الفرع الثالث : اعلم أن أظهر قولي أهل العلم عندي : أنه إذا أقر بزنى قديم قبل إقراره ، ولا يبطل الإقرار بأنه لم يقر إلا بعد زمن طويل ; لأن الظاهر اعتبار الإقرار مطلقا ، سواء تقادم عهده ، أو لم يتقادم ، وكذلك شهادة البينة ، فإنها تقبل ، ولو لم تشهد إلا بعد طول الزمن ; لأن عموم النصوص يقتضي ذلك ، لأنها ليس فيها التفريق بين تعجيل الشهادة وتأخيرها ، خلافا
لأبي حنيفة ومن وافقه في قولهم : إن الإقرار يقبل بعد زمن طويل والشهادة لا تقبل مع التأخير .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : وإن شهدوا بزنى قديم أو أقر به وجب الحد ، وبهذا
[ ص: 388 ] قال
مالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13760والأوزاعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
واسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور .
وقال
أبو حنيقة : لا أقبل بينة على زنى قديم وأحده بالإقرار به ، وهذا قول
ابن حامد ، وذكره
ابن أبي موسى مذهبا
لأحمد ، اهـ منه .
أما قبول
الإقرار بالزنا القديم ووجوب الحد به فلا وجه للعدول عنه بحال ; لأنه مقر على نفسه ، ولا يتهم في نفسه .
وأما
شهادة البينة بزنا قديم ، فالأظهر قبولها ، لعموم النصوص كما ذكرنا آنفا ، وحجة
أبي حنيفة ، ومن وافقه في رد شهادة البينة على زنا قديم ، هو أن تأخير الشهادة ، يدل على التهمة فيدرأ ذلك الحد .
وقال في " المغني " : ومن حجتهم على ذلك ما روي عن
عمر ، أنه قال : أيما شهود شهدوا بحد لم يشهدوا بحضرته فهم شهود ضغن ، ثم قال : رواه
الحسن مرسلا ، ومراسيل
الحسن ليست بالقوية ، اهـ منه .
وقد قدمنا الكلام مستوفى على مراسيل
الحسن ، والعلم عند الله تعالى .