[ ص: 189 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة آل عمران
قوله تعالى :
وما يعلم تأويله إلا الله ، يحتمل أن المراد بالتأويل في هذه الآية الكريمة التفسير وإدراك المعنى ، ويحتمل أن المراد به حقيقة أمره التي يئول إليها وقد قدمنا في مقدمة هذا الكتاب أن من أنواع البيان التي ذكرنا أن كون أحد الاحتمالين هو الغالب في القرآن . يبين أن ذلك الاحتمال الغالب هو المراد ; لأن الحمل على الأغلب أولى من الحمل على غيره . وإذا عرفت ذلك فاعلم أن الغالب في القرآن إطلاق التأويل على حقيقة الأمر التي يئول إليها كقوله :
هذا تأويل رؤياي من قبل [ 12 \ 100 ] ، وقوله :
هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويله الآية [ 10 \ 39 ] ، وقوله :
بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه ولما يأتهم تأويله [ 10 \ 39 ] ، وقوله :
ذلك خير وأحسن تأويلا [ 4 \ 59 ] ، إلى غير ذلك من الآيات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير الطبري : وأصل التأويل من آل الشيء إلى كذا إذا صار إليه ، ورجع يئول أو لا ، وأولته أنا صيرته إليه ، وقال : وقد أنشد بعض الرواة بيت
الأعشى :
[ الطويل ]
على أنها كانت تأول حبها تأول ربعي السقاب فأصحبا
قال : ويعني بقوله : تأول حبها مصير حبها ومرجعه ، وإنما يريد بذلك أن حبها كان صغيرا في قلبه فآل من الصغر إلى العظم ، فلم يزل ينبت حتى أصحب فصار قديما كالسقب الصغير الذي لم يزل يشب حتى أصحب ، فصار كبيرا مثل أمه . قال وقد ينشد هذا البيت :
[ الطويل ]
على أنها كانت توابع حبها توالي ربعي السقاب فأصحبا
اهـ . وعليه فلا شاهد فيه ، والربعي السقب الذي ولد في أول النتاج ، ومعنى أصحب انقاد لكل من يقوده ، ومنه قول
امرئ القيس :
[ المتقارب ]
ولست بذي رثية إمر إذا قيد مستكرها أصحبا
[ ص: 190 ] والرثية : وجع المفاصل ، والإمر : بكسر الهمزة وتشديد الميم مفتوحة بعدها راء ، هو الذي يأتمر لكل أحد ; لضعفه . وأنشد بيت
الأعشى المذكور
الأزهري و " صاحب اللسان " :
[ الطويل ]
ولكنها كانت نوى أجنبيه توالي ربعي السقاب فأصحبا
وأطالا في شرحه وعليه فلا شاهد فيه أيضا .