قوله تعالى :
وما يتذكر إلا من ينيب . ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة ، أن الناس ما يتذكر منهم ، أي : ما يتعظ بهذه الآيات المشار إليها في قوله :
هو الذي يريكم آياته وينزل لكم من السماء رزقا وما يتذكر إلا من ينيب أي : من رزقه الله الإنابة إليه .
والإنابة : الرجوع عن الكفر والمعاصي ، إلى الإيمان والطاعة .
وهؤلاء المنيبون ، المتذكرون ، المتعظون ، هم أصحاب العقول السليمة من شوائب الاختلال ، المذكورون في قوله تعالى في أول سورة آل عمران :
وما يذكر إلا أولو الألباب [ 3 \ 7 ] وفي قوله تعالى في سورة
إبراهيم :
وليعلموا أنما هو إله واحد وليذكر أولو الألباب [ 14 \ 52 ]
[ ص: 379 ] إلى غير ذلك من الآيات .
وقد دلت آية المؤمن هذه ، وما في معناها من الآيات ، على أن غير أولي الألباب المتذكرين المذكورين آنفا ، لا يتذكر ولا يتعظ بالآيات ، بل يعرض عنها أشد الإعراض .
وقد جاء هذا المعنى موضحا في آيات كثيرة من كتاب الله ، كقوله تعالى :
وكأين من آية في السماوات والأرض يمرون عليها وهم عنها معرضون [ 12 \ 105 ] . وقوله تعالى :
وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر [ 54 \ 2 ] وقوله :
وإذا رأوا آية يستسخرون [ 37 \ 14 ] .
وقوله تعالى :
قل انظروا ماذا في السماوات والأرض وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون [ 10 \ 101 ] وقوله :
وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين [ 36 \ 46 ] في الأنعام ويس إلى غير ذلك من الآيات .