قوله تعالى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكا منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم بين - جل وعلا - في هذه الآية ، أنه لولا فضله ورحمته ، ما زكا أحد من خلقه ولكنه بفضله ورحمته يزكي من يشاء تزكيته من خلقه .
ويفهم من الآية أنه لا يمكن أحدا أن يزكي نفسه بحال من الأحوال ، وهذا المعنى الذي تضمنته هذه الآية الكريمة جاء مبينا في غير هذا الموضع كقوله تعالى :
[ ص: 485 ] ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء الآية [ 4 \ 49 ] ، وقوله تعالى :
هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة في بطون أمهاتكم فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى [ 53 \ 32 ] .
والزكاة في هذه الآية : هي الطهارة من أنجاس الشرك ، والمعاصي .
وقوله :
ولكن الله يزكي من يشاء [ 4 \ 21 ] أي يطهره من أدناس الكفر والمعاصي بتوفيقه وهدايته إلى الإيمان والتوبة النصوح والأعمال الصالحة .
وهذا الذي دلت عليه هذه الآيات المذكورة لا يعارضه قوله تعالى :
قد أفلح من زكاها [ 91 \ 9 ] ولا قوله :
قد أفلح من تزكى [ 87 \ 14 ] على القول بأن معنى تزكى تطهر من أدناس الكفر والمعاصي ، لا على أن المراد بها خصوص زكاة الفطر ، ووجه ذلك في قوله : من زكاها أنه لا يزكيها إلا بتوفيق الله وهدايته إياه للعمل الصالح ، وقبوله منه .
وكذلك الأمر في قوله :
قد أفلح من تزكى كما لا يخفى .
والأظهر أن قوله :
ما زكا منكم من أحد الآية [ 24 \ 21 ] : جواب لولا التي تليه خلافا لمن زعم أنه جواب لولا في قوله :
ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله رءوف رحيم الآية [ 24 \ 20 ] وقد تكرر في الآيات التي قبل هذه الآية حذف جواب لولا ، لدلالة القرائن عليه ،