المسألة الثامنة : اعلم أن صاحب المنزل إذا أرسل رسولا إلى شخص ليحضر عنده ، فإن أهل العلم قد اختلفوا : هل يكون الإرسال إليه إذنا ; لأنه طلب حضوره بإرساله إليه ، وعلى هذا القول إذا
جاء منزل من أرسل إليه فله الدخول بلا إذن جديد اكتفاء بالإرسال إليه ، أو لا بد من أن يستأذن إذا أتى المنزل استئذانا جديدا ، ولا يكتفي بالإرسال ؟ وكل من
[ ص: 505 ] القولين قال به بعض أهل العلم ، واحتج من قال : إن الإرسال إليه إذن يكفي عن الاستئذان عند إتيان المنزل بما رواه
أبو داود في سننه : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، ثنا
حماد ، عن
حبيب ،
وهشام عن
محمد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009254 " : رسول الرجل إلى الرجل إذنه " ، حدثنا
حسين بن معاذ ، ثنا
عبد الأعلى ، ثنا
سعيد ، عن
قتادة ، عن
أبي رافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009255 " : إذا دعي أحدكم إلى طعام فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15110أبو علي اللؤلؤي : سمعت
أبا داود يقول :
قتادة لم يسمع من
أبي رافع شيئا ، اهـ من
أبي داود .
قال
ابن حجر في " فتح الباري " : وقد ثبت سماعه منه في الحديث الذي سيأتي في
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في كتاب التوحيد من رواية
nindex.php?page=showalam&ids=16043سليمان التيمي ، عن
قتادة : أن
أبا رافع حدثه ، اهـ .
ويدل لصحة ما رواه
أبو داود ، ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري تعليقا : باب إذا دعي الرجل فجاء هل يستأذن ؟ وقال
سعيد عن
قتادة ، عن
أبي رافع ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال " : هو إذنه " اهـ ، ومعلوم أن
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري لا يعلق بصيغة الجزم ، إلا ما هو صحيح عنده ، كما قدمناه مرارا . وقال
ابن حجر في " الفتح " : في حديث كون
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009254 " رسول الرجل إلى الرجل إذنه " ، وله متابع أخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في الأدب المفرد من طريق
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، بلفظ
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009254 " : رسول الرجل إلى الرجل إذنه " ، وأخرج له شاهدا موقوفا على
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، قال
" : إذا دعي الرجل فهو إذنه " ، وأخرجه
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة مرفوعا ، انتهى محل الغرض منه .
فهذه جملة أدلة من قالوا : بأن من دعي لا يستأذن إذا قدم .
وأما الذين قالوا : يستأذن إذا قدم إلى منزل المرسل ، ولا يكتفي بإرسال الرسول ، فقد احتجوا بما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في " صحيحه " : حدثنا
أبو نعيم ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16667عمر بن ذر ، وحدثني
محمد بن مقاتل ، أخبرنا
عبد الله ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16667عمر بن ذر ، أخبرنا
مجاهد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009257دخلت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد لبنا في قدح ، فقال " : أبا هر الحق أهل الصفة فادعهم إلي " ، قال : فأتيتهم فدعوتهم ، فأقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فدخلوا ، اهـ منه ، قال : هذا الحديث الصحيح صريح في أنه - صلى الله عليه وسلم - أرسل
أبا هر لأهل الصفة ، ولم يكتفوا بالإرسال عن الاستئذان ولو كان يكفي عنه لبينه صلى الله عليه وسلم ; لأنه لا يؤخر البيان عن وقت الحاجة .
ومن أدلة أهل هذا القول ظاهر عموم قوله تعالى :
[ ص: 506 ] لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا الآية ; لأن ظاهرها يشمل من أرسل إليه وغيره ، وقد جمع بعض أهل العلم بين أدلة القولين . قال
ابن حجر في " فتح الباري " : وجمع المهلب وغيره بتنزيل ذلك على اختلاف حالين إن طال العهد بين الطلب والمجيء احتاج إلى استئناف الاستئذان ، وكذا إن لم يطل لكن كان المستدعي في مكان يحتاج معه إلى الإذن في العادة ، وإلا لم يحتج إلى استئناف إذن ، وقال
ابن التين : لعل الأول فيمن علم أنه ليس عنده من يستأذن لأجله ، والثاني بخلافه . قال : والاستئذان على كل حال أحوط . وقال غيره : إن حضر صحبة الرسول أغناه استئذان الرسول ، ويكفيه سلام الملاقاة ، وإن تأخر عن الرسول احتاج إلى الاستئذان ، وبهذا جمع
nindex.php?page=showalam&ids=14695الطحاوي ، واحتج بقوله في الحديث " : فأقبلوا فاستأذنوا " فدل على أن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة لم يكن معهم ، وإلا لقال : فأقبلنا ، كذا قال ، اهـ كلام
ابن حجر . وأقربها عندي الجمع الأخير ، ويدل له الحديث المذكور فيه ، وقوله في حديث
أبي داود المتقدم : فجاء مع الرسول فإن ذلك له إذن ، والعلم عند الله تعالى .