس وتقريد البعير ، وتضميد العين بالصبر ونحوه ، والسواك . أما النظر في المرآة : فالظاهر أنه لا بأس به للمحرم ، ولم يرد شيء يدل على النهي عنه فيما أعلم .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في صحيحه : باب الطيب عند الإحرام ، وما يلبس إذا أراد أن يحرم ويترجل ، ويدهن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : يشم المحرم الريحان ، وينظر في المرآة ، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن ، وقال
عطاء : يتختم ويلبس الهميان ، وطاف
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - وهو محرم ، وقد حزم على بطنه بثوب ، ولم تر
عائشة - رضي الله عنها - بالتبان بأسا للذين يرحلون هودجها انتهى منه .
ومحل الشاهد عنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : وينظر في المرآة وهذه المسائل التي ذكرها
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، قد قدمناها كلها وأوضحنا مذاهب العلماء فيها ، إلا النظر في المرآة الذي هو غرضنا منها الآن . وكون
عائشة لم تر بأسا بالتبان ، للذين يرحلون هودجها ، والتبان كرمان ، سراويل صغير يستر العورة المغلظة ، وإباحة
عائشة للتبان للذين يرحلون هودجها قريب من قول المالكية : بجواز الاستثفار للركوب والنزول ، وما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من : " أنه طاف وهو محرم ، وقد حزم على بطنه بثوب " خصص المالكية ، جواز
شد الحزام [ ص: 92 ] على البطن من غير عقد بضرورة العمل خاصة كما تقدم .
والحاصل : أنه لا ينبغي أن يختلف في جواز نظر المحرم في المرآة ، إذ لا دليل على النهي عنه ، وذكر
ابن حجر في " الفتح " : أنه نقلت كراهته عن
nindex.php?page=showalam&ids=14946القاسم بن محمد ، وذلك هو مشهور مذهب
مالك ، وفي سماع
ابن القاسم : لا أحب نظر المحرم في المرآة ، فإن نظر فلا شيء عليه ، وليستغفر الله .
وأصح القولين عند الشافعية : أنه لا كراهة فيه ، ونقل
ابن المنذر عدم الكراهة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد ،
وإسحاق قال : وبه أقول ، وكره ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16566عطاء الخراساني . وقال
مالك : لا يفعل ذلك إلا عن ضرورة ، قال : وعن
عطاء في المسألة قولان : بالكراهة والجواز ، وصح عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أنه نظر في المرآة . انتهى بالمعنى من
النووي .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : التحقيق إن شاء الله في هذه المسألة : أن مجرد
نظر المحرم في المرآة لا بأس به ، ما لم يقصد به الاستعانة على أمر من محظورات الإحرام ، كنظر المرأة فيها لتكتحل بما فيه طيب أو زينة ، ونحو ذلك ، والعلم عند الله تعالى .
وذكر في " الفتح " أيضا : أن
nindex.php?page=showalam&ids=16000سعيد بن منصور روى من طريق
عبد الرحمن بن القاسم ، عن أبيه ، عن
عائشة : أنها حجت ، ومعها غلمان لها ، وكانوا إذا شدوا رحلها يبدو منهم الشيء ، فأمرتهم أن يتخذوا التبابين فيلبسوها ، وهم محرمون قال : وأخرجه من وجه آخر مختصرا بلفظ : يشدون هودجها ، انتهى محل الغرض منه ، وقوله : يرحلون هودجها هو بفتح الياء المثناة التحتية ، وسكون الراء ، وفتح الحاء من قولهم : رحلت البعير أرحله بفتح الحاء في المضارع ، والماضي رحلا بمعنى : شددت الرحل على ظهره ، ومنه قول
الأعشى :
رحلت سمية غدوة أجمالها غضبى عليك فما تقول بدا لها
وقول
المثقب العبدي وهو عائذ بن محصن :
إذا ما قمت أرحلها بليل تأوه آهة الرجل الحزين
والهودج : مركب من مراكب النساء معروف ، وما ذكر عن
عائشة - رضي الله عنها - ظاهره أنها إنما رخصت في التبان ، لمن يرحل هودجها ، لضرورة انكشاف العورة ، وهو
[ ص: 93 ] يدل على أنه لا يجوز لغير ضرورة ، والعلم عند الله تعالى .
وأما غسل الرأس والبدن بالماء ، فإن كان لجنابة كاحتلام ، فلا خلاف في وجوبه ، وإن كان لغير ذلك فهو جائز على التحقيق ، ولكن ينبغي أن يكون برفق لئلا يقتل بعض الدواب في رأسه واغتسال المحرم ، وغسله رأسه ، لا ينبغي أن يختلف فيه : لثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلما خالف السنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - فهو مردود على قائله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : باب الاغتسال للمحرم ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : يدخل المحرم الحمام ، ولم ير
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعائشة بالحك بأسا . حدثنا
عبد الله بن يوسف ، أخبرنا
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12379إبراهيم بن عبد الله بن حنين ، عن أبيه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008898أن nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس nindex.php?page=showalam&ids=83والمسور بن مخرمة اختلفا بالأبواء ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس : يغسل المحرم رأسه . وقال المسور : لا يغسل المحرم رأسه ، فأرسلني nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن العباس إلى nindex.php?page=showalam&ids=50أبي أيوب الأنصاري فوجدته يغتسل بين القرنين ، وهو يستر بثوب ، فسلمت عليه فقال : من هذا ؟ فقلت : أنا nindex.php?page=showalam&ids=16428عبد الله بن حنين ، أرسلني إليك nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن العباس أسألك كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغسل رأسه ، وهو محرم ؟ فوضع أبو أيوب يده على الثوب ، فطأطأه حتى بدا لي رأسه ، ثم قال لإنسان يصب عليه : اصبب ، فصب على رأسه ، ثم حرك رأسه بيديه ، فأقبل بهما ، وأدبر وقال : هكذا رأيته - صلى الله عليه وسلم - يفعل .
وقال
ابن حجر في الكلام على هذا الحديث : وكأنه خص الرأس بالسؤال ; لأنه موضع الإشكال في هذه المسألة ; لأنه محل الشعر الذي يخشى انتتافه بخلاف سائر البدن غالبا ، وحديث
أبي أيوب المذكور أخرجه أيضا
مسلم في صحيحه كلفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، وزاد
مسلم فقال
المسور nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس : لا أماريك أبدا . وقال
النووي في شرحه لحديث
أبي أيوب : هذا عند
مسلم ، وفي هذا الحديث فوائد .
منها : جواز
اغتسال المحرم ، وغسله رأسه ، وإمرار اليد على شعره بحيث لا ينتف شعرا إلى آخره ، وهذا حديث متفق عليه فيه التصريح : بجواز غسل الرأس في الإحرام ، وكذلك غسل البدن ، وقال
النووي في " شرح المهذب " : قال
الماوردي : أما اغتسال المحرم بالماء والانغماس فيه ، فجائز لا يعرف بين العلماء ، خلاف فيه ، لحديث
أبي أيوب السابق : أما دخول الحمام وإزالة الوسخ عن نفسه فجائز أيضا عندنا وبه قال الجمهور ، وقال
مالك : تجب الفدية بإزالة الوسخ ، وقال
أبو حنيفة : إن غسل رأسه بخطمي ؛ لزمته الفدية . دليلنا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في المحرم الذي خر عن بعير . وقال
ابن المنذر : وكره
[ ص: 94 ] nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ومالك : غسل المحرم رأسه بالخطمي . قال
مالك : وعليه الفدية ، وبه قال
أبو حنيفة ، وقال
أبو يوسف ،
ومحمد : عليه صدقة . قال
ابن المنذر : هو مباح لحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . انتهى محل الغرض منه .
وقد قدمنا جواز غسل الرأس بالماء وحده ، عن المالكية ، وكراهة غمس الرأس في الماء ما لم يتيقن أنه لا يقتل بذلك بعض دواب الرأس .
وقال صاحب " اللسان " : والخطمي : ضرب من النبات ، بغسل به ، وفي الصحاح : يغسل به الرأس . قال
الأزهري : هو بفتح الخاء ، ومن قال : خطمي بكسر الخاء فقد لحن ، وفي المدونة عن
مالك : لا يدخل المحرم الحمام ، فإن دخله ، وتدلك ، وألقى الوسخ : افتدى . وقال
اللخمي : أرى أن يفتدي ، ولو لم يتدلك ; لأن الشأن فيمن دخل الحمام ، ثم اغتسل أن الشعث يذهب عنه ، ولو لم يتدلك ، انتهى بواسطة نقل المواق .
فتحصل : أن مطلق الغسل الذي لا تنظيف فيه لا خلاف فيه إلا ما رواه
مالك ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : " أنه كان لا يغسل رأسه وهو محرم ، إلا من احتلام " . وروى
مالك في " الموطأ " ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : " أنه غسل رأسه ، وهو محرم ، وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=120يعلى بن منية : أن يصب على رأسه أي :
عمر الماء ، وقال : اصبب ، فلن يزيده الماء إلا شعثا " . وقد ثبت في الصحيحين جوازه ، وأن إزالة الوسخ بالتدلك في الحمام ، وغسل الرأس بالخطمي ونحو ذلك : فيه خلاف كما رأيت أقوال أهل العلم فيه .
وحجة من قال : من التدلك وإزالة الوسخ لا شيء فيه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في المحرم الذي خر عن بعيره ، ومات ، ونهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخمروا رأسه ووجهه ، وعلل ذلك : بأنه يبعث ملبيا ، ومع ذلك فقد أمرهم أن يغسلوه بماء وسدر ، وذلك ثابت في الصحيح ، وأن الأصل عدم الوجوب .
واحتج من منع إزالة الوسخ : بأن الوسخ من التفث وقد دلت آية :
ثم ليقضوا تفثهم على أن إزالة التفث : لا تجوز قبل وقت التحلل الأول .
واحتجوا أيضا بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008899إن الله تعالى يباهي بأهل عرفات أهل السماء ، فيقول لهم : انظروا إلى عبادي جاءوني شعثا غبرا " ، قال
النووي في " شرح المهذب " : رواه
البيهقي بإسناد صحيح .
وأخرج
الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008900الحاج الشعث التفل " وفيه
إبراهيم بن يزيد الخوزي .
[ ص: 95 ] قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : أما مجرد الغسل الذي لا يزيده إلا شعثا كما قال
عمر - رضي الله عنه - فلا ينبغي أن يختلف فيه ، لحديث
أبي أيوب المتفق عليه ، وأما التدلك في الحمام ، وغسل الرأس بالخطمي ، فلا نص فيه ، والأحسن تركه احتياطا ، وأما لزوم الفدية فيه فلا أعلم له دليلا يجب الرجوع إليه ، والعلم عند الله تعالى .
وأما حكم من قتل بغسله رأسه قملا ، فلا أعلم في خصوص
قتل المحرم القمل نصا من كتاب ، ولا سنة .
وقد قدمنا أن مذهب
مالك : أنه إن قتل قملة أو قملات أطعم ملء يد واحدة من الطعام كفارة لذلك ، وإن قتل كثيرا منه لزمته الفدية ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي أن من قتل قملة : أطعم شيئا قال : وأي شيء فداها به فهو خير منها . وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : أنه إن ظهر القمل على بدنه أو ثيابه ، لم يكره له أن ينحيه ; لأنه ألجأه .
وذهب بعض أهل العلم إلى أن قتل القمل لا فدية فيه ، وهو مذهب
أحمد وأصحابه ، مع أن عنه روايتين :
إحداهما : إباحة قتله ; لأنه يؤذي ، والأخرى منع قتله ; لأن فيه ترفها .
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - :
أظهر أقوال أهل العلم عندي في ذلك : أن القمل لا يجوز قتله وأخذه من الرأس ، بدليل قصة
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة المتقدمة ، فإنه لو كان قتله يجوز لما صبر على أذاه ، ولتسبب في التفلي ; لإزالته من رأسه ، كما هو العادة المعروفة فيمن آذاه القمل ، وهو غير محرم إن لم يرد الحلق ، وأنه لا شيء على من قتله . والدليل على ذلك أمران .
أحدهما : أن الأصل عدم الوجوب إلا لدليل ، ولا دليل على لزوم شيء في قتل القمل ، مع أنه يؤذي أشد الإيذاء .
الأمر الثاني : أن ظاهر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=167كعب بن عجرة المتفق عليه ، وظاهر القرآن العظيم كلاهما : يدل على أن الفدية إنما لزمت بسبب حلق الرأس ، مع كثرة ما فيه من القمل ، فلو كانت الفدية تلزم من قتل القمل ، وإزالته ، لبينه - صلى الله عليه وسلم - فقوله تعالى :
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك ظاهره : أن الأذى الذي برأسه من القمل ونحوه : كالمرض في إباحة الحلق ، وأن الفدية لزمت بسبب الحلق لا بسبب المرض ، ولا بسبب إزالة القمل ، وكذلك
[ ص: 96 ] ظاهر حديث
كعب ، حيث أمره بالحلق والفدية ، فهو يدل على أن الفدية من أجل الحلق لا غيره .
ومما يؤيد ذلك : أن القمل لا قيمة له ، فهو كالبراغيث والبعوض ، وليس القمل بمأكول ، وليس بصيد .
قال صاحب " المغني " : وحكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر قال : هي أهون مقتول ، وسئل
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، عن محرم ألقى قملة ، ثم طلبها فلم يجدها ؟ قال : تلك ضالة لا تبتغى . قال : وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
وابن المنذر ، وعن
أحمد فيمن قتل قملة ، قال : يطعم شيئا فعلى هذا أي شيء تصدق به أجزأه ، سواء قتل كثيرا أو قليلا ، وهذا قول أصحاب الرأي وقال
إسحاق : تمرة فما فوقها . وقال
مالك : حفنة من طعام . وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، وقال
عطاء : قبضة من طعام .
وهذه الأقوال كلها راجعة إلى ما قلناه ، فإنهم لم يريدوا بذلك التقدير ، وإنما هو على التقريب لأقل ما يتصدق به . انتهى من " المغني " . ولا يخفى أنها أقوال لا دليل على شيء منها .
وحجة القائلين بها في الجملة : أن قتل القمل فيه ترفه للمحرم ، والعلم عند الله تعالى .
وأما الحجامة : إن دعت إليها ضرورة ، فلا خلاف في جوازها للمحرم ، وإنما اختلف أهل العلم في الفدية ، إن احتجم . أما جوازها لضرورة فهو ثابت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ثبوتا لا مطعن فيه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في صحيحه : باب
الحجامة للمحرم : وكوى
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ابنه ، وهو محرم ، ويتداوى ما لم يكن فيه طيب .
حدثنا
علي بن عبد الله ، حدثنا
سفيان ، قال : قال
عمرو : أول شيء سمعت
عطاء يقول : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008901احتجم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم ، ثم سمعته يقول : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس فقلت : لعله سمعه منها .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15801خالد بن مخلد ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16036سليمان بن بلال ، عن
علقمة بن أبي علقمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن الأعرج ، عن
ابن بحينة - رضي الله عنه - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008902احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم بلحيي جمل في وسط رأسه " . انتهى من صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
[ ص: 97 ] وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب " الطب " ، باب الحجم في السفر والإحرام : قاله
ابن بحينة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
حدثنا
مسدد ، حدثنا
سفيان ، عن
عمرو ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
وعطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008903احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب " الطب " أيضا : باب الحجامة على الرأس .
حدثنا
إسماعيل ، حدثني
سليمان ، عن
علقمة : أنه سمع
nindex.php?page=showalam&ids=13723عبد الرحمن الأعرج : أنه سمع
عبد الله بن بحينة ، يحدث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008904أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم بلحيي جمل من طريق مكة وهو محرم في وسط رأسه " وقال
الأنصاري :
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=17240هشام بن حسان ، حدثنا
عكرمة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008905أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم في رأسه " وفي لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008906احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - في رأسه وهو محرم من وجع كان به بماء يقال له : لحيي جمل . وفي لفظ له أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008901أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم في رأسه من شقيقة كانت به " انتهى منه . وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس الذي ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : أخرجه
مسلم أيضا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ،
وعطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008907أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو محرم " . وأخرج
مسلم أيضا حديث
ابن بحينة المذكور بلفظ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008908أن النبي - صلى الله عليه وسلم - احتجم بطريق مكة وهو محرم وسط رأسه " ، ا هـ .
فهذا الحديث المتفق عليه ، عن صحابيين جليلين وهما :
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس ،
وعبد الله بن بحينة : صريح في جواز الحجامة للمحرم إن دعت إلى ذلك ضرورة وجع . والحديث المتفق عليه المذكور فيه أن الحجامة المذكورة كانت في الرأس .
قال
ابن حجر في " الفتح " : وخالف ذلك حديث
أنس فأخرج
أبو داود nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي في الشمائل ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ، وصححه
nindex.php?page=showalam&ids=13114ابن خزيمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13053وابن حبان من طريق
معمر ، عن
قتادة عنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008903احتجم النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم على ظهر القدم من وجع كان به " . ورجاله رجال الصحيح ، إلا أن
أبا داود ، حكى عن
أحمد أن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة رواه عن
قتادة ، فأرسله
وسعيد أحفظ من
معمر وليست هذه بعلة قادحة ، والجمع بين حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وحديث
أنس ، واضح بالحمل على التعدد أشار إلى ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16935الطبري . انتهى منه .
ولا يخفى أن مثل هذا لا تعارض فيه ، وأنه احتجم مرة في الرأس ، ومرة على ظهر القدم كما لا يخفى . وقوله في الحديث المتفق عليه : "
بلحيي جمل " هو بفتح اللام ،
[ ص: 98 ] ويجوز كسرها وسكون الحاء وياء مثناة تحتية ، وفي بعض رواياته : بياءين بصيغة التثنية ، وجمل بفتح الجيم ، والميم . وقد جاء في الروايات ، أنه اسم موضع بين
مكة والمدينة . وقال في " الفتح " : قال
nindex.php?page=showalam&ids=13629ابن وضاح : هي بقعة معروفة وهي
عقبة الجحفة على سبعة أميال من
السقيا ، ا هـ .
وقال صاحب " القاموس " :
ولحى جمل موضع بين
الحرمين ، وإلى
المدينة أقرب . وزعم صاحب " القاموس " : أن السقيا بالضم : موضع بين
المدينة ،
ووادي الصفراء ، وما ظنه بعضهم : من أن المراد به أحد فكي الجمل الذي هو ذكر الإبل ، وأن فكه كان هو آلة الحجامة ، فهو غلط لا شك فيه .
فهذه النصوص التي ذكرنا لا يبقى معها شك في جواز الحجامة للمحرم الذي به وجع يحتاج إلى الحجامة .
أما ما يلزم في ذلك فاختلفوا فيه : قال
النووي في " شرح
مسلم " : وفي هذا الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم . وقد أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره ، إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر ، فإن لم يقطع فلا فدية عليه ، ودليل المسألة قول ه تعالى :
فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية . وهذا الحديث محمول على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس ; لأنه لا ينفك عن قطع شعر ، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة ، فإن تضمنت قلع شعر ، فهي حرام لتحريم قطع الشعر وإن لم تتضمن ذلك ، بأن كانت في موضع لا شعر فيه ، فهي جائزة عندنا .
وعند الجمهور : ولا فدية فيها ، ووافق الجمهور
nindex.php?page=showalam&ids=15968سحنون ، من أصحاب
مالك ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ومالك كراهتها ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : فيها الفدية .
دليلنا : أن إخراج الدم ليس حراما في الإحرام . انتهى منه .
وما ذكره
النووي ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ومالك : من كراهة الحجامة لغير عذر ، ذكره
مالك في " الموطأ " ، عن
نافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر بلفظ : أنه كان يقول : " لا يحتجم المحرم إلا مما لا بد منه " وفيه قال
مالك : لا يحتجم المحرم إلا من ضرورة ، ولا شك أنها إن أدت إلى قطع شعر من غير حاجة إليها أنها حرام ، وإن كانت لا تؤدي إلى قطع شعر ، فقد وجه المالكية كراهتها المذكورة ، عن
مالك nindex.php?page=showalam&ids=12وابن عمر بأمرين :
[ ص: 99 ] أحدهما : أن إخراج الدم من الحاج ، قد يؤدي إلى ضعفه ، كما كره صوم يوم
عرفة للحاج ، مع أن الصوم أخف من الحجامة ، قالوا : فبطل استدلال المجيز ، بأنه لم يقم دليل على تحريم إخراج الدم في الإحرام ، لأنا لم نقل بالحرمة ، بل بالكراهة لعلة أخرى علمت . قاله :
الزرقاني في " شرح الموطأ " .
ومرادهم أن ضعفه بإخراج الدم منه ، قد يؤدي إلى عجزه عن إتمام بعض المناسك .
الأمر الثاني : هو أن الحجامة إنما تكون في العادة ، بشد الزجاج ونحوه ، والمحرم ممنوع من العقد والشد على جسده . قاله : الشيخ سند .
وقال
الحطاب في شرحه لقول
خليل عاطفا على ما يكره : وحجامة بلا عذر - ما نصه : وأما مع العذر فتجوز ، فإن لم يزل بسببها شعرا ، ولم يقتل قملا فلا شيء عليه ، وإن أزال بسببها شعرا : فعليه الفدية . وذكر
ابن بشير قولا بسقوطها قال في التوضيح : وهو غريب ، وإن قتل قملا ، فإن كان كثيرا ، فالفدية ، وإلا أطعم حفنة من طعام . والله سبحانه أعلم ، انتهى منه .
والقول الذي ذكره
ابن بشير من المالكية واستغربه
خليل في التوضيح بسقوط الفدية مطلقا . ولو أزال بسبب الحجامة شعرا له وجه من النظر ، ولا يخلو عندي من قوة ، والله تعالى أعلم . وإيضاح ذلك أن جميع الروايات المصرحة : " بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : احتجم في رأسه ، لم يرد في شيء منها أنه افتدى لإزالة ذلك الشعر من أجل الحجامة ، ولو وجبت عليه في ذلك فدية ، لبينها للناس ; لأن
تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز .
والاستدلال على وجوب الفدية في ذلك بعموم قوله تعالى :
ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية . لا ينهض كل النهوض ; لأن الآية واردة في حلق جميع الرأس ، لا في حلق بعضه ، وقد قدمنا أن
حلق بعضه : ليس فيه نص صريح .
ولذلك اختلف العلماء فيه ، فذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : إلى أن الفدية تلزم بحلق ثلاث شعرات فصاعدا . وذهب
أحمد في إحدى الروايتين إلى ذلك ، وفي الأخرى : إلى لزومها بأربع شعرات ، وذهب
أبو حنيفة : إلى لزومها بحلق الربع ، وذهب
مالك : إلى لزومها بحلق ما فيه ترفه ، أو إماطة أذى ، وهذا الاختلاف يدل على عدم النص الصريح في حلق بعض
[ ص: 100 ] الرأس ، فلا تتعين دلالة الآية على لزوم الفدية ، في من أزال شعرا قليلا ; لأجل تمكن آلة الحجامة من موضع الوجع ، والله تعالى أعلم .
وممن قال بأن إزالة الشعر عن موضع الحجامة لا فدية فيه :
محمد وأبو يوسف صاحبا
أبي حنيفة ، بل قالا : في ذلك صدقة ، وقد قدمنا مرارا : أن الصدقة عندهم نصف صاع من بر أو صاع كامل من غيره كتمر وشعير .
والحاصل : أن أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة ، على أنه إن حلق الشعر لأجل تمكن آلة الحجامة ، لزمته الفدية على التفصيل المتقدم في قدر ما تلزم به الفدية ، من حلق الشعر كما تقدم إيضاحه . وأن عدم لزومها عندنا له وجه من النظر قوي ، وحكاه
ابن بشير من المالكية . وأما إن لم يحلق بالحجامة شعرا ، فقد قدمنا قريبا أقوال أهل العلم فيها ، وتفصيلهم بين ما تدعو إليه الضرورة ، وبين غيره . والعلم عند الله تعالى .
واستدل أهل العلم بأحاديث الحجامة المذكورة ، على جواز
الفصد ، وربط الجرح ، والدمل ، وقلع الضرس ، والختان ، وقطع العضو ، وغير ذلك من وجوه التداوي ، إذ لم يكن في ذلك محظور : كالطيب ، وقطع الشعر .
وأما
الحك فإن كان في موضع لا شعر فيه فلا ينبغي أن يختلف في جوازه ، وإن كان في موضع فيه شعر كالرأس ، وكان برفق بحيث لا يحصل به نتف بعض الشعر فكذلك ، وإن كان بقوة بحيث يحصل به نتف بعض الشعر ، فالظاهر أنه لا يجوز .
وهذا هو الصواب إن شاء الله في مسألة الحك . ولم أعلم في ذلك بشيء مرفوع إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - . وإنما فيه بعض الآثار عن الصحابة - رضي الله عنهم - وقد قدمنا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، ولم ير
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر وعائشة بالحك بأسا .
وروى
مالك في " الموطأ " عن
علقمة بن أبي علقمة ، عن أمه أنها قالت : سمعت
عائشة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - تسأل عن المحرم ، أيحك جسده ؟ قالت : نعم فليحككه ، وليشدد ، ولو ربطت يداي ، ولم أجد إلا رجلي لحككت ، ا هـ .
وأما نزع القراد والحلمة من بعيره ، فقد أجازه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وكرهه
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ومالك . وقد روى
مالك في " الموطأ " عن
nindex.php?page=showalam&ids=17314يحيى بن سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن
ربيعة بن أبي عبد الله بن الهدير : أنه رأى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقرد بعيرا له في طين بالسقيا ، وهو محرم . قال
مالك : وأنا أكرهه . وروي أيضا في
[ ص: 101 ] " الموطأ " عن
نافع : أن
عبد الله بن عمر كان يكره أن ينزع المحرم حلمة ، أو قرادا عن بعيره . قال
مالك : وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك . وقوله : يقرد بعيره : أي ينزع عنه القراد ويرميه .
وأما
تضميد العين بالصبر ونحوه مما لا طيب فيه لضرورة الوجع فلا خلاف فيه بين العلماء ، وأنه لا فدية فيه ، كما أجمعوا على أنه إن دعته الضرورة إلى تضميد العين ونحوها بما فيه طيب . أن ذلك جائز له ، وعليه الفدية .
ومن أدلتهم على جواز تضميد العين بالصبر ونحوه : ما رواه
مسلم في صحيحه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16696وعمرو الناقد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11997وزهير بن حرب جميعا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة قال
أبو بكر : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16008سفيان بن عيينة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12349أيوب بن موسى ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008909عن نبيه بن وهب قال : خرجنا مع nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان ، حتى إذا كنا بملل اشتكى عمر بن عبيد الله عينيه ، فلما كنا بالروحاء اشتد وجعه ، فأرسل إلى nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان يسأله ، فأرسل إليه : أن اضمدهما بالصبر ، فإن عثمان - رضي الله عنه - حدث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الرجل إذا اشتكى عينيه ، وهو محرم ضمدهما بالصبر . وفي لفظ عن
مسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008910أن nindex.php?page=showalam&ids=16679عمر بن عبيد الله بن معمر رمدت عينه ، فأراد أن يكحلها ، فنهاه nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان ، وأمره أن يضمدها بالصبر ، وحدث عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : أنه فعل ذلك . انتهى من صحيح
مسلم .
وأما
السواك في الإحرام ، فلا خلاف في جوازه بين أهل العلم .
قال
الشيخ الحطاب في شرحه لقول
خليل في مختصره : وربط جرحه ما نصه : قال
التادلي في مناسك
ابن الحاج : وأجمع أهل العلم على أن للمحرم أن يتسوك ، وإن دمي فمه . انتهى .
وقال
ابن عرفة الشيخ : روى
محمد والعتبي : للمحرم أن يتسوك ، ولو أدمى فاه انتهى ، ثم قال : قلت : لا يلزم من منع القاضي الزينة منع السواك بالجوزاء ونحوه . انتهى والله أعلم . انتهى كلام
الحطاب .