قوله تعالى في كلام
فرعون لموسى :
وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين .
أبهم جل وعلا هذه الفعلة التي فعلها لتعبيره عنها بالاسم المبهم الذي هو الموصول في قوله : التي فعلت ، وقد أوضحها في آيات أخر ، وبين أن الفعلة المذكورة هي قتله نفسا منهم ; كقوله تعالى :
فوكزه موسى فقضى عليه [ 28 \ 15 ] وقوله تعالى :
قال رب إني قتلت منهم نفسا الآية [ 28 \ 33 ] وقوله عن الإسرائيلي الذي استغاث
بموسى مرتين : قال
ياموسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين [ 28 \ 19 ] .
وأظهر الأقوال عندي في معنى قوله :
وأنت من الكافرين ، أن المراد به كفر
[ ص: 89 ] النعمة ، يعني أنعمنا عليك بتربيتنا إياك صغيرا ، وإحساننا إليك تتقلب في نعمتنا فكفرت نعمتنا ، وقابلت إحساننا بالإساءة لقتلك نفسا منا ، وباقي الأقوال تركناه ; لأن هذا أظهرها عندنا .
وقال بعض أهل العلم :
رد موسى على فرعون امتنانه عليه بالتربية ، بقوله :
وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل [ 26 \ 25 ] يعني : تعبيدك لقومي ، وإهانتك لهم لا يعتبر معه إحسانك إلي لأني رجل واحد منهم ، والعلم عند الله تعالى .