الفرع الثاني عشر أجمع العلماء على أن
المظاهر إن لم يستطع الصوم انتقل إلى الإطعام ، وهو إطعام ستين مسكينا ، وقد نص الله تعالى على ذلك بقوله :
فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا [ 58 \ 4 ] .
ومن الأسباب المؤدية إلى العجز عن الصوم الهرم وشدة الشبق ، وهو شهوة الجماع التي لا يستطيع صاحبها الصبر عنه ، ومما يدل على أن الهرم من الأسباب المؤدية للعجز عن الصوم ، ما جاء في قصة
أوس بن الصامت الذي نزلت في ظهاره من امرأته آية الظهار ، ففي القصة من حديث
خولة بنت مالك بن ثعلبة التي ظاهر منها زوجها
أوس بن الصامت ، ونزل في ذلك قوله تعالى :
قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الآيات [ 58 \ 1 ] ، قال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009347يعتق رقبة " يعني زوجها
أوسا قالت : لا يجد ، قال : "
يصوم شهرين متتابعين " ، قالت : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام ، قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009349فليطعم ستين مسكينا " الحديث ، ومحل الشاهد منه أنها لما قالت له : إنه شيخ كبير اقتنع - صلى الله عليه وسلم - بأن ذلك عذر في الانتقال عن الصوم إلى الإطعام ، فدل على أنه سبب من أسباب العجز عنه ، والحديث وإن تكلم فيه ، فإنه لا يقل بشواهده عن درجة الاحتجاج .
[ ص: 225 ] وأما الدليل على أن شدة الشبق عذر ، كذلك هو ما جاء في حديث
سلمة بن صخر الذي تكلمنا عليه سابقا في هذا المبحث ، أنه قال : كنت امرأ قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري ، فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقا من أن أصيب في ليلتي شيئا فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار ، الحديث . وفيه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009350فصم شهرين متتابعين " ، قال : قلت : يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهل أصابني ما أصابني إلا في الصوم ؟ قال : " فتصدق " . ومحل الشاهد منه أنه لما قال له : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1009351صم شهرين " ، أخبره أن جماعه في زمن الظهار إنما جاءه من عدم صبره عن الجماع ; لأنه ظاهر من امرأته خوفا من أن تغلبه الشهوة ، فيجامع في النهار ، فلما ظاهر غلبته الشهوة فجامع في زمن الظهار ، فاقتنع - صلى الله عليه وسلم - بعذره ، وأباح له الانتقال إلى الإطعام ، وهذا ظاهر .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13439ابن قدامة في " المغني " : بعد أن ذكر أن الهرم والشبق كلاهما من الأسباب المؤدية للعجز عن الصوم ، للدليل الذي ذكرنا آنفا ، وقسنا عليهما ما يشبههما في معناهما .