قوله تعالى :
إنا كذلك نفعل بالمجرمين إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون الآية [ 37 \ 34 - 35 ] .
بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أن ذلك العذاب الذي فعله بهؤلاء المعذبين ،
[ ص: 312 ] المذكورين في قوله تعالى :
إنا لذائقون [ 37 \ 31 ] ، أي : العذاب الأليم . وقوله تعالى :
فإنهم يومئذ في العذاب مشتركون [ 37 \ 33 ] ، أنه يفعل مثله من التعذيب والتنكيل بالمجرمين ، والمجرمون جمع مجرم ، وهو مرتكب الجريمة وهي الذنب الذي يستحق صاحبه عليه التنكيل الشديد ، ثم بين العلة لذلك التعذيب ; لأنها هي امتناعهم من كلمة التوحيد التي هي لا إله إلا الله ، إذا طلب منهم الأنبياء وأتباعهم أن يقولوا ذلك في دار الدنيا . فلفظة إن في قوله تعالى :
إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون ، من حروف التعليل ; كما تقرر في الأصول في مسلك الإيماء والتنبيه .
وعليه فالمعنى :
كذلك نفعل بالمجرمين لأجل أنهم كانوا في دار الدنيا ، إذا قيل لهم :
لا إله إلا الله يستكبرون ، أي : يتكبرون عن قبولها ولا يرضون أن يكونوا أتباعا للرسل .
وهذا المعنى الذي دلت عليه هذه الآية الكريمة ، من كون ذلك هو
سبب تعذيبهم بالنار ، دلت عليه آيات ; كقوله تعالى مبينا دخولهم النار :
ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير [ 40 \ 12 ] ، وقوله تعالى في ذكر صفات الكفار وهم أهل النار :
وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون [ 39 \ 45 ] .