قوله تعالى :
أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار . أم في قوله : أم نجعل الذين ، وقوله : أم نجعل المتقين ، كلتاهما ، منقطعة وأم المنقطعة ، فيها لعلماء العربية ثلاثة مذاهب :
الأول : أنها بمعنى همزة استفهام الإنكار .
الثاني : أنها بمعنى بل الإضرابية .
والثالث : أنها تشمل معنى الإنكار والإضراب معا ، وهو الذي اختاره بعض المحققين .
وعليه فالإضراب بها هنا انتقالي لا إبطالي ووجه الإنكار بها عليهم واضح ; لأن
[ ص: 344 ] من ظن بالله الحكيم الخبير ، أنه يساوي بين الصالح المصلح ، والمفسد الفاجر ، فقد ظن ظنا قبيحا جديرا بالإنكار .
وقد بين جل وعلا هذا المعنى ، في غير هذا الموضع ، وذم حكم من يحكم به ، وذلك في قوله تعالى في سورة الجاثية :
أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون [ 45 \ 21 ] .