قوله تعالى :
وليطوفوا بالبيت العتيق .
في المراد بالعتيق هنا للعلماء ثلاثة أقوال :
الأول : أن المراد به القديم ، لأنه أقدم مواضع التعبد .
الثاني : أن الله أعتقه من الجبابرة .
الثالث : أن المراد بالعتق فيه الكرم ، والعرب تسمي القديم عتيقا وعاتقا ومنه قول
حسان - رضي الله عنه - :
كالمسك تخلطه بماء سحابة أو عاتق كدم الذبيح مدام
لأن مراده بالعاتق الخمر القديمة التي طال مكثها في دنها زمنا طويلا ، وتسمي الكريم عتقا ومنه قول
كعب بن زهير :
قنواء في حرتيها للبصير بها عتق مبين وفي الخدين تسهيل
فقوله : عتق مبين : أي كرم ظاهر ، ومنه قول
nindex.php?page=showalam&ids=15155المتنبي :
ويبين عتق الخيل في أصواتها
أي كرمها ،
والعتق من الجبابرة كالعتق من الرق
، وهو معروف .
وإذا علمت ذلك فاعلم : أنه قد دلت آية من كتاب الله ، على أن العتيق في الآية
[ ص: 254 ] بمعنى القديم الأول وهي قوله تعالى :
إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا الآية [ 3 \ 96 ] مع أن المعنيين الآخرين كلاهما حق ، ولكن القرآن دل على ما ذكرنا ، وخير ما يفسر به القرآن القرآن .
تنبيهان
الأول : دلت هذه الآية الكريمة ، على
لزوم طواف الإفاضة وأنه لا صحة للحج بدونه .
الثاني : دلت هذه الآية أيضا على
لزوم الطواف من وراء الحجر الذي عليه الجدار القصير شمال البيت ; لأن أصله من البيت ، فهو داخل في اسم البيت العتيق ، كما تقدم إيضاحه .