الفرع التاسع : اعلم أن
منع ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث منسوخ . فقد دلت الأحاديث الصحيحة ، على أنه - صلى الله عليه وسلم - منع ادخار لحم الأضاحي بعد ثلاث ، ومنع المضحي بأن يأكل من أضحيته ، بعد ثلاث ، ثم نسخ ذلك ، وصار الأكل والادخار منها مباحا مطلقا . وسنذكر هنا إن شاء الله طرفا من الأحاديث الصحيحة الدالة على المنع المذكور أولا ، وعلى نسخه وإباحة ذلك مطلقا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله - في صحيحه : حدثنا
أبو عاصم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17349يزيد بن أبي عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - ، قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009045من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة ، وبقي في بيته منه شيء " ، فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، نفعل كما فعلنا العام الماضي ؟ قال : " كلوا وأطعموا وادخروا فإن ذلك العام كان بالناس جهد فأردت أن تعينوا فيها " ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع هذا أخرجه أيضا
مسلم في صحيحه قريبا من لفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله - في صحيحه : حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=16304عبد الجبار بن العلاء ، حدثنا
سفيان ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن
أبي عبيد قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009046شهدت العيد مع nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ، فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ، وقال : " إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهانا أن نأكل من لحوم نسكنا بعد ثلاث " . وفي لفظ
لمسلم ، عن
علي أنه قال : " إنه - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009047قد نهاكم أن تأكلوا لحوم نسككم فوق ثلاث ليال فلا تأكلوا " .
وفي لفظ
لمسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009048لا يأكل أحدكم من لحم أضحيته فوق ثلاثة أيام " . وفي لفظ له عنه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009049أنه - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث " ، ثم قال : قال
سالم : فكان
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر لا يأكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث . وفي لفظ : بعد ثلاث .
وفي لفظ
لمسلم ، عن
عبد الله بن واقد قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009050نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=16397عبد الله بن أبي بكر : فذكرت ذلك
لعمرة فقالت : صدق ،
[ ص: 222 ] سمعت
عائشة - رضي الله عنها - تقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009051دف أهل أبيات من أهل البادية صفرة الأضحى زمن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ادخروا ثلاثا ، ثم تصدقوا بما بقي " ، فلما كان بعد ذلك قالوا : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، إن الناس يتخذون الأسقية من ضحاياهم ، ويجملون منها الودك . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : وما ذاك ؟ قالوا نهيت أن تؤكل لحوم الضحايا بعد ثلاث فقال : " إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت فكلوا وادخروا وتصدقوا " .
وفي لفظ
لمسلم عن
جابر - رضي الله عنه - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009052أنه نهى عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاث ، ثم قال بعد : " كلوا وتزودوا وادخروا " .
وفي لفظ
لمسلم عن
عطاء ، عن
جابر أيضا ، أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009053كنا لا نأكل من لحوم بدننا فوق ثلاث في منى ، فأرخص لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : " كلوا وتزودوا " ، قلت
لعطاء : قال
جابر : حتى جئنا
المدينة ؟ قال : نعم .
وفي لفظ
لمسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009054كنا لا نمسك لحوم الأضاحي ، فوق ثلاث ، فأمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نتزود منها ، ونأكل يعني : فوق ثلاث ، وفي لفظ له عنه : كنا نتزودها إلى
المدينة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .
وفي لفظ
لمسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009055يا أهل المدينة ، لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث " ، وقال
ابن المثنى : ثلاثة أيام ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009056فشكوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن لهم عيالا وحشما وخدما فقال : " كلوا وأطعموا واحبسوا وادخروا " ، قال
ابن المثنى : شك
عبد الأعلى .
وفي لفظ
لمسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان - رضي الله عنه - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009057ذبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضحية ، ثم قال : " يا nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ، أصلح لهم هذه " ، فلم أزل أطعمه منها حتى قدم المدينة " .
وفي بعض ألفاظ حديث
nindex.php?page=showalam&ids=99ثوبان ، هذا عند
مسلم أن ذلك في حجة الوداع .
وفي لفظ
لمسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16423عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009058نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم ، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا " انتهى منه .
فكل هذه الألفاظ الثابتة بالأسانيد الصحيحة في
مسلم ، وبعضها في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري فيها الدلالة الصحيحة الصريحة أن تحريم
الادخار ، والأكل من لحوم الأضاحي ، فوق ثلاث : أنه
[ ص: 223 ] منسوخ ، وأن ذلك جائز مطلقا ، وفي بعض الروايات : تعليل ذلك النهي الموقت بمجيء بعض الفقراء من البادية ، وهم المعبر عنهم في الحديث بالدافة .
قال
ابن الأثير في " النهاية " : الدافة القوم يسيرون جماعة سيرا ليس بالشديد . يقال لهم : يدفون دفيفا ، والدافة قوم من الأعراب يردون المصر ، يريد أنهم قدموا
المدينة عند الأضحى ، فنهاهم عن ادخار لحوم الأضاحي ، ليفرقوها ويتصدقوا بها ، فينتفع أولئك القادمون بها . انتهى من " النهاية " .
تنبيه
في هذا الحديث دليل لمن قال من أهل الأصول : باشتراط انعكاس العلة في صحتها ; لأن علة تحريم ادخار لحوم الأضاحي فوق ثلاث : هي وجود دافة فقراء البادية ، الذين دفوا عليهم . ولما زالت هذه العلة زال الحكم معها ، ودوران الحكم مع علته في العدم ، هو المعروف في الاصطلاح بانعكاسها . والمقرر في الأصول أن محل القدح في العلة بعدم انعكاسها فيما إذا كانت علة الحكم واحدة ، لا إن كانت له علل متعددة ، فلا يقدح في واحدة منها بعدم العكس ; لأنه إذا انعدمت واحدة منها ثبت الحكم بالعلة الأخرى ، كالبول ، والغائط ، لنقض الوضوء مثلا . فإن البول يكون معدوما وعلة النقض ثابتة بخروج الغائط ، وهكذا . وكذلك مع كونها علة واحدة لا بد أيضا في القدح فيها ، بعدم العكس من عدم ورود دليل ببقاء الحكم مع ذهاب العلة ، فإن دل دليل على بقاء الحكم ، مع انتفاء العلة ، فلا يقدح فيها بعدم العكس ، كالرمل في الأشواط الأول من الطواف ، فإن علته هي أن يعلم المشركون أن الصحابة أقوياء ولم تضعفهم حمى
يثرب . وهذه العلة قد زالت مع أن حكمها وهو الرمل في الأشواط المذكورة باق لوجود الدليل على بقائه ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - رمل في حجة الوداع ، والعلة المذكورة معدومة قطعا زمن حجة الوداع كما قدمنا إيضاحه ، وإلى هذه المسألة أشار صاحب " مراقي السعود " في مبحث القوادح بقوله :
وعدم العكس مع اتحاد يقدح دون النص بالتمادي