تنبيه
الأظهر عندي أنه
إذا عين هديا بالقول ، أو التقليد ، والإشعار ثم ضل ثم نحر هديا آخر مكانه ، ثم وجد الهدي الأول الذي كان ضالا أن عليه أن ينحره أيضا ; لأنه صار هديا للفقراء . فلا ينبغي أن يرده لملكه ، مع وجوده ، وكذلك إن عين بدلا منه ، ثم وجد الضال ، فإنه ينحرهما معا .
[ ص: 182 ] قال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : وروي ذلك عن
عمر وابنه ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ، وفعلته
عائشة - رضي الله عنهم - . وبه قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وإسحاق ، ويتخرج على قولنا فيما إذا تعيب الهدي ، فأبدله فإن له أن يصنع ما شاء أن يرجع إلى ملك أحدهما ; لأنه قد ذبح ما في الذمة ، فلم يلزمه شيء آخر ، كما لو عطب المعين وهذا قول أصحاب الرأي .
ووجه الأول : ما روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=1008976عن عائشة - رضي الله عنها - : أنها أهدت هديين ، فأضلتهما ، فبعث إليها ابن الزبير هديين فنحرتهما ، ثم عاد الضالان فنحرتهما ، وقالت : هذه سنة الهدي ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني . وهذا ينصرف إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ولأنه تعلق حق الله بهما بإيجابهما ، أو ذبح أحدهما وإيجاب الآخر . انتهى محل الغرض من " المغني " . وليس في المسألة شيء مرفوع . والأحوط : ذبح الجميع كما ذكرنا أنه الأظهر ، والعلم عند الله تعالى .
واعلم أن
الهدي إن كان معينا بالنذر من الأصل ، بأن قال : نذرت إهداء هذا الهدي بعينه أو معينا تطوعا ، إذا رآه صاحبه في حالة يغلب على الظن أنه سيموت ، فإنه تلزمه ذكاته ، وإن فرط فيها حتى مات كان عليه ضمانه ; لأنه كالوديعة عنده .
أما لو مات بغير تفريطه ، أو ضل أو سرق ، فليس عليه بدل عنه كما أوضحناه ; لأنه لم يتعلق الحق بذمته بل بعين الهدي .
والأظهر عندي : إن لزمه بدله بتفريطه أنه يشتري هديا مثله ، وينحره بالحرم بدلا عن الذي فرط فيه ، وإن قيل : بأنه يلزمه التصدق بقيمته على مساكين الحرم ، فله وجه من النظر . والله أعلم .
ولا نص في ذلك ولنكتف بما ذكرنا هنا من أحكام الهدي ، وسيأتي إن شاء الله تفصيل ما يجوز الأكل منه ، وما لا يجوز من الهدايا .