قوله تعالى :
وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون .
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أن الكفار إذا بعثوا يوم القيامة وأقسموا أنهم ما لبثوا غير ساعة يقول لهم الذين أوتوا العلم والإيمان ، ويدخل فيهم الملائكة والرسل ،
[ ص: 176 ] والأنبياء ، والصالحون : والله لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث ، فهذا يوم البعث ، ولكنكم كنتم لا تعلمون .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة جاء موضحا في سورة " يس " على أصح التفسيرين ، وذلك في قوله تعالى :
قالوا ياويلنا من بعثنا من مرقدنا [ 36 \ 52 ] .
والتحقيق أن هذا قول الكفار عن البعث ، والآية تدل دلالة لا لبس فيها ، على أنهم ينامون نومة قبل البعث ، كما قاله غير واحد ، وعند بعثهم أحياء من تلك النومة التي هي نومة موت يقول لهم الذين أوتوا العلم والإيمان :
هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون [ 36 \ 52 ] ، أي : هذا البعث بعد الموت ، الذي وعدكم الرحمن على ألسنة رسله ، وصدق المرسلون في ذلك ، كما شاهدتموه عيانا ، فقوله في " يس " :
هذا ما وعد الرحمن ، قول الذين أوتوا العلم والإيمان ، على التحقيق ، وقد اختاره ابن جرير ، وهو مطابق لمعنى قوله :
وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث الآية .
والتحقيق أن قوله هذا إشارة إلى ما وعد الرحمن وأنها من كلام المؤمنين ، وليست إشارة إلى المرقد في قول الكفار :
من بعثنا من مرقدنا هذا ، وقوله :
في كتاب الله ، أي : فيما كتبه وقدره وقضاه . وقال بعض العلماء : أن قوله :
هذا ما وعد الرحمن الآية ، من قول الكفار ، ويدل له قوله في " الصافات " :
وقالوا ياويلنا هذا يوم الدين هذا يوم الفصل الآية [ 37 \ 20 - 21 ] .