قوله تعالى :
إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون ، ذكر - جل وعلا - في هذه الآية الكريمة : أنه جزى أولئك المؤمنين المستضعفين في الدنيا بالفوز بالجنة في الآخرة ، وقوله :
بما صبروا ، أي : بسبب صبرهم في دار الدنيا ، على أذى الكفار الذين اتخذوهم سخريا ، وعلى غير ذلك من امتثال أمر الله ، واجتناب نهيه ، وما دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من أن أولئك
المستضعفين الذين كان الكفار يستهزئون بهم ، جزاهم الله يوم القيامة الفوز بجنته ، ورضوانه ، جاء مبينا في مواضع أخر مع بيان أنهم يوم القيامة يهزؤون بالكفار ، ويضحكون منهم ، والكفار في النار ، والعياذ بالله كقوله تعالى :
فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون [ 83 \ 34 - 35 ] وقوله تعالى :
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون [ 7 \ 49 ] وقوله :
زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة [ 2 \ 212 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقرأ
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : إنهم هم الفائزون بكسر همزة إن ، وعلى قراءتهما فمفعول جزيتهم : محذوف ، أي : جزيتهم جنتي إنهم هم الفائزون ، وعلى هذه القراءة فإن لاستئناف الكلام ، وقرأ الباقون : أنهم هم الفائزون ، بفتح همزة أن ، وعلى قراءة الجمهور هذه فالمصدر المنسبك ، من أن وصلتها مفعول به لجزيتهم ، أي : جزيتهم فوزهم كما لا يخفى ، والفوز نيل المطلوب الأعظم .