تنبيهات تتعلق بهذه المسألة .
الأول : اعلم أن
المستأذن إن تحقق أن أهل البيت سمعوه لزمه الانصراف بعد الثالثة ; لأنهم لما سمعوه ، ولم يأذنوا له دل ذلك على عدم الإذن ، وقد بينت السنة الصحيحة عدم الزيادة على الثلاثة ، خلافا لمن قال من أهل العلم : إن له أن يزيد على الثلاث مطلقا ، وكذلك إذا لم يدر هل سمعوه أو لا ، فإنه يلزمه الانصراف بعد الثالثة ، كما أوضحنا أدلته ولم يقيد شيء منها بعلمه بأنهم سمعوه .
التنبيه الثاني : اعلم أن الذي يظهر لنا رجحانه من الأدلة ، أنه إن علم أن أهل البيت ، لم يسمعوا استئذانه لا يزيد على الثالثة ، بل ينصرف بعدها لعموم الأدلة ، وعدم تقييد شيء منها بكونهم لم يسمعوه خلافا لمن قال له الزيادة ، ومن فصل في ذلك ، وقال
النووي في شرح
مسلم : أما إذا استأذن ثلاثا ، فلم يؤذن له ، وظن أنه لم يسمعه ، ففيه ثلاثة مذاهب أشهرها أنه ينصرف ، ولا يعيد الاستئذان . والثاني : يزيد فيه . والثالث : إن كان بلفظ الاستئذان المتقدم لم يعده ، وإن كان بغيره أعاده ، فمن قال بالأظهر فحجته قوله - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009237 " : فلم يؤذن له فليرجع " ومن قال بالثاني حمل الحديث على من علم ، أو ظن أنه سمعه ، فلم يأذن والله أعلم .
والصواب إن شاء الله تعالى هو ما قدمنا من عدم الزيادة على الثلاث ; لأنه ظاهر النصوص ولا يجوز العدول عن ظاهر النص إلا بدليل يجب الرجوع إليه ، كما هو مقرر في الأصول .
[ ص: 499 ] التنبيه الثالث : قال بعض أهل العلم : إن
المستأذن ينبغي له ألا يقف تلقاء الباب بوجهه ولكنه يقف جاعلا الباب عن يمينه أو يساره ، ويستأذن وهو كذلك ، قال
ابن كثير : ثم ليعلم أنه ينبغي للمستأذن على أهل المنزل ألا يقف تلقاء الباب بوجهه ، ولكن ليكن الباب عن يمينه ، أو يساره لما رواه
أبو داود : حدثنا
مؤمل بن الفضل الحراني في آخرين ، قالوا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15550بقية بن الوليد ، حدثنا
محمد بن عبد الرحمن عن
عبد الله بن بشر قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009238 " : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه ، ولكن من ركنه الأيمن أو الأيسر ، ويقول " السلام عليكم : السلام عليكم " وذلك أن الدور لم يكن عليها يومئذ ستور ، انفرد به
أبو داود . وقال
أبو داود أيضا : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16544عثمان بن أبي شيبة ، ثنا
جرير ، ح ، وثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة ، ثنا
حفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
طلحة عن
هزيل قال : جاء رجل قال
عثمان :
سعد [ بن أبي وقاص ] ، فوقف على باب النبي - صلى الله عليه وسلم - يستأذن فقام على الباب ، قال
عثمان : مستقبل الباب ، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009239 " : هكذا عنك أو هكذا فإنما الاستئذان من النظر " ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف عن رجل عن
سعد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - رواه
أبو داود ، من حديثه انتهى من
ابن كثير ، والحديثان اللذان ذكرهما عن
أبي داود نقلناهما من سنن
أبي داود لأن نسخة
ابن كثير التي عندنا فيها تحريف فيهما .
وفيما ذكرنا دلالة على ما ذكرنا من أن المستأذن لا يقف مستقبل الباب خوفا أن يفتح له الباب ، فيرى من أهل المنزل ما لا يحبون أن يراه ، بخلاف ما لو كان الباب عن يمينه أو يساره فإنه وقت فتح الباب لا يرى ما في داخل البيت ، والعلم عند الله تعالى .