[ ص: 276 ] بسم الله الرحمن الرحيم
سورة فاطر
قوله تعالى :
الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع الآية .
الألف واللام في قوله : الحمد لله ، للاستغراق ، أي :
جميع المحامد ثابت لله جل وعلا ، وقد أثنى جل وعلا على نفسه بهذا الحمد العظيم معلما خلقه في كتابه أن يثنوا عليه بذلك ، مقترنا بكونه
فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا ، وذلك يدل على أن خلقه للسماوات والأرض ، وما ذكر معه يدل على عظمته ، وكمال قدرته ، واستحقاقه للحمد لذاته لعظمته وجلاله وكمال قدرته ، مع ما في خلق السماوات والأرض من النعم على بني آدم فهو بخلقهما مستحق للحمد لذاته ، ولإنعامه على الخلق بهما ، وكون خلقهما جامعا بين استحقاق الحمدين المذكورين ، جاءت آيات من كتاب الله تدل عليه . أما كون ذلك يستوجب حمد الله لعظمته وكماله ، واستحقاقه لكل ثناء جميل ، فقد جاء في آيات من كتاب الله تعالى ; كقوله تعالى في أول سورة " الأنعام " :
الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور الآية [ 6 \ 1 ] ، وقوله في أول سورة " سبأ " :
الحمد لله الذي له ما في السماوات وما في الأرض الآية [ 34 \ 2 ] ، وقوله تعالى في أول سورة " الفاتحة " :
الحمد لله رب العالمين [ 1 \ 2 ] . وقد قدمنا أن قوله : رب العالمين ، بينه قوله تعالى :
قال فرعون وما رب العالمين قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين [ 26 \ 23 - 24 ] ، وكقوله تعالى :
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين [ 37 \ 181 - 182 ] ، وقوله :
وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين . [ 39 \ 75 ]
وأما
استحقاقه للحمد على خلقه بخلق السماوات والأرض ، لما في ذلك من إنعامه على بني آدم ، فقد جاء في آيات من كتاب الله ، فقد بين تعالى أنه أنعم على خلقه ، بأن
[ ص: 277 ] سخر لهم ما في السماوات وما في الأرض في آيات من كتابه ; كقوله تعالى :
وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه [ 45 \ 13 ] ، وقوله تعالى :
وسخر لكم الشمس والقمر دائبين الآية [ 14 \ 33 ] ، وقوله تعالى :
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره ألا له الخلق والأمر تبارك الله رب العالمين [ 7 \ 54 ] .
وقد قدمنا الآيات الموضحة لمعنى تسخير ما في السماوات لأهل الأرض في سورة " الحجر " ، في الكلام على قوله تعالى :
وحفظناها من كل شيطان رجيم الآية [ 15 \ 17 ] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
جاعل الملائكة رسلا ، قد قدمنا الآيات الموضحة له في سورة " الحج " ، في الكلام على قوله تعالى :
الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس [ 22 \ 75 ] .
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة :
فاطر السماوات والأرض ، أي : خالق السماوات والأرض ، ومبدعهما على غير مثال سابق .
وقال
ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة : قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ، عن
إبراهيم بن مهاجر ، عن
مجاهد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس رضي الله عنهما ، قال : كنت لا أدري ما فاطر السماوات والأرض ، حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر ، فقال أحدهما لصاحبه : أنا فطرتها ، أي : بدأتها .