قوله تعالى : قال رب إن قومي كذبون فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين . قوله تعالى هنا عن
نوح :
قال رب إن قومي كذبون ، أوضحه في غير هذا الموضع ; كقوله :
قال رب إني دعوت قومي ليلا ونهارا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا [ ص: 95 ] وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكبارا [ 71 \ 5 - 7 ] وقوله هنا :
فافتح بيني وبينهم فتحا ، أي : احكم بيني وبينهم حكما ، وهذا الحكم الذي سأل ربه إياه هو إهلاك الكفار ، وإنجاؤه هو ومن آمن معه ، كما أوضحه تعالى في آيات أخر ; كقوله تعالى :
فدعا ربه أني مغلوب فانتصر [ 54 \ 10 ] وقوله تعالى :
وقال نوح رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا [ 71 \ 26 ] إلى غير ذلك من الآيات . وقوله هنا عن
نوح :
ونجني ومن معي من المؤمنين ، قد بين في آيات كثيرة أنه أجاب دعاءه هذا ; كقوله هنا :
فأنجيناه ومن معه في الفلك المشحون ، وقوله تعالى :
فأنجيناه وأصحاب السفينة الآية [ 29 \ 15 ] وقوله تعالى :
ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون ونجيناه وأهله من الكرب العظيم [ 37 \ 75 - 76 ] والآيات بمثل ذلك كثيرة .
وقوله هنا :
ثم أغرقنا بعد الباقين ، جاء موضحا في آيات كثيرة ; كقوله تعالى :
فأخذهم الطوفان وهم ظالمون [ 29 \ 14 ] وقوله تعالى :
ولا تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون [ 11 \ 37 ] إلى غير ذلك من الآيات .
والمشحون : المملوء ، ومنه قول
عبيد بن الأبرص :
شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط
والفلك : يطلق على الواحد والجمع ، فإن أطلق على الواحد جاز تذكيره ; كقوله هنا :
في الفلك المشحون ، وإن جمع أنث ، والمراد بالفلك هنا السفينة ; كما صرح تعالى بذلك في قوله :
فأنجيناه وأصحاب السفينة الآية [ 29 \ 15 ] .