قوله تعالى : (
كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ) ضرب الله في هذه الآية المثل للمنافقين بأصحاب هذا المطر إذا أضاء لهم مشوا في ضوئه ، وإذا أظلم وقفوا ، كما أن المنافقين إذا كان القرآن موافقا لهواهم ورغبتهم عملوا به ، كمناكحتهم للمسلمين ، وإرثهم لهم ، والقسم لهم من غنائم المسلمين ، وعصمتهم به من القتل مع كفرهم في الباطن ، وإذا كان غير موافق لهواهم كبذل الأنفس ، والأموال في الجهاد في سبيل الله المأمور به فيه وقفوا وتأخروا . وقد أشار تعالى إلى هذا بقوله : (
وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه مذعنين ) [ 24 \ 48 ، 49 ] .
[ ص: 17 ] وقال بعض العلماء : (
كلما أضاء لهم مشوا فيه ) أي : إذا أنعم الله عليهم بالمال والعافية قالوا : هذا الدين حق ، ما أصابنا منذ تمسكنا به إلا الخير (
وإذا أظلم عليهم قاموا ) أي : وإن أصابهم فقر أو مرض أو ولدت لهم البنات دون الذكور قالوا : ما أصابنا هذا إلا من شؤم هذا الدين وارتدوا عنه . وهذا الوجه يدل له قوله تعالى : (
ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين ) [ 22 \ 11 ] .
وقال بعض العلماء : إضاءته لهم معرفتهم بعض الحق منه ، وإظلامه عليهم ما يعرض لهم من الشك فيه .