الفرع الثامن : اختلف أهل العلم فيما إذا كان
قطع تتابع الصوم لعذر كمرض ونحوه ، فقال بعض أهل العلم : إن كان قطع التتابع لعذر ، فإنه لا يقطع حكم التتابع ، وله أن يبني على ما صام قبل حصول العذر ، وهذا مذهب
أحمد .
قال في " المغني " : وروي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ،
والحسن ،
وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ،
ومجاهد ،
ومالك ،
وإسحاق ،
وأبو عبيد ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي في القديم . وقال في الجديد : ينقطع التتابع ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
والنخعي ،
والحكم ، nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ، وأصحاب الرأي قالوا : لأنه أفطر بفعله فلزمه الاستئناف .
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له : الأظهر عندي في هذا الفرع أن
قطع تتابع صوم كفارة الظهار بلا إفطار في أثناء الشهرين إن كان لسبب لا قدرة له على التحرز عنه ، كالمرض الشديد الذي لا يقدر معه على الصوم أنه يعذر في ذلك ولا ينقطع حكم التتابع ; لأنه لا قدرة له على التحرز عن ذلك ، والله جل وعلا يقول :
لا يكلف الله نفسا إلا وسعها [ 2 \ 286 ] ، ويقول :
فاتقوا الله ما استطعتم [ 64 \ 16 ] ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1007851إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " ، وإن كان يمكنه التحرز عن الإفطار الذي قطع به
[ ص: 222 ] التتابع كالإفطار للسفر في أثناء صوم الكفارة ، وكما لو كان ابتداء صومه الكفارة من شعبان ، لأن شهره الثاني رمضان ، وهو لا يمكن صومه عن الكفارة ، وكما لو ابتدأ الصوم في مدة يدخل فيها يوم النحر أو يوم الفطر أو أيام التشريق ، فإن التتابع ينقطع بذلك ; لأنه قادر على التحرز عن قطعه بما ذكر لقدرته على تأخير السفر عن الصوم كعكسه ، ولقدرته أيضا على الصوم في مدة لا يتخللها رمضان ، ولا العيدان ، ولا أيام التشريق ، كما لا يخفى . وإذا قطع التتابع بإفطار هو قادر على التحرز عنه بما ذكر ، فكونه يستأنف صوم الشهرين من جديد ظاهر ; لقوله تعالى :
فصيام شهرين متتابعين [ 58 \ 4 ] ، وقد ترك التتابع مع قدرته عليه ، هذا هو الأظهر عندنا ، والعلم عند الله تعالى .